شكرى: الخريطة العربية ملتهبة.. دولنا أرض خصبة للإرهاب.. فلسطين على رأس أولوياتنا.. التعاطى الدولى مع سوريا مرفوض.. لا سكوت على الوضع الليبى.. اليمن مهدد.. العراق مأزوم.. والحمل ثقيل وسنتجاوزه
قال سامح شكرى، وزير الخارجية، إن الدول العربية تواجه ظروفا استثنائية وتحديات غير مسبوقة، مشيرًا إلى أن خريطة الواقع العربى مكتظة بالبؤر الملتهبة.
وأوضح خلال كلمته أمام اجتماع مجلس جامعة الدول العربية في دور انعقاده العادي الثالث والأربعين بعد المائة، أن البيئة المضطربة وفرت في عدد من الدول العربية أرضًا خصبة لنمو التطرف والإرهاب في ظل تفكك مؤسسات الدولة وغياب دورها جزئيًا أو كليًا.
مرحلة دقيقة
وركز على أن المرحلة الراهنة مرحلة دقيقة كل الدقة، والتحديات شاخصة واضحة لا تحتاج إلى استرسال في التوصيف قدر الحاجة إلى الغوص في المسببات للتصدى لها.
وشدد على أن الدول العربية تحتاج إلى بذل الكثير من الجهود للقضاء على الجهل، والفقر، وتفشى الأفكار الظلامية، كما تحتاج إلى العمل بشتى الطرق لترسيخ مفهوم الدولة المدنية وقيم المواطنة في مجتمعاتنا العربية.
تفعيل المؤسسات الدينية
وطالب بتفعيل دور المؤسسات الدينية لتوجيه الدفة نحو الفهم السليم لغايات الدين الحقيقية، ونحتاج إلى تطوير الخطاب الدينى تعزيزًا للوعى بصحيح الأديان السماوية ومقاصدها السامية من سماحة ورحمة وقبول للآخر.
القضية الفلسطينية
وأضاف: ستظل القضية الفلسطينية على رأس أولويات العمل العربى المشترك لا تبرح مكانها، وسيظل التأييد المصرى التاريخى قائمًا حتى يحصل الشعب الفلسطينى على كامل حقوقه المشروعة والثابتة في كل مقررات الشرعية الدولية، وعلى رأسها إقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية.
وأكد على أن على مصر ضرورة رفع الحصار عن قطاع غزة الذي يعانى من أزمة إنسانية طاحنة ينذر استمرارها باحتمالات تفجر الوضع مجددًا، مجددًا دعوته للمجتمع الدولى للضغط على إسرائيل لتتحمل مسئولياتها تجاه الوضع الإنسانى المتأزم في قطاع غزة باعتبارها السلطة القائمة بالاحتلال.
واستطرد: أجد مناسبًا في هذا السياق أن نجدد دعوتنا إلى الدول المانحة إلى الوفاء بالتزاماتها التي تعهدت بها خلال مؤتمر "إعادة إعمار غزة" المنعقد بالقاهرة في أكتوبر الماضى.
تصور عربى بسوريا
وحول الوضع في سوريا قال شكرى: إنه لم يعد القبول بوتيرة التعاطى الدولى أو الإقليمى مع ما يدور في سوريا منطقيًا، إن الحاجة مُلحة للتعاون والتنسيق ولاعتماد تصور عربى يفضى إلى إجراءات جدية لإنقاذ سوريا وصون أمن المنطقة، مشيرًا إلى أن مصر بادرت بدعم من أشقائها العرب في العمل مع القوى الوطنية السورية المعارضة نحو توحيد كلمتها وصولًا إلى طرح الحل السياسي المنشود ونتطلع في هذا الصدد إلى المؤتمر الموسع لقوى المعارضة الوطنية السورية الشهر المقبل في القاهرة والذي يصب في هدف تحقيق الحل السياسي الذي يحقق تطلعات وطموحات الشعب السورى في نظام ديمقراطى تعددى يكون وقاية من سيطرة الإرهاب والتطرف في سوريا والمنطقة.
لا سكوت على الوضع الليبي
إن انعكاس ما يجرى في ليبيا على مصر وأمنها لا يخفى على أحد، وقد شاهدتم جميعًا ما لقاه عدد من المواطنين المصريين من مصير مأساوي على الأراضى الليبية مؤخرًا، فما يحدث في هذا البلد الجار لا يمكن السكوت عليه بأى حال من الأحوال، واسمحوا لى في هذا المقام أن أعيد التأكيد على موقف مصر، والذي كان واضحًا لا لبس فيه في بياننا أمام مجلس الأمن خلال الجلسة المنُعقدة مؤخرًا بشأن تطورات الأوضاع في ليبيا.
نحترم إرادة الشعب الليبى
وأضاف: نحترم إرادة الشعب الليبى في تقرير مصيره ومستقبله، وكان هذا مبعث تأييدنا لمجلس النواب المنتخب والحكومة المنبثقة عنه.
ودعا إلى تقديم كافة أشكال الدعم والمساندة لهذه الحكومة الشرعية دون إبطاء أو شرط لتتمكن من بسط سيطرتها وسيادتها على كامل الأراضى الليبية وبما يفعل دورها في مكافحة الإرهاب المستفحل هناك.
