رئيس التحرير
عصام كامل

وزير الداخلية!


في تاريخ الحكومات المصرية، ملكية أو جمهورية أو إرهابية إخوانية، يبقى منصب وزير الداخلية هو الأخطر، وتزداد الخطورة والمخاوف، حين يخرج الوزير من القلم السياسي، الذي هو أمن الدولة، الذي هو الأمن الوطني، ويؤشر هذا الاختيار على أحد أمرين أو كليهما، الأول غلبة المخاوف الأمنية على المخاوف الجنائية، والثاني أن يدفع المواطن تكلفة حماية الدولة بمفهومها الدستوري، أو تكلفة حماية أمن النظام، إن انحرفت الداخلية تحت وطأة حاكم طاغية، مسنود بهوس شعبي وكاريزما.


والحق أن اختيار اللواء مجدي عبد الغفار من جهاز أمن الدولة، وهو الاسم الذي تستحقه مصر، بدلا من "الأمن الوطني" اسم الدلع المريح نفسيا للعاهات الإرهابية، قد يعكس ردة غير مقبولة، أو تلقي أجواءً من الريبة، إذ يفكر البعض في أن اختيار الوزير من خارج الأمن العام، يعلي يد جهاز معلومات الوزارة والدولة، وربما تفضي الممارسات، مع النجاحات أو الفشل، إلى تراكم خبرات مؤلمة، تستعيد أزمنة، يحسبها "النوشتاء" والعملاء من أهم دواعي ثورة الخراب والخيانة!!

لقد ذهب الوزير محمد إبراهيم كما ذهب من قبله وزراء مثل أحمد جمال الدين، ومحمد إبراهيم ومنصور العيسوي، ومحمود وجدي، وكلهم في سنوات أربع ضنك، وسيأتي وزراء، وهم يحسنون ويخطئون، لكن التقييم الصحيح، يأخذ في الحسبان الظرف الوطني المحيط.

وفي ذلك فإن اللواء محمد إبراهيم، وزير داخلية محمد مرسي، ثم وزير داخلية ثورة الشرف والوطنية ٣٠ يونيو، هو رجل انحاز للثلاثين مليونا، ومد يده، كما فعل سلفه اللواء أحمد جمال الدين، وعانق وعاهد الجيش على الموت فداء للوطن، وكما أحاطت شبهة الإخوانية بالفريق السيسي وقتها، طاردت الشبهة ذاتها اللواء محمد إبراهيم، بل كانت تطل برأسها كلما وقعت عملية كبرى خسيسة، ضد مديرية أمن أو حرق مركز المؤتمرات، وغيرها.

صمد الوزير أمام نيران الإرهاب، وقاذورات الشائعات، وحارب بشجاعة، وأرسى إحساسا بالأمن لم يكتمل، لكنه أفضل من الأيام السوداء، لا أعادها الله.

التحية إذن والتقدير واجبان للوزير السابق محمد إبراهيم، والتأييد والمساندة واجبان أيضا للرجل الحالي مجدي عبد الغفار، ليدعم الاستقرار، من خلال المعلومات التي تجهض الخطط الإرهابية وهي جنين، مع التحذير، ألا يطغى الحبس على التحقق، والعنف على العدل، والإهانة على الكرامة، فالمهمة صعبة لكنها ليست مستحيلة، وتطبيق القانون وحده طوق نجاة للجميع، للوطن ولمواطنيه، وهو أيضا نار مؤججة على الخونة فيه!
الجريدة الرسمية