تفويض لن يجرؤ الرئيس على طلبه من الشعب!
فيما يبدو أن هجوم الدبلوماسية المصرية، تؤازره الضربات العسكرية المؤثرة، داخل مصر وخارج حدودها، وذلك بالتزامن مع ارتفاع أصوات جمهورية داخل الكونجرس منددة بالتخاذل الرئاسي الأمريكي عن مساندة الأداء المصري رفيع المستوي بل وتهدد بمعاقبة أوباما، ربما هو ما أفضي حاليا إلى خطوات مفاجئة في سرعتها، وفي إيقاعها، فقد شهد منتصف الأسبوع زيارة لم يعلن عنها سلفا للعاهل الأردني الملك عبد الله الثاني، ترتب عليها أمران عاجلان، أولهما، تشكيل مجموعة عمل بقيادة الرئيس السيسي، والملك الأردني لمواجهة داعش والإرهاب عامة، والثاني قيام الرئيس بزيارة عاجلة إلى السعودية، والموضوع المعلن هو تكوين جيش عربي من مصر والسعودية والأردن والإمارات والكويت و... قطر؟ لمحاربة الإرهاب الذي تدعمه قطر!
مطروح أيضا أن يكون ذلك من خلال ضم مصر إلى قوة درع الجزيرة التي تحمي الأمن القومي لدول مجلس التعاون الخليجي، أما غير المعلن، فمرتبط من ناحية بلغم اسمه وساطة سعودية أردنية لإصلاح ذات البين بين مصر وبين الحاقد الناقم الحالم بالوهم طيب أردوغان، وبالتالي تمرير مصالحة مع جماعة الإخوان الإرهابية !!
سبقت ذلك مبادرة ملغومة من رجل مريب هو طارق البشري، إخواني موميائي، وتزامنت معه لقاءات مع الرئيس طلبها منشقون غلاة في انشقاقهم هم الخرباوي والهلباوي ومختار نوح، أثبتوا حربهم الضروس كثيرا ضد ظهيرهم التاريخي القديم، وانحازوا للدولة والوطن، مهما كانت لنا تحفظات على أحدهم، ولقد استطلعوا رأي الرئيس عن قبول توبة سجناء إخوان، واستمع لهم الرجل، ويبقي الملف مفتوحا وملغوما، وسواء كانت تلك الأجواء كلها رياحا عليلة تسبق محطة للراحة والتقاط الأنفاس، أو اجتهادات محللين ومحرضين، فإن المقطوع به أمران: أولهما أن مصر بحاجة إلى الاستقرار للعمل وجني الثمار، وثانيهما أن الرئيس ليس حرا في مثل هذا السعي الذي يقال إن واشنطن تريده، لجمع المنطقة ضد خطري إيران عند باب المندب عبر جنودها من الحوثيين الشيعة، ثم همج العصر الداعشيين.
نعم، يحتاج الرئيس تفويضا جديدا، لن يجرؤ حاليا في ظني على الجهر به، لأن ليس من المعقول أن يعود إلى الشعب ويقول له: من فضلكم يا مصريين، أعطوني تفويضا ضد التفويض الأول، لتصالحوا من طالبتموني بمحاربته!
صحيح أنه لا صداقات دائمة في السياسة، ولا عداوات باقية، بل المصالح هي سيدة كل المواقف، لكن ذلك لا يجوز مع الخونة من بني الوطن.
على أية حال، دعونا نتابع وننتظر، كيف ستمر السلحفاة الصابرة عبر حقل ألغام تركي أمريكي قطري، مع التسليم المطلق بشرف القصد السعودي ونواياه وذكائه التاريخي!