رئيس التحرير
عصام كامل

63 عاما على رحيل أول عالمة ذرة مصرية.. سميرة موسى حصلت على الدكتوراه في الأشعة السينية.. عاشت من أجل اكتشاف علاج لمرضى السرطان.. ويد الغدر تغتالها قبل زيارتها لمفاعل نووي أمريكي


في مثل هذا اليوم من عام 1917، ولدت سميرة موسى أول عالمة ذرة مصرية، والتي ساهمت بشكل فعال في تطوير العلوم النووية، وكانت تحلم بعلاج المرضى بالطاقة الذرية والاستفادة منها في الاستخدامات السلمية، إلا أن يد الغدر اغتالتها في 15 أغسطس عام 1952 لتنهي حياتها ومعها أحلامها.


التحقت سميرة بمدرسة قصر الشوق الابتدائية ثم بمدرسة بنات الأشراف الثانوية الخاصة والتي قامت على تأسيسها وإدارتها نبوية موسى الناشطة النسائية السياسية المعروفة.

وحصدت موسى الجوائز الأولى في جميع مراحل تعليمها، فحصلت على الجائزة الأولى في شهادة التوجيهية عام 1935، ولم يكن فوز الفتيات بهذا المركز مألوفا في ذلك الوقت، فلم يكن يسمح لهن بدخول امتحانات التوجيهية إلا من المنازل حتى تغير هذا القرار عام 1925 بإنشاء مدرسة الأميرة فايزة، أول مدرسة ثانوية للبنات في مصر.

وكان لتفوقها المستمر أثر كبير على مدرستها حيث كانت الحكومة تقدم معونة مالية للمدرسة التي يخرج منها الأول، ودفع ذلك ناظرة المدرسة نبوية موسى إلى شراء معمل خاص حينما سمعت يومًا أن سميرة تنوي الانتقال إلى مدرسة حكومية يتوفر بها معمل.

واختارت سميرة، كلية العلوم بجامعة القاهرة، رغم أن مجموعها كان كبيرا، حينما كانت أمنية أي فتاة في ذلك الوقت هي الالتحاق بكلية الآداب وهناك لفتت نظر أستاذها الدكتور مصطفى مشرفة، أول مصري يتولى عمادة كلية العلوم، وتأثرت به تأثرا مباشرًا، ليس فقط من الناحية العلمية بل أيضا بالجوانب الاجتماعية في شخصيته.

وحصلت على بكالوريوس العلوم ولم تتخلَ عن المركز الأول في كليتها، كما عينت معيدة بكلية العلوم، وذلك بفضل جهود الدكتور مصطفى مشرفة الذي دافع عن تعيينها بشدة، وتجاهل احتجاجات العديد ممن كانوا يعارضون هذا الأمر.

كما حصلت سميرة على شهادة الماجستير في موضوع التواصل الحراري للغازات، وسافرت في بعثة إلى بريطانيا درست فيها الإشعاع النووي، وحصلت على الدكتوراه في الأشعة السينية وتأثيرها على المواد المختلفة.

اهتماماتها الذرية

كانت تأمل أن تسخر الذرة لخير الإنسان وتقتحم مجال العلاج الطبي، وكانت تقول: «أمنيتي أن يكون علاج السرطان بالذرة مثل الأسبرين»، كما كانت عضوًا في كثير من اللجان العلمية المتخصصة على رأسها "لجنة الطاقة والوقاية من القنبلة الذرية التي شكلتها وزارة الصحة المصرية.

سفرها للخارج
توجهت سميرة موسى إلى بريطانيا ثم إلى أمريكا لتدرس في جامعة "أوكردج" بولاية تنيسي الأمريكية ولم تنبهر ببريقها أو تنخدع بمغرياتها ففي خطاب إلى والدها قالت: "ليست هناك في أمريكا عادات وتقاليد كتلك التي نعرفها في مصر، يبدءون كل شيء ارتجاليا.. فالأمريكان خليط من مختلف الشعوب، كثيرون منهم جاءوا إلى هنا لا يحملون شيئًا على الإطلاق فكانت تصرفاتهم في الغالب كتصرف زائر غريب يسافر إلى بلد يعتقد أنه ليس هناك من سوف ينتقده لأنه غريب".

اغتيالها
وفي يوم 15 أغسطس 1952 كانت على موعد لزيارة أحد المفاعلات النووية الأمريكية في كاليفورنيا، وقبل الذهاب إلى المفاعل جاءها اتصال هاتفي بأن مرشدا هنديا سيكون بصحبتها في الطريق إلى المفاعل وهو طريق جبلي كثير المنحنيات وعلى ارتفاع 400 قدم وجدت سميرة موسى أمامها فجأة سيارة نقل كبيرة كانت متخفية لتصطدم بسيارتها وتسقط بقوة في عمق الوادي بينما قفز المرشد الهندي الذي أنكر المسئولون في المفاعل الأمريكي بعد ذلك أنهم أرسلوه.
الجريدة الرسمية