رئيس التحرير
عصام كامل

شيخ الأزهر للتليفزيون الياباني: مؤامرة عالمية على الشرق الأوسط ساعدت في ظهور الجماعات الإرهابية.. البطالة والفقر وغياب العدالة وتهميش الشباب وراء التطرف.. والتحالف الدولي غير جاد في القضاء على «د


أكد الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر، إن الجماعات المتطرفة تمثل شذوذًا فكريًّا وخروجًا على النهج الصحيح للأديان.

وأضاف أنَّ هناك مؤامرةً دولية كبرى وعالمية على بلدان الشرق، ساعدت في ظهور تنظيم "داعش" الإرهابيّ على الساحة بهذه الصورة، وفتحت له الطريق لتنفيذ المؤامرة الكبرى التي تهدف لتقسيم الشرق إلى دويلات أصغر لصالح الصهيونية العالمية.


وأشار الإمام الأكبر في تسجيل مصوَّر للتليفزيون الياباني، إلى أنَّه لا حاجة للتذكير بأنَّ "داعش" وغيره من التنظيمات الإرهابية خارجة عن صحيح الإسلام، مؤكدا أن هذا أصبح واضحًا لدى الجميع بما فيهم الغرب، ولذلك نرى معظم رؤساء العالم في الوقت الراهن يفرقون بين هذه الجماعات وبين الإسلام.

وأكد أنَّ هذه الجماعات المتطرفة لا تمثِّل دِين الإسلام، دين المحبة والرحمة والتسامح، الذي يحرم إراقة دماء الناس أيًّا كانتْ معتقداتهم وألوانهم وأجناسهم.

وأضاف أنَّ الأزهر الشَّريف يشارك الشعب اليابانيَّ حالة الحزن التي عاشها بعد مقتل رهينتَيْه، ولكنه يجب التذكير بأن الشعب الياباني ليس وحده مَن دفع ثمن الإرهاب، مشيرا إلى إنَّ خسارة الشعب الياباني قليلة جدًّا إذا ما قُورنت بخسارة العالم العربي التي يدفعها بشكل يوميٍّ في معركة التصدي للإرهاب، وهو ما يستوجب تكاتف الشعوب جميعًا لمواجهة هذا الإرهاب العالمي الذي وصل لأوربا، وأثبت أنَّ الإرهاب لا دين ولا وطن له، وأنه عابر للقارات.

ولفت شيخ الأزهر إلى أنَّ هذه الجماعات المتطرفة ليس لديها فلسفة أصيلة تبرِّر بها تصرفاتها وسلوكها الشاذ، ولكنها تستغل الظروف الاستثنائية التي يعيشها بعض الشباب سواء في الشرق أو في الغرب.

القهر العالمي
ونوه إلى أنَّ بعض الأنظمة الغربية التي تمثل جزءًا من القهر العالمي كانت وراء انضمام بعض هؤلاء الشباب إلى هذا الجماعات، لِمَا وجدوه من تخاذل المجتمع الدولي تجاه القضية الفلسطينية، كما أنَّ هناك شبابًا غاضبًا على الحضارة الأوربية، ووجد في التَّديُّن بالإسلام الذي يدعو إلى المساوة شيئًا من المتنفس، لكنهم فهموا الإسلام فهمًا خاطئًا.

الفقر وتهميش الشباب
وأضاف الإمام الأكبر أنه لا يجب نسيان الأسباب الداخلية التي تمهد وتدفع دفعًا للالتحاق بمثل هذه الجماعات، وهي أسباب معقَّدة سواء كانت بسبب الفقر أو تهميش الشباب أو البطالة، فكلها أسباب مهمة تخلق البيئة أو الأرض الصالحة لمثل هذا النبات أو الثمر المُرّ.

وعن الحل المتوقع لإنهاء وجود هذه الجماعات قال شيخ الأزهر: "إنه يجب على الأنظمة كلها سواء كانت عربية أو غير عربية أنْ تفسح المجال الكافي للشباب، بحيث يكون مستوعَبًا فكريًّا، مع ضرورة إيجاد فرص عمل مناسبة لهؤلاء لشباب".

العدالة
وأشار إلى أنه يجب أن تقوم الأنظمة بإقرار العدالة بين الشعوب، وأنْ تكفَّ الأنظمة الدولية عن العبث بمقدرات الشعوب، والتدخل في المصالح الداخلية للشعوب، وألا تُصَدِّرَ ثورات للشعوب ليست في حاجة إليها أو تصادر ثورات صنعتها الشعوب ثم تتدخل لتتجه بهذه الثورة يمينًا أو يسارًا عبر مثل هذه الجماعات الإرهابية أو عبر تفتيت الدول أو الفوضى، كما يجب أنْ يشعر كلُّ فردٍ بأنه مسئول مسئولية مباشرة عن التنمية الاقتصادية والتنمية التربوية والتنمية الفنية والصحية وغير ذلك.

مواجهة التنظيم
وأرجع الإمام الأكبر استمرار تنظيم "داعش" وعدم القضاء عليه رغم ضربات التحالف الدولي - إلى عدم الجدية الدولية في مواجهة التنظيم؛ حيث إنَّ ما يفعله التحالف الدولي من طلعات جوية يومية ليس بالقدر الكافي، لذلك يجب أن يتحد الغرب مع الدول العربية، وأن تتم تنحية جميع الخلافات فورًا، وتأجيل المصالح الشخصية، والتفرغ لمحاربة هذا التنظيم، وما لم يتم ذلك فإنه يكون من الصعب جدًّا أن يتم مواجهة هذا التنظيم والقضاء عليه.

