رئيس التحرير
عصام كامل

موقف محرج في أتوبيس نقل عام


كعادتي كل يوم، خرجت متوجا إلى عملي، واتجهت إلى محطة الأتوبيس الذي يقلني إلى محطة المترو، ومنه إلى مقر عملي.. كان الجو شديد البرودة، وكانت السماء تنذر بهطول أمطار، وهو الأمر الذي استدعى مني السرعة، وقفت على قارعة الطريق في انتظاره، ومع قدومه وجدتني أقفز إليه.


كان السائق يسير بسرعة لدرجة أن جميع الركاب كانوا يلتصقون ببعضهم البعض بين الحين والآخر من شدة السرعة والوقوف المتكرر، صحت صارخا: بالراحة يا أسطى وما هي إلا لمحة بصر، ووجدتني في حضن فتاة شابة يفوح العطر من أرجائها، قفزت مرتعبة من هول ما حدث، ولكنني سريعا ما تداركت الموقف، وأخذت أعتذر عما حدث، بدت الفتاة في حالة ارتباك، وبدأ الجميع ينظرون إليها بإشفاق، ومنهم من نظر إليها نظرة غيظ وغضب، واتهمها بأنها السبب فيما حدث، إذ إنها كانت تجلس بصورة بدت للجميع وكأنها لا تأبه بهم، ورأى أن ما حدث كان جزاء وفاقا لما كان منها، عاتبت السائق على ما حدث، وبدا ذلك تبريرا لما حدث لها، ووقفت هي بدورها إلى جواري، وأخذت تتهم السائق بالرعونة وما هي إلا لحظات حتى سرى الاطمئنان، بعدها أخذ كل منا يلاطف الآخر في الحديث، وبدأ كلانا يعرف الآخر على نفسه.

قلت لها اسمي وعنواني وتفاصيل عملي، بينما كانت تنظر إلى هي باهتمام، لكنها لم تبد أي مناقشة، بل كانت تلوذ بالصمت، فيما بدأت أنا الحديث عن المواقف الكثيرة التي تحدث في الأتوبيس، وأخذت أتحدث عن مواقف كثيرة حدثت لي بينما هي صامتة..

كانت تختلس النظر بين الحين والآخر وكأنها تتهمني بالجنون بينما كنت أنا أريدها أن تتحدث في أي شيء وكل شيء، كنت أنتظر حديثها لأسمع منها أشياء وأشياء، وأعرف عنها أي شيء لكنها كانت خرساء لم تتفوه ببنت شفة، كان الأتوبيس يمضي مسرعا، وكان سائقه يقف عند كل محطة لينزل راكبا، ويصعد آخر، كان اهتمامي بها كفيلا بأن يجعلني لا أهتم بعدد المحطات التي مرت، ولا بالركاب الآخرين الذين صعدوا إلى الأتوبيس، لكنها أخيرا أشارت إلى السائق بالتوقف، وحينها وجدت شخصا ضخم الجثة عريض المنكبين يمشي إلى جوارها، ووجدتها بعد النزول من الأتوبيس تتأبط ذراعه، هنا أدركت أنه زوجها وعرفت سر صمتها!
الجريدة الرسمية