رئيس التحرير
عصام كامل

وزراء البيئة الأفارقة يؤكدون عزمهم التوصل لاتفاق ملزم لتغير المناخ يعكس أولويات القارة.. إدارة الموارد الطبيعية.. دمج الاقتصاد الأخضر.. القضاء على الفقر.. ومكافحة الاتجار غير المشروع في الحياة البرية


اجتمع أمس الجمعة، خلال الحفل الختامى لمؤتمر وزراء البيئة الأفارقة في دورته الـ15 وزراء، ووفود 54 دولة أفريقية في القاهرة، وأصدروا إعلان القاهرة الذي أكد من جديد عزمهم التوصل إلى اتفاق ملزم لتغير المناخ يعكس أولويات القارة وتطلعاتها في محادثات باريس في وقت لاحق من هذا العام، ويسلط الإعلان الضوء أيضا على ضرورة تحسين إدارة الموارد الطبيعية الوفيرة في أفريقيا وإدماج الاقتصاد الأخضر الشامل في خطط التنمية.


الاقتصاد الأخضر

قال الدكتور خالد فهمي وزير البيئة المصري ورئيس مؤتمر وزراء البيئة الأفارقة "الأمسن"، في تصريحات صحفية، اليوم السبت، إن إعلان القاهرة يغطي مجموعة واسعة من أولويات القارة من تغير المناخ وإدارة الموارد الطبيعية إلى الاتجار غير المشروع في الحياة البرية ودمج الاقتصاد الأخضر الشامل في مختلف القطاعات، وتظهر الدول الأفريقية التضامن والإصرار على لعب دور إيجابي ومسئول في دعم التنمية المستدامة، وبناء القدرة على التكيف والقضاء على الفقر.

آثار تغير المناخ

وأكد فهمى هشاشة أفريقيا فيما يخص آثار تغير المناخ، ولا سيما الآثار السلبية على النظم البيئية، وإنتاج الغذاء، والتنمية الاجتماعية والاقتصادية، واتفق الوزراء على دعم اتفاق في عام 2015 يحقق التكافؤ بين التخفيف والتكيف، مشيرا إلى العبء المتزايد للتكيف في الدول النامية، موضحا أن الاتفاق يحتاج أن يضمن الحفاظ على درجات الحرارة العالمية أقل من 1.5 درجة مئوية عن مستويات ما قبل الثورة الصناعية، وبحلول نهاية هذا القرن.

التكيف

ودعا إعلان القاهرة لهدف عالمي للتكيف يأخذ في الاعتبار احتياجات التكيف وتكلفته، بما في ذلك تقديم الدعم للدول النامية، مع الاعتراف بالحاجة إلى جذب استثمارات التكيف إلى تلك الدول، ويوضح أن أفريقيا هي القارة التي ستعاني من التغيرات المناخية قبل غيرها مما يجعل التكيف ملحا.

فيما أشار التقرير الثاني عن "فجوة التكيف في أفريقيا" إلى أن مناطق واسعة من القارة سوف يتجاوز ارتفاع درجات الحرارة درجتين مئويتين بحلول آخر عقدين من القرن الحالي مقارنة بمتوسط درجات الحرارة السنوية في أواخر القرن العشرين، ما سيؤثر سلبا على الإنتاج الزراعي والأمن الغذائي وصحة الإنسان وتوافر المياه.

خطر الفيضانات

وتابع التقرير أنه في عالم ترتفع فيه درجات الحرارة بمقدار4 درجات مئوية، فإن التوقعات لأفريقيا تشير إلى أن منسوب مياه البحر قد يرتفع بشكل أسرع من المتوسط العالمي ليصل إلى 80 سم فوق المستويات الحالية بحلول عام 2100 على طول سواحل المحيطين الهندي والأطلسي، بالإضافة لأعداد مرتفعة من الأشخاص المعرضين لخطر الفيضانات في المناطق الساحلية لموزمبيق وتنزانيا والكاميرون ومصر والسنغال والمغرب.

وأوضح التقرير، أنه في ظل هذه السيناريوهات، فإن تكاليف التكيف ستصل إلى 50 مليار دولار سنويا بحلول منتصف القرن الحالي.

