رئيس التحرير
عصام كامل

«فتنة الإمام والوزير».. نار الغيرة تشتعل بين وزير الأوقاف ورجال «الإمام الأكبر» في الأزهر.. «الطيب» يطيح بـ«جمعة» ويوقف التعاون مع وزارته في مجال الدعوة..الخلاف


شر البلية ما يضحك.. هكذا يمكن تلخيص المشهد الدينى في مصر، ففى الوقت الذي تواصل فيه الجماعات التكفيرية بث سمومها وأفكارها الهدامة في المجتمع وتسعى بكل ما تمتلك من قوة لضم أكبر عدد من الشباب إلى صفوفها في حربها القذرة ضد الدولة، تفرغت قيادات الدعوة وكبار مشايخ المؤسسات الدينية في مصر ( الأزهر والأوقاف) إلى تصفية الخلافات الخاصة غير مدركين خطورة الأوضاع التي تعيشها مصر في السنوات الأخيرة في ظل تراجع الخطاب الإسلامى المعتدل وسيطرة المتطرفين على منابر المساجد وساحات المدرجات في جامعة الأزهر وغيرها من جامعات مصر.


قمة الخلاف بين الأزهر والأوقاف بدت واضحة للعيان خلال فعاليات المؤتمر العالمى الذي دعا إليه المجلس الأعلى للشئون الإسلامية تحت عنوان “عظمة الإسلام وأخطاء المنتسبين إليه.. طريق التصحيح”، والذي غاب عن فعالياته الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر وأناب عباس شومان وكيل الأزهر لإلقاء كلمته في الجلسة الافتتاحية للمؤتمر.

غياب شيخ الأزهر عن المؤتمر الأخير الذي نظمته الأوقاف بالتعاون مع المجلس الأعلى للشئون الإسلامية لم يكن المشهد الوحيد في سلسلة الخلافات بين عمائم الأزهر والأوقاف فخلال الزيارة التي قام بها الإمام الأكبر للسعودية مؤخرا لافتتاح مؤتمر مكافحة الإرهاب رفض الطيب اصطحاب وزير الأوقاف واكتفى باصطحاب مستشاره الدستورى والقانونى محمد عبد السلام، والدكتور عبد الحى عزب رئيس جامعة الأزهر تجنبا لحدوث أي مواجهات بين الوزير ومستشار الإمام الذي نادي من قبل بإبعاده عن المشيخة بحجة انتمائه للإخوان، وكان ذلك سببا في توتر العلاقة بين الوزير والإمام الأكبر.

وحينما وصل شيخ الأزهر، إلى المملكة حرص والوفد المرافق له على الابتعاد تماما عن وزير الأوقاف، ونزل كل منهما في مكان بعيد عن الآخر، خشية حدوث أي احتكاك بينهما، يلاحظه القائمون على تنظيم المؤتمر، ويؤدى إلى وقوع الإمام الأكبر في حرج بالغ، خاصة أنه صاحب الكلمة الرئيسية به.

وحرص شيخ الأزهر، خلال تواجده بالسعودية، على استقبال القيادات المصرية المشاركة في المؤتمر، بدءا بالدكتور شوقى علام مفتى الجمهورية، والمستشار محفوظ صابر، وزير العدل، ونهاية بالمستشار جمال ندا، رئيس مجلس الدولة، ولم يلتق بوزير الأوقاف، الذي رفض بدوره، الذهاب إلى مقر إقامة الإمام الأكبر، أو مصافحته.

فيما كشفت مصادر مقربة من الإمام الأكبر، أن بعض الحاضرين في مؤتمر مكافحة الإرهاب، لاحظوا توتر العلاقة بين الطيب وجمعة وحاولوا الصلح بينهما إلا أن تلك المحاولات باءت بالفشل، بسبب رفض المحيطين بشيخ الأزهر لذلك، بعد أن تسبب وزير الأوقاف في هجمة شرسة على القيادات داخل المؤسسة الدينية.

بداية توتر العلاقة بين الإمام الأكبر ووزير الأوقاف جاءت عقب توتر العلاقة بين جمعة من جانب والدكتور عباس شومان، وكيل الأزهر، والمستشار محمد عبدالسلام، مستشار الإمام الأكبر الدستورى والقانونى من جانب آخر، توجت تلك المعركة بمواجهة غير مسبوقة بين الوزير ووكيل الأزهر في الاجتماع الأخير لمجمع البحوث الإسلامية، بعد أن استطاع وزير الأوقاف إحداث شرخ في العلاقة بينه والمسئولين في المشيخة، وحدث بينهما تلاسن بالألفاظ، على مرأى ومسمع من الأعضاء الذين تدخلوا لتهدئتهم، واحتووا الموقف، وبعدها انصرف جمعة ولم يكمل جلسة المجمع، وتعد هذه هي المرة الأولى التي يتخلف فيها وزير الأوقاف عن حضور جلسات المجمع منذ اختياره في حكومة المهندس إبراهيم محلب.

وفور علم شيخ الأزهر بما تم بين وزير الأوقاف والدكتور عباس شومان، أعلن الحرب على جمعة، واستبعده من جميع الزيارات الخارجية والداخلية، بعد أن كان أول المشاركين فيها، وقرر أيضا استبعاده من عضوية المكتب الفنى للإمام الأكبر، واختار مكانه بالدكتور محيى عفيفى، الأمين العام لمجمع البحوث الإسلامية، بعد أن قرر الطيب إعادة تشكيل المكتب بالكامل وحرص وزير الأوقاف منذ بدء الخلاف الدائر حاليا بينه وبين القيادات داخل مشيخة الأزهر، على التخلف عن حضور ثلاثة اجتماعات شهرية لمجلس جامعة الأزهر، بصفته عضوا فيه، تجنبا لمواجهة الدكتور عباس شومان وكيل الأزهر، أو نشوب أي خلافات بينهما أمام أعضاء المجلس، حيث لم يحضر جمعة اجتماعى ديسمبر ويناير، بمقر الإدارة بمدينة نصر، والاجتماع الأخير الذي عقد في الـ18 من فبراير الماضى، الذي عقد بكلية اللغة العربية بالدراسة.

الصراع بين وزير الأوقاف وشيخ الأزهر امتد أيضًا للدعوة، حيث قرر الإمام الأكبر إيفاد قوافل دعوية للمحافظات دون مشاركة وزارة الأوقاف، بعد أن كان يتم التعاون بينهما في تلك القوافل، وهو أمر قابله “جمعة” بإرسال قوافل من أئمة الوزارة فقط دون تنسيق من الأزهر.

وأًصدر الدكتور أحمد الطيب تعليماته لجميع العاملين بالمشيخة، بعدم التحدث من قريب أو بعيد عن الخلاف الذي يدور حاليًا مع وزارة الأوقاف، والتأكيد دومًا على أن العلاقة بينهما على خير ما يرام، وأن الوزارة هي إحدى المؤسسات التابعة للأزهر، ولا يمكن أن تحدث أي مشاكل بينهما.

"نقلا عن العدد الورقي..."
الجريدة الرسمية