رئيس التحرير
عصام كامل

"الشيطان" يعظ ويهدم التاريخ


كلما أحرزت مصر نجاحًا تراجعت أمامها الولايات المتحدة خطوة وأبدت حسن النية إلى حين.. هذا هو الواقع منذ ثورة 30 يونيو التي أنهت مؤامرة صهيوأمريكية لتقسيم المنطقة على أساس مذهبي، يضمن سيطرتها ويحقق الحلم اليهودي بتأسيس "مملكة داود" أو إسرائيل الكبرى من النيل إلى الفرات.. وهو الحلم الذي أوجزه ديفيد بن غوريون، أبرز مؤسسي دولة الصهاينة وأول رئيس وزراء إسرائيلي بقوله "إن عظمة إسرائيل لا تكمن في امتلاكها القنبلة الذرية، ولا في ترسانة السلاح الجبارة، لكن عظمة إسرائيل تتحقق بالقضاء على مصر وسوريا والعراق".


استهدف بن غوريون دول الحضارة والتاريخ الموجودة منذ آلاف السنين وتثبت ذلك آثارها، ولم يتحدث عن دول طارئة تأسست قبل مئات أو عشرات السنين؛ ولأن أميركا يحكمها اللوبي الصهيوني والمحفل الماسوني، فقد آلت على نفسها تحقيق الحلم الأعظم لتأسيس "مملكة داود" وهي لا تعدم الوسيلة ولا المخططات الشيطانية، لذا أنهكت دول الحضارة في حروب متتالية ثم المؤامرة الكبرى التي تؤدي لتقسيم المنطقة بدءًا من احتلال العراق وتدميره وصولًا إلى الفوضى الخلاقة أو "الربيع العربي".. ولولا يقظة جيشنا العظيم وعزله جماعة الإخوان الإرهابية لكنا اليوم مثل سوريا.

تحتاج الفوضى الخلاقة إلى شخص بمواصفات "شيطانية" ملتبسة ينفذ ما يملى عليه وفي الوقت نفسه تصدقه بلدان الصراع لأن فيه جزءًا منها، وهذا ما وجدته "الماسونية" في أوباما، فأوصلته إلى الحكم.

أوباما ولد لأب مسلم كيني أسود وأم مسيحية أمريكية بيضاء، وبعد انفصالهما تزوجت الأم من إندونيسي مسلم وذهبت معه إلى بلده وألحقت أوباما بمدارس هناك لينشأ نشأة إسلامية، حتى عاد إلى أمريكا في مراهقته ليعيش مع جدته لأمه ويتحول إلى المسيحية، لكنه عانى من ارتباك الهوية، فاضطر كما يقول "إلى ادمان الكحول والماريجوانا والكوكايين لمحاولة نسيان الأسئلة التي تجول بخاطره بخصوص الهوية وهي للحقيقة أكبر فشل أخلاقي".

"الشيطان" أوباما أصبح هدف الماسونية، فهو عند الغرب نموذج التسامح وعدم التمييز باعتباره من الأقليات الملونة كما اختبر المسيحية والإسلام، ثم بمقدوره استقطاب دول أفريقيا لأنه كيني الأصل، لذا نجح في تقسيم السودان، كما حشد الدعم لإثيوبيا حتى تحرم مصر من حصتها في النيل، ثم استغل خلفيته الإسلامية في التحالف مع "الإخوان" وتأسيس ميليشيات "داعش" لنشر الرعب والفوضى عربيًا وجر المنطقة إلى التقسيم الطائفي، حين تتدخل القوى العالمية لحماية الأقليات الذين يستهدفهم "داعش" بدعم وتمويل تركيا وقطر وإيران فكل منهم مستفيد عند نجاح المخطط الأمريكي الإسرائيلي.

"داعش" يحتل مناطق في العراق وسوريا وليبيا ويضرب أهدافًا في مصر بمعرفة "أنصار بيت المقدس"، لكنه لا يستهدف الشيعة ولا يحارب ميليشيات "حزب الله" ولا يضرب الحوثيين في اليمن.. لأن إيران جزءٌ أصيل من المؤامرة على المنطقة وتتمدد فيها تدريجيا، والأمر نفسه ينطبق على تركيا، حيث لم يحرك "داعش" ساكنا تجاه العملية العسكرية لنقل رفات سليمان شاه، وإجلاء جنود من "حلب" السورية!!.

لم يرد أوباما بشكل مباشر على الضربة المصرية الناجحة لمعاقل "داعش" في ليبيا ثأرا لأرواح أبنائها، ولأن أوباما على "رأسه بطحة" فقد تحول إلى واعظ وألقى خطابًا طويلا حول أهمية وفضائل الإسلام، ثم نفى بشكل قاطع علاقته بالإرهاب، مبشرًا إلى حرب برية ضد "داعش" لطرده من العراق، ولأن "داعش" صنيعة الولايات المتحدة فقد استلهم ما فعله الأمريكان عندما اجتاحوا العراق قبل سنوات وقام بهدم تاريخ وحضارة الموصل وحرق كنوز المكتبة الوطنية، وهو نفس ما دعا إليه السلفيون والإخوان، حيث أرادوا هدم الآثار الفرعونية والتماثيل لأنها أوثان ومظاهر شرك، ما يؤكد أن خلفيتهم جميعًا واحدة، وأن الهدف الحقيقي هو محو تاريخ وحضارة الأمم لتصبح بلا ذاكرة أو انتماء حتى يعاد تأسيسها لاحقًا على ثقافة "ماسونية" تقود بها العالم.
الجريدة الرسمية