تخفيف الانبعاثات

وأشار أخيم شتاينر مساعد الأمين العام والمدير التنفيذي لبرنامج الأمم المتحدة للبيئة إلى أن التأمين الوحيد ضد آثار تغير المناخ هو عمل عالمي طموح يهدف لتخفيف الانبعاثات على نطاق واسع وعلى المدى الطويل بالإضافة لتمويل للتكيف يكون سريعا ومتزايدا ويمكن التنبؤ بحجمه، مضيفا أن الاستثمار في بناء القدرات على التكيف يجب أن يظل أولوية أولى للتمويل وجزءا لا يتجزأ من خطط التنمية الوطنية.

أولويات التنمية

وأكد شتاينر أن في الأشهر المقبلة سيتحدد مدى انعكاس أولويات التنمية وموقف أفريقيا الموحد من تغير المناخ في المفاوضات العالمية، موضحا أن العمل الذي قام به مؤتمر وزراء البيئة الأفارقة في القاهرة سوف يؤثر على مستقبل الأجيال القادمة، مضيفا أنه مسئولية كبيرة لما يحمله من فرص لا تعد ولا تحصى لمستقبل أكثر رفاهية وازدهار وتنمية للقارة وشعوبها.

الموارد الطبيعية

ووافق الوزراء الأفارقة على تحقيق الاستخدام الأمثل للموارد الطبيعية من أجل التنمية المستدامة والحد من الفقر، معربين عن عزمهم على دمج الاقتصاد الأخضر الشامل في خطط التنمية من خلال تعبئة الأموال، وخلق فرص العمل خاصة في الشركات الصغيرة والمتوسطة.

وأشار رئيس "الأمسن" خالد فهمي، إلى أننا بحاجة لتكثيف الجهود الإقليمية والوطنية والنظر في تقييم رأس المال الطبيعي في صناعة القرار بهدف تسخير الإمكانات الطبيعية الغنية لأفريقيا وتوظيف الميزة التنافسية كمحرك للنمو الاقتصادي الشامل.

وتابع: أفريقيا ثاني أكبر قارة في العالم، وتتمتع بنصيب ضخم من الموارد الطبيعية متجددة وغير متجددة، وأن خدمات النظم البيئية مثل المياه، وخصوبة التربة والتنوع البيولوجي والتكيف مع تغير المناخ من شأنها دعم القطاعات الاقتصادية في أفريقيا مثل الطاقة والسياحة والزراعة.

وسلط تقرير اقتصاد أفريقيا الأخضر الجديد الضوء على النتائج الرئيسية لتقييم الزراعة والطاقة والمياه ومصايد الأسماك، والمباني، والصناعات والنقل والسياحة في 10 دول أفريقية، وتم وضع التقرير لمساعدة صانعي السياسات على استيعاب الفوائد المتنوعة للاستثمار في الاقتصاد الأخضر، وبالرغم من الزيادة الحقيقية للناتج المحلي الإجمالي (GDP) في أنحاء أفريقيا بمتوسط 5.1 % سنويا على مدى السنوات الـ10 الماضية، فإنه لا تزال هناك تحديات اجتماعية واقتصادية كبيرة: 48.5 % من الأفارقة بجنوب الصحراء يعيشون في فقر مدقع، 76 % من الأسر غير متصلة بالشبكة، و70 % لا يحصلون على خدمات الصرف الصحي المحسنة.

موارد مستدامة

وأوضح التقرير أن الاستثمارات الخضراء بالإضافة إلى أنها تدفع النمو الاقتصادي بشكل أسرع من الاستثمارات المعتادة، هي أيضا فرصة ثمينة لأفريقيا للحفاظ على الثروات الطبيعية التي يعتمد عليها الاقتصاد والحياة، وسبل الرزق.

وأضاف بأن القارة تتمتع بموارد مستدامة ومتجددة هائلة ولكن غير مستغلة فهي تحظى بـ325 يوما مشمسا في السنة وتستخدم أقل من 7 %من إمكاناتها الكهرومائية، وأقل من 2 %من طاقاتها الحرارية، وبدأت العديد من الدول الأفريقية في استغلال هذه الإمكانات، ومن المتوقع أن تسفر الاستثمارات الخضراء في تطوير الطاقة المتجددة في بوركينا فاسو عن زيادة في توليد الكهرباء من مصادر الطاقة المتجددة بنسبة 180% أكثر من الاستثمارات المعتادة.

