التحليل النفسى للقتل الجماعى والحرق
عكف أغلب الباحثين والعلماء في مجال علم النفس السياسي على التحليل النفسي للمنظمات الإرهابية وتنظيمات الإسلام السياسي خاصة الإخوان والقاعدة والسلفيين ومحاولة المقارنة النفسية بينهم وبين المنظمات الإجرامية كالمافيا الإيطالية والروسية والألوية الحمراء وكيف تختار هذه المنظمات رجالها وأفرادها.
اختيار الأفراد
تغير منذ بداية القرن الواحد والعشرين وأصبح مبنيا على أسس علمية وتدخل علماء وأطباء نفس ينتمون فكريا لهذه المنظمات ولديهم القدرة على استخدام أحدث أساليب المخ وهناك مجموعة من أطباء النفس تم شراؤهم ماديا عن طريق هذه المنظمات بجانب أجهزة مخابرات.
معايير الاختيار
• لم يعد عنصرا الفقر والجهل هما معيار الاختيار لقد انتهى هذا وأصبح عنصرا التعليم والغنى هما المعيار الآن والنموذج لهذا أسامة بن لادن وأيمن الظواهري ومحمد عطا والآن داعش أغلب الشباب الذين يتم اختيارهم على درجة عالية من التعليم وإتقان العديد من اللغات مع الوضع المادي الجيد ولكنه يخترق هؤلاء الشباب عن طريق ضحالة أو غياب الثقافة الدينية لديهم. بجانب استخدام المخدرات والجنس في ترغيب الشباب للانضمام إليهم.
• الذكاء الاجتماعي لدى هؤلاء الشباب وقدرتهم على جذب أشخاص للانضمام إليهم وعمل شبكات واسعة ودوائر اتصالات كبيرة.
•ولع هؤلاء الشباب بالمغامرة والعنف والتحرر من القيود هناك اختبارات نفسية حديثة تحدد الشخصية المغامرة بسهولة.
•اختيار شخصيات سيكوباتية ضد المجتمع ليس لديهم اهتمام بمشاعر الآخرين ويتلذذون بتعذيب الآخرين.
•اختيار شباب فاقد للهوية أو الانتماء ويحتاج إلى الانتماء إلى أي كيان حتى لو كان هذا الكيان تخريبيا.
كيفية التوظيف
•هناك قادة وأتباع القادة يتم تدريبهم على يد أجهزة المخابرات ويأخذون كورسات مختلفة، والقادة يتم اختيارهم عن طريق اختبارات نفسية عديدة والتعرض للعديد من المواقف تحت الضغط وكيفية التخلص منها بجانب الولاء الشديد للفكرة والاقتناع بها.
•غسيل المخ هو ما يتم التعامل به مع الأتباع ومن يفشل يتم التخلص منه وتصفيته معنويا وجعله يصل لمرحلة الانتحار أي يتخلص من نفسه بنفسه وهذه الطريقة الجديدة للتصفية، فلم تتعود هذه المنظمات على طريقة التصفية الجسدية التي تستهلك وقتا ومجهودا وتجعل المنظمة قابلة للاختراق لأن أي جريمة قتل يتم التحقيق فيها أما جرائم الانتحار فتغلق سريعا.
هذا تلخيص لما ذكرته دراسة التناول الإعلامي والتحليل لداعش والتنظميات الإرهابية في ورقة بحثية أجراها أستاذ علم نفسي سياسي في جامعة بيركلي وخبير متخصص في شئون الإرهاب والأمن القومي ومحلل سابق في المخابرات الأمريكية في شئون الشرق الأوسط على التناول الإعلامي والتحليل النفسي لداعش من عام 2013-2014 وقد رفعت الدراسة تقارير مكونة من 1400 صفحة للبيت الأبيض والكونجرس.
فالدراسة رصدت واخترقت داعش ولكنها لم توضح كيفية الاختراق وتم التلميح أنه تم الاختراق عن طريق تتبع نشاطات وتقارير مجموعة من عملاء المخابرات الأمريكية والعربية في دول الخليج وبعد ذلك تم تحليل هذه التقارير، بالطبع الدراسة لم تذكر التفاصيل الدقيقة ولكنها اكتفت بنشر ملخص التقرير في نحو 10 صفحات.
استنتجت الدراسة أن التناول الإعلامي لداعش والتضخيم منها وتصوير رءوس الجثث وعمليات الذبح والمواكب والإعلام والرايات يحفز للأسف الشباب على الانضمام ويلقي الرعب في قلوب من يواجههم وهو نوع من الحرب النفسية وتتعمد هذه المنظمات تصدير هذه الصور عن طريق اختراق العديد من دوائر الإعلام خصوصا الإعلام الإلكتروني ووسائل التواصل الاجتماعي وهذا يعتبر تطبيقا حديثا لحروب الجيل الرابع والحروب النفسية.
