رئيس التحرير
عصام كامل

ووزير الأوقاف كمان يا ريس!!


فلت وزير الأوقاف من التعديل الوزارى الأخير.. مر منه مثل الشعرة من العجين.. الاسكندرانية يقولون "ملّص".. يعنى مر.. وكان الأولى بالدكتور مختار جمعة ألا يمر.


وزارة الأوقاف تتخبط.. دربكة ما بعدها دربكة.. لخطبة ما بعدها لخبطة في قطاع من أهم قطاعات الدولة في معركتها ضد الإرهاب.. منح تراخيص لرموز الدعوة السلفية للخطابة بالمساجد دليل.. ترخيص وزير الأوقاف للشيخ ياسر برهامى، والشيخ يونس مخيون باعتلاء المنابر من جديد عينة.. والعينة بينة.

قبل شهرين منعت الأوقاف الخطابة بالمساجد إلا على الأزهريين وأئمة الوزارة.. الغرض كان منع رموز السلفية من احتلال بيوت الله.. باللخبطة في الدين والتوجيه في السياسة.. اعترض السلفيون.. ابتكر الوزير الدكتور مختار جمعة امتحان الأئمة.. اعتبره شرطا وحيدا للترخيص لو أراد مشايخ السلفية ترخيصا بركوب منابر المساجد.

كان امتحان الأئمة فخا للسلفيين.. معظم الأسئلة كانت عن الموقف من الأقباط، هل هم مواطنون أم أهل ذمة مستأمنون؟ أسئلة أخرى عن المرأة.. وجواز خروجها للعمل شرعا.. من عدمه؟ خروجها من البيت حرام من عدمه؟ ما الموقف الشرعى من فوائد البنوك.. هل أرباح الودائع مضاربات.. أم ربا؟

كان فخا للتيار السلفى.. الإجابات كانت ستبقى أول وثيقة رسمية مكتوبة عن موقف رموز التيار السلفى من عدة قضايا مهمة.. كانت ستكون توثيقا تحتفظ به وزارة الأوقاف.. لو تطرف السلفيون في الإجابة منعت الوزارة التراخيص بدعوة "التزمت".. ولو أجابوا "باعتدال" يتوافق مع موقف الأزهر من ودائع البنوك وحرية المرأة، ومواطنة الأقباط.. كان المعنى أنهم غيروا مواقفهم.. وغيروا كلامهم، فترخص لهم الوزارة.. وتمسك عليهم إجاباتهم لحين الضرورة.

لكن الذي حدث أن مشايخ السلفية رفضوا الامتحان.. لم يذهب فيهم أحد.. لم يحضر أحد.. بعدها بساعات طلع أكثر من 20 منهم أكثر من 20 منبرا من أكبر مساجد المحافظات.. ودون ترخيص.

حزب النور السلفى قالك: وزير الأوقاف غير مؤهل لاختبارنا.. نادر بكار قال ما معناه أنه لا أحد له أن يحكم على "مشايخ السلفية ".. حتى ولو كان الأزهر أو الأوقاف.. من جانبه توعد وزير الأوقاف وحلف واستوعد.. قال إن على جثته استمرار السلفيين في الخطابة بلا امتحان.

وصل الأمر إلى خلاف.. والخلاف إلى تلاسن.. والتلاسن إلى تطاول.. رموز الدعوة السلفية قالت في وزير الأوقاف والأزهر أشد مما قاله مالك في الخمر.. بعضهم شتمه من فوق المنابر في خطب الجمعة.. وبعضهم تطاول على مؤسسة الأزهر من فوق المنابر في خطب الجمعة أيضا.

كنا في انتظار ردا حاسما من الأوقاف.. ردا يقطع دابر التطرف، أو بذور الإرهاب.. ولى ذراع الدولة.. لكن العكس حدث.. والذي لم يكن متوقعا هم وما تم.. الأسبوع الماضى ظهر الشيخ ياسر برهامى ملوحا بترخيص الخطابة الأسبوع الماضى! ليس برهامى وحده، إنما يونس مخيون رئيس حزب النور أيضا.. إضافة إلى شخصيات سلفية أخرى.