وأشار التقرير إلى أن جنوب أفريقيا وضعت اتفاقية الاقتصاد الأخضر الجديدة لخلق 300 ألف وظيفة خضراء بحلول عام 2020، كما أن عملية التحول إلى اقتصاد أخضر في مصر يمكن أن تساعد على تحقيق وفر سنوي يزيد على 1.3 مليار دولار في قطاع الزراعة و1.1 مليار دولار في قطاع المياه وخفض انبعاثات ثاني أكسيد الكربون بنسبة 13٪، وتقليل استهلاك المياه بنسبة 40٪.

ويرى أخيم شتاينر أنه من المطلوب أن ينتشر الاقتصاد الأخضر على نحو فعال في جميع أنحاء أفريقيا، ويتم توسيع نطاق الاستثمار فيه واعتماد مزيج مناسب من السياسات، والحوافز وتنمية القدرات التعليمية والأدوات الإعلامية.

استراتيجية مشتركة

كما قرر الوزراء الأفارقة تبني استراتيجية مشتركة بشأن الاتجار غير المشروع في الحياة البرية ستتم مناقشتها في المؤتمر الدولي لمكافحة التجارة غير المشروعة، الذي سيعقد في برازافيل في أبريل 2015.

وقال خالد فهمى، إن الاستراتيجية ستوفر فهما أفضل لمحددات العرض والطلب، وتطوير الأدوات اللازمة لتعزيز الإجراءات التي تحد من العرض والطلب، كما تدعو إلى إنشاء آليات التعاون بين الأقاليم وفهم أفضل لدور المجتمعات المحلية في مكافحة ومعالجة التجارة غير المشروعة.

جرائم الحياة البرية

وأضاف: "لقد أصبحت جرائم الحياة البرية والغابات اليوم من الأنشطة الإجرامية المنظمة الأوسع انتشارا جنبا إلى جنب مع تجارة المخدرات، والأسلحة، والاتجار في البشر، بالإضافة للآثار السلبية لهذه التجارة غير المشروعة للموارد الطبيعية على البيئة فإنها تحرم الاقتصاديات النامية من عائدات تقدر بمليارات الدولارات".

وأشار إلى أن التقديرات الصادرة عن كل من منظمة التعاون الاقتصادى والتنمية ومكتب الأمم المتحدة المعنى بالمخدرات والجريمة واتفاقية سايتس لحماية الطبيعة والإنتربول وبرنامج الأمم المتحدة للبيئة وضعت تكلفة نقدية لجميع الجرائم البيئية مثل قطع الأشجار والصيد الجائر والاتجار غير المشروع لمجموعة كبيرة من الحيوانات، بالإضافة إلى التعدين غير المشروع ودفن النفايات السامة، وتراوحت تلك التكلفة بين 70 و213 مليار دولار أمريكي سنويا، ما يمثل رقما ضخما خاصة أن المساعدات الخارجية العالمية للتنمية تقدر بنحو 135 مليار دولار أمريكي.

وأوضح تقرير صدر في العام الماضي عن الأمم المتحدة والإنتربول أن جرائم الحياة البرية وجرائم الغابات تلعب دورا خطيرا في تمويل الجريمة المنظمة والجماعات المسلحة غير الحكومية، بما في ذلك المنظمات الإرهابية.

يذكر أنه وفقا للبنك الأفريقي للتنمية يوجد في أفريقيا نحو 30% من احتياطي المعادن في العالم، 8 % من الاحتياطي العالمي من الغاز الطبيعي، و12 % من الاحتياطي النفطي، و40 % من احتياطي الذهب، ومن80 لـ90 % من الكروم والبلاتين، و65 % من الأراضي الصالحة للزراعة في العالم، و10 % من مصادر المياه العذبة المتجددة الداخلية، وتقدر قيمة قطاع الثروة السمكية في أفريقيا بـ24 مليار دولار.
الجريدة الرسمية