وأشار إلى أنه في الوقت ذاته تدعم مصر بكل قوة الحلول السياسية المطروحة من قبل الأمم المتحدة بين القوى السياسية الرافضة للعنف والإرهاب، وقد أوفدنا سفيرنا لدى ليبيا إلى الحوار القائم في المغرب الشقيق لدعم المبعوث الدولى "برناردينو ليون" في مسعاه لمساعدة الليبيين على تشكيل حكومة وحدة وطنية في ليبيا.
الوضع اليمنى واستقرار المنطقة
ونوه إلى التهديدات الضخمة لوحدة واستقرار اليمن، مشيرًا إلى أن الأمر الذي يلقى بتبعات خطيرة على أمن واستقرار المنطقة العربية بأسرها، بل ربما يتعداه لتهديد الأمن والسلم الدوليين، إن اليمن يواجه تحديات متعددة والضرورة قصوى لفعل كل من يمكن لمساعدته، وجذبه بعيدًا عن حافة الهاوية.
وأوضح أن الموقف المصرى من الأزمة باليمن يستند إلى ضرورة تقديم كافة أشكال الدعم للحفاظ على وحدة وأمن واستقرار اليمن، وحتى يتحقق للشعب اليمنى الشقيق كل ما يصبو إليه من حرية وديمقراطية وعدالة اجتماعية وليتمكن من تحقيق التنمية الشاملة التي يسعى إليها ويستحقها.
وأضاف: إننا نعيد التأكيد على دعمنا لمؤسسات ورموز الدولة الشرعية وأهمية اضطلاعها بمسئولياتها القومية من أجل الحفاظ على وحدة الأراضى اليمنية ومصالح شعب اليمن العزيز، كما نشدد على أهمية التزام جميع الأطراف السياسية بمواصلة المشاورات السياسية برعاية الأمم المتحدة على أساس المبادرة الخليجية وآلياتها التنفيذية ومخرجات الحوار الوطنى واتفاق السلم والشراكة الوطنية وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة.
نجاح العراق
وقال: إنه يجب تقديم المساندة وإن نجاح العراق الشقيق في إتمام الاستحقاقات الدستورية والتي تم تتويجها بتأليف الحكومة الجديدة يستدعى منا تقديم المساندة للخطوات الإيجابية التي شرعت هذه الحكومة في تبنيها بغية ترميم علاقاتها مع دول الجوار العربى، مضيفًا: كما نأمل – في الوقت ذاته – أن تتمكن الحكومة العراقية من الوفاء بمقتضيات الوفاق والمصالحة بين مختلف مكونات الشعب العراقى وصولًا إلى إحياء مفهوم الدولة الوطنية بعيدًا عن أي اصطفاف فرعى، معولين على جهودها الرامية إلى استعادة سيطرتها على كامل ترابها الوطنى بما يمكنها من دحر التنظيمات الإرهابية المتطرفة.
الأمن القومى الجماعى
وركز على أنه لا يمكن الحديث عن التحديات التي تواجه الأمن القومى الجماعى دون التأكيد مجددًا وبقوة على ثوابت الموقف العربى حيال موضوع إخلاء منطقة الشرق الأوسط من السلاح النووى أسلحة الدمار الشامل، خاصة في ظل استمرار غياب التوازن في الالتزامات في المجال النووى بين كافة دول المنطقة من جانب، وبين دولة واحدة من جانب آخر.
وأضاف: ما زالت إسرائيل الدولة الوحيدة في الشرق الأوسط التي ترفض الانضمام لمعاهدة منع انتشار الأسلحة النووية، وما زالت ترفض إخضاع ترسانتها النووية لنظام الضمانات الشاملة للوكالة الدولية للطاقة الذرية، دون توافر مبررات منطقية لهذا الموقف الغريب الذي لا يمكن القبول به.
وأعرب عن القلق العميق تجاه ما لمسناه من عدم احترام عدد كبير من الدول لما يتم التوصل إليه من نتائج في مؤتمرات مراجعة معاهدة عدم الانتشار وآخرها مؤتمر عام 2010 بشكل بات يُهدد مصداقية المعاهدة نفسها.
وأشار إلى أنه فى ضوء قرب انعقاد مؤتمر عام 2015 لمراجعة المعاهدة، فإن الأولوية الآن لتضافر جهودنا لصياغة موقف عربى موحد لإعادة طرح رؤيتنا بشكل مفصل حول كيفية عقد مؤتمر حول المنطقة الخالية من السلاح النووى وأسلحة الدمار الشامل في الشرق الأوسط.
الحمل ثقيل
واختتم كلمته قائلًا: إن الحمل ثقيل، والمهمة صعبة، والمسئولية جسيمة، وإنا إن شاء الله لقادرون على تجاوز هذه المرحلة الفارقة من تاريخ أمتنا العربية لنمضى في طريقنا إلى مستقبل أفضل يتحقق فيه لشعوبنا ما تتوق إليه من حرية وكرامة وعدالة اجتماعية ونهضة وتقدم ورخاء واستقرار.