لذا يجب
•الامتناع عن أي بث لأخبار تتعلق بداعش وأي انتصارات وعمليات كبيرة لها
•حذف جميع الفيديوهات المصورة لها على اليوتيوب وتتبع من يشارك في رفع الفيديوهات
• تثقيف ديني سياسي صحيح على أساس علمي ومنهجي للتغيير فى المفاهيم والسلوكيات
بعد التكلم بشكل منهجي واستعانتنا بدراسة حديثة بجانب دراسات أخرى ومراجع في علم النفس السياسي والحروب النفسية. نأتي إلى التطبيق على الأرض وتحليل نفسي لحادث أحدث ضجة وهزة في العالم أجمع وهو:
حادثة حرق الطيار الأردني معاذ الكساسبة حيا وبث المشهد.
فكرة القتل حرقا وبث المشهد تعود لقديم الأزل فأشهر محاولة للقتل حرقا كانت قصة سيدنا إبراهيم والمفارقة هنا أنها حدثت على أرض الرافدين بالقرب من المكان الذي حرق فيه الشهيد معاذ الكساسبة.
قَالُوا حَرِّقُوهُ وَانْصُرُوا آَلِهَتَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ فَاعِلِينَ (68) قُلْنَا يَا نَارُ كُونِي بَرْدًا وَسَلَامًا عَلَى إِبْرَاهِيمَ (69) وَأَرَادُوا بِهِ كَيْدًا فَجَعَلْنَاهُمُ الْأَخْسَرِينَ (70)} سورة الأنبياء الجزء السابع عشر.
هذا هو التأصيل التاريخي يا عزيزي، وليس كما قالوا ونسبوا قصصا وروايات لسيدنا أبو بكر وسيدنا خالد بن الوليد.
فتخيل إن بحثنا في نسب وشجرة عائلة من قام بتنفيذ وبث فيديو الحرق سوف نجد أنهم أحفاد النمرود وورثوا جينات العنف والحرق. فأغلب دراسات الطب النفسي الحديثة ترتبط بين السلوكيات والجينات وأثبت روبرت كلونجيير أستاذ الطب النفسي والبيولوجي والجينات في جامعة واشنطن أن جينات العنف والجريمة تورث ويمكن أن تنتقل عبر الأجيال وأجريت العديد من الأبحاث المعقدة باستخدام الرنين المغناطيسي الوظيفي وتحليل الجينات لبعض مرتكبي الجريمة وتتبع تاريخهم العائلي وتاريخ ارتكاب الجرائم في أسرهم.
كان هدف النمرود هو القضاء على سيدنا إبراهيم وأن يجعل منه عظة لكل من يفكر في اتباعه.
لكن ما هو الدافع وراء بث مشهد الحرق. الهدف منه كان معرفة رد الفعل على الرأي العام وكيف سوف يتفاعل الإعلام العربي والغربي مع الموضوع فهذه المنظمات الإرهابية كما قلنا من الدراسات والتحليل النفسي من خلال أطباء نفسيين يعملون في وحدة البحوث النفسية في المخابرات الأمريكية وقد أنشأ هذه الوحدة جيرولد بوست. جيرولد بوست أستاذ الطب النفسي في هارفارد ومؤسس مدرسة علم النفس السياسي الحديث في الثمانينات وغير المفهوم تماما عن الطبيب النفسي.
وأكدوا أن الرسالة الأساسية التي يعلنها الفيديو الداعشي هي عجز جميع الحكومات عن التصدي لهم، مشيرا إلى ضرورة الأخذ في الاعتبار أن هذا الفيديو من الممكن أن يكون تمويها لعملية إرهابية أكبر ينوون القيام بها.
وأشاروا إلى خطورة بث الفيديوهات الخاصة بداعش لأنها تنمي بداخلهم الرغبة في زيادة حدة العنف بهدف الحصول على مزيد من الشهرة، فضلا عن كونها تغري الشباب المتعطشين للدماء للانضمام إليهم.
نأتي إلى الفيديو الثاني وهو نحر واحد وعشرين مواطنا مصريا، وأكرر "مصريا" لأن السيكوباتي والقاتل المحترف لا يفرق بين مسلم ومسيحي. آخر المعلومات التي حصلت عليها من خلال دراسة أجراها مركز لدراسات الإرهاب في هولندا عن أن عدد الأجانب غير المسلمين المنضمين لداعش وصل إلى 1500 شخص ومنهم إسبان وأمريكان ومن السويد والدنمارك والنرويج وألمانيا ووظيفة هؤلاء في المنظمة هي العمليات القذرة والقتل الجماعي، والذي يلاحظ الفيديو يجد أن أجسام الملثمين بها ضخامة وطول وهذه ليست طبيعة أجسام البلاد العربية والشرق الأوسط. إنما طبيعة بلاد الإسكندنافية وألمانيا ومنهم محاربو الفايكينج. إذن فالهدف من الرسالة إلصاق التهمة بالإسلام وإشعال حرب دينية وفتن داخلية وهذا أيضا من ضمن آليات حروب الجيل.