تقارير صحفية قالت: صفقة.. حزب النور قال: اتفاق.. وزارة الأوقاف قالت: خضعوا للامتحان.

الحديث عن صفقة ممكن.. الكلام عن الاتفاق يجوز.. لكن خضوعهم للامتحان مشكوك فيه وبالثلث.. نعرف مشايخ السلفية كما يعرفهم وزير الأوقاف.. لو دخلوا امتحان الأوقاف قضوا على نفسهم.. لو دخلوا الامتحان يكونوا قد وضعوا أنفسهم تحت أسنان الدولة.. بينما هم يرفضون سلطان الدولة.. وسيطرة الأزهر والأوقاف على مساجد الدولة.

طيب.. منعهم وزير الأوقاف في إيه.. ثم سامحهم وسايرهم في إيه؟ لماذا تشدد.. ثم لماذا لأن..؟ لماذا توعد.. ووصل الأمر بينه وبين السلفيين إلى ساحات القضاء.. ثم فجأة يرجع هو وبرهامى ويونس مخيون.. وآخرون سمن على عسل؟

منابر المساجد أشد خطورة من البؤر الجهادية في سيناء.. وعلى الحدود الليبية.. ربما وزارة الأوقاف أهم من وزارة الداخلية.. وكتائب الصاعقة.. الأوقاف صمام مصانع الإرهاب الأولى.. بذور التطرف الدينى تتكون في الزوايا ومن على منابر المساجد في المناطق النائية.. وأطراف المحافظات.. التجارب تقول إن مشايخ السلفية بعضهم صنع التطرف.. وأغلبهم، صدره في ورق هدايا ووزعوه على المراهقين في الجوامع.

الحل كان إحكام سيطرة الدولة على المساجد، ومشايخ المساجد.. ومنابر المساجد.. الحل كان يبدأ من التحكم في صمام "المنابر".. منابر المساجد يعنى "أفكار" أكثر تأثيرا وأقوى من برامج الفضائيات.. تأثير خطب الجمعة أقوى من المقاتلة الفرنسية رافال.. تطرف واحد من مشايخ السلفية أقوى من 14 إف 16 !

مذهل تراجع وزير الأوقاف.. كواليس الصفقة بين السلفيين والوزارة أيا كانت غريبة وخطيرة.. وزير الأوقاف يلعب بالنار بعد ما كفانا لعبا بالنار.. والبنزين.

منذ قال الدكتور مختار جمعة: لن أسمح.. وما ظهر من حديثه أنه كلام في الهواء.. فلا وزارته سيطرت، ولا بدا من رجاله أن لهم طائلا بمواجهة أساطين التطرف الإسلامي.. من رموز التيار السلفى.. وحزب النور.. والمفكر الإسلامي الشاب نادر بكار!!

صفقة الأوقاف والسلفيين حتى الآن مبهمة.. غير مفهومة.. وغير متصورة.. وضع الدكتور مختار جمعة وزارته في حرج.. والدولة في معضلة.. بعد ما مرمغ السلفيين رأس الوزارة في التراب.. وهيبة الدولة في الوحل.

الأزمة كبيرة.. والمشكلة عويصة.. السلفيون يهددون المساجد.. إنما يهدد مساجد الله ياسر برهامى ويونس مخيون والذين جاءوا من بعدهم.. ضعف وزارة الدكتور مختار جمعة يضيف سطوة لمشايخ التطرف كان تحجيمها أولى مهام الدكتور مختار جمعة.

بعد التعديل الوزارى الأخير.. اشتعلت مواقع التواصل الاجتماعى مخاطبين الرئاسة: "ووزير الأوقاف كمان ياريس". أغلبهم يرون أن وزير الأوقاف محظوظ.. فلت من التغيير الأخير مع أنه كان الأولى أن يذهب من حيث جاء.
صحيح.. كان وزير الأوقاف أولى يا سيادة الرئيس !!
Twitter: @wtoughan
wtoughan@hotmail.com

الجريدة الرسمية