إلى متى الصغيرة قطر؟!
أثار حادث قبض السلطات الفرنسية على ثلاثة صحفيين من قناة "الجزيرة" الفضائية بعد إطلاقهم طائرة دون طيار من حديقة في إحدى ضواحي العاصمة بالقرب من برج إيفل، العديد من التساؤلات وعلامات الاستفهام على الأقل عند المتابع بشكل موضوعي للقضية.
فلم نجد أي رد فعل أو تعليق أو إدانة من جانب الدول أو منظمات حقوق الإنسان والمنظمات المدافعة عن حرية الصحافة والإعلام، على الرغم من أن ما حدث في باريس يشبه ما حدث لثلاثة أيضًا من صحفيي "الجزيرة" في مصر بعد خرقهم القانون المصري الذي يحظر ممارسة العمل الصحفي أو الإعلامي من قبل الأجانب إلا بعد استخراج التصاريح اللازمة لذلك. وفي فرنسا يحظر إطلاق طائرات دون طيار دون أخذ التصاريح اللازمة.
صحفيو "الجزيرة" خرقوا القانون في كل من مصر وفرنسا، ومع ذلك قامت الدنيا على مصر بعد قرار حبسهم ونددت دول ومنظمات حقوق الإنسان ومنظمات الدفاع عن حرية الصحافة والإعلام، وشجبت وسائل الإعلام الغربية سواء كانت صحفًا أو شبكات أخبار أو وكالات أنباء قرار المحكمة المصرية بحبسهم رغم ثبوت التهم عليهم وأولا وقبل كل شيء خرقهم القانون المصري وعدم استخراج تصاريح العمل اللازمة، ومع ذلك اتخذت دول كبرى القبض عليهم ومحاكمتهم في مصر كذريعة للهجوم على مصر واتهام النظام الحاكم بأنه نظام قمعي يقوم بحملة ممنهجة للتضييق على المعارضة سواء إسلامية أو ليبرالية ولا يسمح بحرية الإعلام والصحافة ويقيد حرية التعبير بشكل عام، بل بسبب ذلك طالبت مراكز أبحاث أمريكية الإدارة الأمريكية بوقف المساعدات العسكرية إلى مصر وتحويل ما تبقى من مساعدات إلى الشعب وليس الحكومة وقصر التعامل مع الحكومة المصرية في حدود التعاون الأمني فقط.
والعكس صحيح، لم تقم الدنيا على فرنسا وتهاجم قرارها بالقبض على هؤلاء الصحفيين، بل هناك صمت دون أي تعليق.. الحدث هو نفسه والمتهم هو نفسه ورد فعل الدولتين (مصر وفرنسا ) هو نفسه لكن رد الفعل العالمي مختلف تمامًا.
وبغض النظر عن الاتفاق أو الاختلاف مع قناة "الجزيرة"، لا تثير دهشة أنها تستخدم كل الأدوات المشروعة وغير المشروعة في عملها وتوفر أحدث التقنيات والوسائل التكنولوجية الحديثة وتستعين بطاقم عمل خبير وعلى أعلى مستوى من المهنية والكفاءة ومع ذلك تفتقر إلى الشرف الإعلامي وتلجأ إلى تلفيق الحقائق ونشر الأكاذيب وذلك من أجل تنفيذ أجندات خاصة وتحقيق أهداف غير معلنة بغرض الإضرار بمصالح دول بل هدم دول، لذلك فهذه القناة ترى نفسها فوق قوانين الدول لا تعبأ باتباع الخطوات القانونية لممارسة عملها.
وفي مصر، رغم وقف البث من القاهرة، فإنها وسيلة قاصرة لا توقف القناة ولا تقيد عملها لأنها استطاعت البث من خارج مصر، ومع كل المحاولات الرسمية وجهود المصالحة بين مصر وقطر والتي كانت قد تكللت بالنجاح إلى حد ما بفضل وساطة الملك الراحل عبد الله ملك السعودية، حيث أعلنت "الجزيرة مباشر مصر" وقف بث برامجها وتغيرت لهجة مذيعيها وأعلنت تأييدها الرئيس عبد الفتاح السيسي كرئيس شرعي للبلاد، وأنها سوف تبث من القاهرة بعد الاتفاق مع السلطات المصرية، إلا أنها لم تلبث بعد وفاة الملك عبد الله، أن تعود إلى سابق عهدها من هجوم وتضليل وتحريض على العنف وتشويه واستعداء الرأي العام الداخلي والدولي ضد مصر ونظامها الحاكم حيث عادت لتصفه بالانقلاب.
لا يمكن وصف هذه الحالة إلا بأنها دليل جديد يضاف إلى القائمة الطويلة من ازدواجية المعايير الدولية وسياسة الكيل بمكيالين في العالم اليوم.. ومثال ذلك أيضًا أنه رغم آلاف الضربات التي شنتها الولايات المتحدة الأمريكية وحلفاؤها سواء في أفغانستان أو العراق، أو ضمن التحالف الدولي لمكافحة الإرهاب في سوريا والعراق، لم نسمع من أي منظمة تنديد أو شجب لأنها أدت إلى قتل مدنيين أبرياء، وعندما قامت القوات المسلحة المصرية بقصف أماكن مرصودة ومحددة لتنظيم داعش الإرهابي في ليبيا بعد قتلهم مواطنين مصريين، حدث الهجوم على مصر وطالعتنا منظمة العفو الدولية ببيان –بمنتهى الجرأة والتبجح – أن الضربات الجوية المصرية أدت إلى مقتل مدنيين أبرياء دون استناد إلى أي معلومات عدا ما سمته "روايات شهود عيان".
وذلك على الرغم من تأكيد القيادة المصرية أن أهداف الضربات الجوية على ليبيا كانت مرصودة منذ عدة أشهر وبالتنسيق مع القيادة الليبية الشرعية وانطلاقًا من حق مصر الأصيل في الدفاع الشرعي عن النفس وفقًا لميثاق الأمم المتحدة، لكن الغريب أن المنظمات التي نددت بالضربات ـومن بينها منظمة العفو الدوليةـ حرصت على تجاهل تلك الحقائق ولم تتطرق إليها من قريب أو بعيد الأمر الذي يثير علامات استفهام حول مدى جدية وحقيقة نوايا هذه المنظمات ودأبها على انتهاج سياسة الكيل بمكيالين والانتقائية حينما يتعلق الأمر بممارسات دول كبرى، كما أن مزاعم هذه المنظمة هي بالضبط مزاعم قناة الجزيرة والتي أطلقتها بعد دقائق من إعلان الجيش المصرى العملية ودون أي دليل.
للأسف إن قناة الجزيرة ومن ورائها قطر مستمرة في نهجها نحو العداء والتربص والهجوم الشديد على مصر وحكومتها والتحريض على القتل والعنف وتأليب الرأي العام الداخلي بمزيد من الفبركة والموضوعات الملفقة التي لا هدف من ورائها إلا تدمير وهدم الدولة المصرية وهو ما لن يحدث، فلن تسقط مصر بإذن الله وستظل تنعم بالأمن رغم المحاولات المستميتة لزعزعة استقرارها، وذلك بفضل مؤسساتها الأمنية الدءوبة جيشًا وشرطة بقيادة الرئيس السيسي.
وتحيا مصر.... تحيا مصر..... تحيا مصر..