عملية اصطياد بوتين!
في الساعات الأولى من صباح السبت الماضي، وبينما المعارض الروسي "بوريس نمتسوف" في طريقه إلى ميدان الكرملين مع أحد أصدقائه، إذ تقترب سيارة بيضاء مسرعة تطلق رصاصها نحوه بغير توقف وتنطلق مسرعة.. بعد دقائق يعرف العالم أن القتيل هو "نمتسوف" المعارض المعروف والمقرب من بوريس يلسين، الرئيس الروسي الأسبق، والداعي قبل أيام إلى ما أسماه "ربيع روسيا"، مطالبا بالانتفاض ضد الرئيس "بوتين" وتغيير نظامه على الطريقة الأوكرانية!
بوتين أدان اغتيال "نمتسوف"، وقصيرو النظر اتهموا للوهلة الأولى المخابرات الروسية باغتياله والتخلص منه، بحجة التخلص من صداع مزمن روسيا الآن في غنى عنه!
الجزيرة كانت هناك وفي الدقائق الأولى بعد الاغتيال، وبعدها الرئيس أوباما يدين وبعده كيري يدين، وبعدهما أوربا تدين، وبعد الجميع تدخل على الخط "هيومان رايتس" وطابور المنظمات الحقوقية.
اغتيال "بوريس نمتسوف" جريمة بكل المقاييس، ونظريا تعتبر روسيا المستفيدة من غيابه أو تغييبه، لكن من السذاجة اعتبار أن التغييب من دولة عظمى وريثة دولة عظمى عريقة في التعامل مع المعارضين، تتعامل بهذا الشكل المباشر والغبي مع معارض كبير ومعروف.. ومعروف رد الفعل المتوقع عند حدوث ذلك، والجاني أراد كما وصف إيفان ميلنيكوف - المسئول الكبير في الحزب الشيوعي الروسي - بقوله "إن هذا الاغتيال عمل استفزازي دموي يهدف إلى إطلاق الهستيريا المعادية لروسيا في الخارج".
وقد بدأت الهيستريا ضد روسيا بالفعل، ويبدو أن صمود روسيا ضد العقوبات الغربية بسبب أوكرانيا وفشل الغرب في وقف دعم بوتين لسوريا، وكذلك استمرار روسيا في تزويد إيران باحتياجات مفاعلاتها النووية، فضلا عن الدور الروسي الأخير الكبير في الشرق الأوسط وأبرزه التعاون الإستراتيجي مع مصر، إلى حد الإعلان عن موافقة روسيا على تزويد مصر بأقوى الأسلحة الروسية وأحدثها على خلاف السابق.. وتم الاتفاق فعليا مع مصر على صواريخ "إس 300" الخطيرة جدا التي تغطي مساحات واسعة، وتتعامل مع عشرات الأهداف في وقت واحد وتجهز للعمل في 5 دقائق فقط، إلا أن الكلام يدور الآن على "الميج 35" وهي ضعفين ونصف سرعة الصوت، وقدرات مهولة تجعلها تتفوق على أحدث طائرات وكل الطائرات التي تمتلكها إسرائيل وتركيا!
روسيا عند الصهيونية العالمية تجاوزت الحدود.. سياسيا وعسكريا.. ودعوتها للتعامل بالعملات المحلية للدول التي تتعامل معها يضع الدولار كعملة عالمية في مأزق، وكان ضروريا البحث عن ملف جديد وكارت إضافي لاصطياد بوتين على طريقة البوعزيزي في تونس، وخالد سعيد في مصر، كذرائع للتدخل والبدء في سلسلة من الاتهامات والعقوبات ستكون مؤلمة، وهو ما يدعو لليقظة والتيقن بأهمية بقاء روسيا قوية.. فهي الأمل الوحيد للتخلص من هيمنة أمريكا على العالم، فالصين ما زالت تحتاج بعض الوقت، وأوربا الموحدة تحت الجناح الأمريكي وستبقى كذلك لفترة أخرى!