رئيس التحرير
عصام كامل

طريق المصالحة مع الإخوان.. مسدود!


لا تريد الإدارة الأمريكية أن تصدق أن مصر بعد ثورتين، لم تعد هي التي كانوا يعرفونها من قبل، وأنه لم يعد بمقدور الحاكم أن يتخذ قرارات لا يرضى عنها الشعب أو تتعارض مع إرادته.. وأن تفويض الشعب المصري لحكامه متوقف على مدى التزامه بالتعبير عن إرادته، لكن يبدو أن الصورة التي ما زال الأمريكيون يحتفظون بها عن الشعوب العربية بأنها مغيبة عن اتخاذ القرارات المصيرية، عبر عنها أحد الساسة الأمريكيين بقوله «إن الحصول على قرار مهما كانت خطورته لا يحتاج سوى أن تدخل إلى خيمة الحاكم وتقنعه بما تريد».. وربما ما زالت تلك الرؤية المتخلفة عن الشعوب العربية هي التي تدفع أمريكا إلى ممارسة الضغوط على المسئولين المصريين من أجل إعادة جماعة الإخوان إلى المشهد السياسي وإشراكها في إدارة الدولة باعتبارها، كما تزعم أمريكا، جماعة وطنية لا تمارس العنف!


وقد أشارت صحيفة الشرق الأوسط، القريبة من السعودية، إلى أن أمريكا طلبت من الملك سليمان خادم الحرمين.. أن يتوسط لدى مصر لقبول الحوار مع الإخوان باعتبارها جماعة وطنية ترفع شعارات سلمية!

ويبدو أن إدارة الرئيس أوباما التي استقبلت القيادات الإخوانية الهاربة في الكونجرس، لم تتابع التصريحات التي أعلنوها عقب هذا اللقاء مؤكدين عودتهم إلى العنف، دفاعا عن النفس في مواجهة الشرطة والجيش المصري.. وكأن تلك الجماعة الإرهابية قد توقفت عن العنف.

وإذا كان المسئولون في الإدارة الأمريكية لم يتابعوا تلك التصريحات، فلا بد أن أخبار القنابل التي يزرعها الإخوان في مختلف المدن المصرية وتقتل الأبرياء، قد وصلت إلى تلك الإدارة التي لا تريد أن تسمع أو ترى الجرائم التي ترتكبها الجماعة الإرهابية، بما يدفعها إلى الاستمرار في ممارسة الضغوط بدءا من وقف تسليم الطائرات المصرية التي تتم صيانتها في أمريكا.. وليس انتهاء بعدم الموافقة على تسليح الجيش الليبي الذي يخوض معارك غير متكافئة مع تنظيم داعش الإرهابي المسلح بأحدث الأسلحة التي استولى عليها من مخازن العقيد القدافي.

ولا يخفى على الإدارة الأمريكية ما تتعرض له مصر وأمنها القومي من أخطار لوجود هذا التنظيم الإرهابي على حدودها والذي يمثل شوكة في ظهر مصر، ورغم ذلك تعارض بشدة صدور قرار من مجلس الأمن يسمح بتصدير السلاح للجيش الليبي، وتقدم الإدارة الأمريكية حجة واهية لهذا الرفض، وهي دعم الحوار الوطني الليبي.. وأن الأزمة الليبية لا يمكن أن تجد طريقها للحل دون اتفاق الفصائل المختلفة على وقف القتال، وكأن تسليح الجيش الليبي يتعارض مع الحل السياسي الذي تعترف الإدارة الأمريكية بأنه يحتاج إلى سنوات طويلة، بما يتيح للتنظيمات الإرهابية أن تتمدد على الأراضي الليبية في غياب السلطة الرسمية لتحيلها إلى إمارة إسلامية كما يحدث في العراق.. وهو ما لن تسمح بحدوثه مصر مهما كلفها من تضحيات.

ويبدو أن تلك الضغوط التي تمارسها أمريكا على مصر، أعادت من جديد الدعوات المشبوهة التي يطلقها البعض بين الحين والآخر.. بإجراء حوار مع الجماعة الإرهابية والإفراج عن قياداتها في مقابل وقف أحداث العنف التي ترتكبها الجماعة، بما يساعد على الاستقرار وجذب الاستثمارات الأجنبية.

ويصعب افتراض أن تلك الدعوات التي تتردد هذه الأيام تنبع من نوايا طيبة.. لأن الذين يدعون إليها يدركون أن الشعب المصري يرفض الحوار مع تلك الجماعة التي ثبت مما لا يدع مجالا للشك أنها تقتل المصريين وتسعى إلى هدم الدولة بكل مؤسساتها.

وحسنا فعلت وزارة الداخلية بتكذيبها الأخبار التي وردت في بعض الصحف عن مراجعات تجرى داخل السجون لإقناع أعضاء الجماعة الإرهابية بالتوبة والتخلي عن الأفكار المتطرفة، وقد أزعجت تلك الأخبار ملايين المصريين الذين يرفضون تلك المناورات التي تقوم بها الجماعة من أجل العودة إلى المشهد السياسي من جديد بدعوى قيامها بمراجعات للأفكار التي اعتنقتها سنوات طويلة.. ومن السذاجة تصور أنها ستتخلى عنها بين عشية وضحاها.
الشعب المصري لفظ جماعة الإخوان الإرهابية.. وطريق الحوار معها مسدود.. مسدود.. مسدود.
الجريدة الرسمية