تحريم القتل
وأوضح شيخ الأزهر أن نصوص الإسلام من القرآن الكريم والسنة النبوية قاطعةٌ وباتَّةٌ في تحريم قتل الإنسان، وهي تحرِّم قتل أيِّ إنسان في جيش العدو إذا لم يحمل السلاح، فمثلًا حرَّم الإسلام قتل المرأة والطفل والرجل المُسن في جيش العدو، كما حرم قتل الحيوان في جيش العدو إلا إذا احتاج الجيش الإسلامي إلى الأكل، بل يُحرِّم قطع الأشجار في بلاد العدو أو قتل الأعمى والضعيف والراهب والمتعبد.

الإسلام يحرم القتل
وأشار إلى أن الإسلام لا يبيح قتل الإنسان إلا إذا حُمِل السلاح في وجه المسلم، فإنه يتعين عليه الدفاع عن نفسه في هذه الحالة، ومن ثَمَّ فإن جميع جرائم "داعش" بعيدةٌ تمامًا عن المفاهيم الصحيحة للإسلام، ومرفوضةٌ في أي نظام اجتماعي وقانوني وحضاري حديث، ولكن هناك مؤامرة لإظهار الدين الإسلامي بصورة الدِّين الوحشي والبربري، وهو ما يصبُّ في مصلحة الصهيونية العالمية التي تريد أن تقضى على كل الأديان، وليس الإسلام فقط.

وأضاف شيخ الأزهر في حديثه أن الإسلام يُقرِّر في القرآن الكريم أنَّ (مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيْعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيْعًا)، كما يقرِّر أنَّ القاتل مخلَّدٌ في النَّار، والأحاديث النبوية جاء فيها أنَّ امرأة دخلتِ النارَ في قِطَّة حبستْها، فلا هي أطعمتْها، ولا هي تركتْها تأكلُ من خَشَاشِ الأَرض؛ حتَّى ماتتْ جوعًا، فدخلت بسببها النار.

حقوق الحيوان
وأكد في الاحاديث النبوية أنَّه جاء رجلًا كان "يَمْشِي بِطَرِيقٍ اشْتَدَّ عَلَيْهِ الْعَطَشُ، فَوَجَدَ بِئْرًا، فَنَزَلَ فِيهَا، فَشَرِبَ، ثُمَّ خَرَجَ، فَإِذَا كَلْبٌ يَلْهَثُ، يَأْكُلُ الثَّرَى مِنْ الْعَطَشِ، فَقَالَ الرَّجُلُ: لَقَدْ بَلَغَ هَذَا الْكَلْبَ مِنْ الْعَطَشِ مِثْل الَّذِي كَانَ بَلَغَ مِنِّي، فَنَزَلَ الْبِئْرَ، فَمَلَأَ خُفَّهُ مَاءً، ثُمَّ أَمْسَكَهُ بِفِيهِ، حَتَّى رَقِيَ، فَسَقَى الْكَلْبَ، فَشَكَرَ اللَّهُ لَهُ، فَغَفَرَ لَهُ" بذلك أدخله الجنة، فالمسلم يمكن أن يدخل الجنة أو النار بسبب حيوان، فهل مثل هذا الدِّين الذي يرحم الحيوان يُعقل أنْ يُقال عنه: إنَّه يقتل الناس بكلِّ هذه البساطة؟!

وتأسّف الطيب من انخداع بعض الشعوب بما يُصَوَّرُ لها مِن أنَّ الإسلام دِين وحشي، مؤكِّدًا أنَّ مَن يريد أنْ يفهم الإسلام عليه أنْ يقرأ القرآن الكريم وسيرة نبيه مُحمَّد، صلى الله عليه وسلم، بل عليه أن يقرأ تاريخ المسلمين على مدى 1400 عام، وسوف يتأكد أنَّه لا يوجد في حضارة المسلمين التي انتشرت شرقًا وغربًا مثل هذه الجماعات الهمجية.

مناهج التعليم
وأوضح الإمام الأكبر أن الأزهر جدَّد مِن نشاطه بعد ظهور الحركات الإرهابية المسلحة، واتخذ أكثر من مسار لتحقيق ما يطمح إليه في هذا الموضع، حيث إعادة النظر في المناهج التعلىمية وضمنها الكثير من المعلومات التي تتناول توضيحات لتلك الجماعات والرد عليها وتفنيد شبهاتها، كما أن هناك قوافل من علماء الأزهر تجوب مصر بأكملها وتلتقي بالشباب في الأندية والمراكز الثقافية، حتى في المقاهي العامة؛ لتوضح للناس أن تلك الجماعات المتطرفة على خطأ، وأن الإسلام بريء من تصرفاتها.

وأشار إلى أن الأزهر الشَّريف يستقبل ما يزيد على 35 ألف طالبٍ وطالبة من أكثر من 100 دولة حول العالم، ويحرص على توعيتهم وتثقيفهم ليعودوا بعد انتهاء دراستهم إلى أوطانهم محصنين بهدي الإسلام وتعاليمه السمحة ضد الأفكار المتطرفة والمتشددة.

تدريب الأئمة
وقال: " لدينا برامج لتدريب الأئمة حول العالم في دول عديدة؛ منها: بريطانيا وفرنسا وألمانيا وأفغانستان والعراق وبعض البلدان الأفريقية والآسيوية حتى اليابان وغيرها، حيث يستقبل الأزهر الأئمة ويتم تدريبهم وتوعيتهم من خطورة الفكر الضال والمنحرف".

وأكد أنه لدى الأزهر الشَّريف رابطة عالمية من خريجي جامعة الأزهر وهي على اتصال دائم بهم في كل بلدان العالم للتنسيق معهم من أجل التحرر من هذا الفكر المتطرف والقضاء عليه تمامًا.
الجريدة الرسمية