رئيس التحرير
عصام كامل

حالة الطوارئ.. بعد المؤتمر الاقتصادي!


بعد ساعات من حادث المنشية ورغم غموض الحادث ورغم ضعف الإمكانيات وقتها على كل الأصعدة، وخصوصا في تكنولوجيا الاتصالات ووسائل البحث الجنائي، إلا أنه وبعد ساعات من محاولة اغتيال جمال عبد الناصر في المنشية عام 54 ومن القبض على منفذ المحاولة محمود عبد اللطيف، كان "هنداوي دوير ومنير الدلة" وكل المخططين والمنفذين وكل من له صلة من قريب أو من بعيد بالحادث في قبضة الأمن!


أما في المؤامرة الكبرى والأخطر عام 65 الشهيرة إعلاميا بتنظيم سيد قطب، فقد لعبت العناية الإلهية دورها.. فالتحريات تقول إن أحد الإخوان اعتاد على زيارات ولقاءات بأشخاص لهم اتصال سابق - سابق - بالإخوان.. فتم القبض عليه على الفور.. وهذا ليس مهما.. فالمهم ما هو قادم.. إذ سأله المحقق عن أسماء أسرته في سؤال بيروقراطي تقليدي يبدأ به المحققون استجواباتهم..

فجاءت الإجابة على غير ما توقع وعلى خلاف المعلومات.. كان المحقق يسأل عن والد وأم وأشقاء المتهم.. والمتهم راح على الفور يذكر أسماء أسرته في الإخوان!.. أي أعضاء الخلية السرية التي ينتمي إليها.. لم يرد وكيل النيابة أن يستوقفه بل تركه يتكلم وكان ذلك أول خيوط التنظيم الخطير الذي أعد لاغتيال جمال عبد الناصر وكل الوزراء وقيادات الجيش، وإرباك مصر كلها من خلال تفجير عدد من المصالح والهيئات من بينها القناطر الخيرية لإغراق الدلتا.. ومعها كباري وأنفاق ومحطات مياه وكهرباء وعدد من جراجات النقل العام لوقف وسائل الانتقال في مصر وعزل محافظاتها!

كان العدد الأكبر من أعضاء التنظيم لا يعرفه أحد وأغلبهم بأسماء غير حقيقية وأعضاء كل أسرة يعرفون الأسماء المستعارة لزملائهم فقط.. ورغم كل هذه السرية ورغم التنظيم المترابط المتماسك الحديدي.. إلا أن التنظيم كله وخلال أيام ورغم ضعف الإمكانيات كان كاملا في قبضة الأمن!

لماذا نقول ذلك؟ نقول - توقعا واستشرافا وليست رغبة وأمنية - إن التفجيرات ربما تصاعدت الفترة المقبلة حتى بعد انتهاء المؤتمر الاقتصادي.. والسلطة في مصر مقيدة الآن ممنوعة بحكم الواقع وبقيود التشريعات من اتخاذ إجراءات استثنائية ضد الإرهابيين.. لكنها مضطرة إليها إن تحولت حياة المصريين إلى المستحيل بعينه والجحيم بعينه.. وهنا لن تقف الدولة مقيدة الأيدي ومشلولة الإرادة ولن تجد عندئذ إلا طريقة عبد الناصر في مواجهة الإخوان وحماية المصريين منهم الفترة المقبلة، وهذا لن يتم إلا بإجراءات استثنائية تمنح المشروعية للاعتقال وتفتيش الأماكن وغيرها، تتطلب أولا تحديد الحالة المراد مواجهتها وهل هي مجرد شغب واشتباكات في منطقة معينة أم إرهاب بطول البلاد وعرضها؟

ستكون الثانية.. وستكون الطوارئ!
الجريدة الرسمية