رئيس التحرير
عصام كامل

غزوات الجيش في عهد الفراعنة.. جنود «أحمس» وصلوا سوريا و«رمسيس الثاني» يؤدب الحوثيين في قادش.. رمسيس الثالث يقوم بغزوات على الخارجين في دمشق والولايات المتاخمة


منذ القدم كان الجيش المصرى درع الوطن وسيفه الذي يدفع عنه المعتدين ويقف أمام الخطط الاستعمارية الساعية لتقسيم مصر، ولذلك خاض جنود الجيش في عهد الفراعنة عدة حروب ففى بداية حكم الأسرة الثالثة عام 2686 قبل الميلاد، تعرضت مصر لغارات على حدودها من قبل البدو، فسارع الملك "زوسر" بوضع اللبنة الأولى لبناء جيش مصرى نظامي، والذي يعد الأول في التاريخ، وتولى "زوسر" بنفسه قيادة هذا الجيش.


وقسم الجيش إلى فيالق، وكل فيلق إلى عدد من الفرق وتنقسم الفرقة إلى عدد من السرايا وتضم السرية 200 فرد وتنقسم السرية إلى عدد من الفصائل وكل فصيلة تضم 50 فردًا وكان الجندى يسمى ""نفرا" أي الشاب المتباهى، حسبما جاء في موسوعة "تاريخ الجيش المصري" بالهيئة العامة للاستعلامات.

"أحمس" يصل حتى سوريا
تطور الجيش خلال الفترة من عام 1552 وحتى عام 1085 قبل الميلاد، وحسب موسوعة "مصر القديمة" للمؤرخ سليم حسن، اعتبرت هذه الفترة عصر الإمبراطوريات المصرية العظيمة وعصر البطولات والأمجاد العسكرية من أهمها هزيمة الهكسوس بعد صراع طويل بين الجيش المصرى والهكسوس، وقد أفرزت هذه البطولات جيشًا مصريًا من أعرق وأعظم الجيوش في تاريخ العالم القديم.

ويؤكد موقع علماء الآثار في بحث "الأسرة السابعة عشرة في طيبة وطرد الهكسـوس"، أن "أحمس" نجح في طرد هؤلاء الغزاة "الهكسوس" من آخر معاقلهم في مصر، ثم طاردهم إلى أن وصلوا إلى مدينة "شاورهين" في جنوب "غزة"، واستمر الجيش المصري بقيادة أحمس يطاردهم في فلسطين، ثم توغل في مطاردتهم حتى وصل إلى سوريا.

ويذكر الأثريون أنهم لم يعثروا على وثائق سجلها الملك "أحمس" بنفسه، ولكن هناك مقبرة أحد قواده، وهو "أحمس بن إبانا"، والمنقورة في الصخر في منطقة "الكاب"، 20 كيلو شمال إدفو، فقد سجل هذا القائد على جدران مقبرته النص التالى: "أمضيت أيام شبابى في مدينة "الكاب"، وكان أبى ضابطًا في جيش الملك "سقنن رع"، وبعد وفاة والدى التحقت بالجندية، ورقيت حتى أصبحت ضابطًا على سفينة من سفن جلالة الملك، وكان ذلك أيام الملك "أحمس"، وكنت إذ ذاك شابًا لم أتزوج بعد. ونقلت بعد ذلك إلى الأسطول الشمالى، وذلك لشجاعتى وإقدامى، ثم توليت بعد ذلك قيادة فرقة الحرس الملكى".

ولأول مرة يذكر المصرى العجلة الحربية، إذ يقول "أحمس بن إبانا": "وكنت أتبع الملك في ذهابه وهو يستقل عجلته". وتحدث القائد بعد ذلك عن حصار "أواريس"، والتي يبدو أنها هوجمت من الشاطئ الواقع على النيل، حيث كان قائدًا للأسطول، وتحدث بعد ذلك عن حصار "شاروهين"، ومطاردة الملك "أحمس" للهكسوس في داخل فلسطين.

رمسيس الثاني
ويذكر المؤرخ سليم حسن، في موسوعة "مصر القديمة" في الجزء السادس والسابع، أن "رمسيس الثاني" هو المعيد لمجد بلاده وسلطانها في الخارج، بين أمم العالم المتمدين آنذاك، ثم تولى بعده ابنه "مرنبتاح"، وعند بلوغه سن الشيخوخة مهد للطامعين من الأمم المجاورة الزحف على مصر، وكان اللوبيون يزحفون على مصر بالتسرب تارة والتهديد بالغزو تارة أخرى.

ويقول الدكتور رشدي البدراوي، أستاذ بجامعة القاهرة، في بحثه "حروب رمسيس الثاني"، إن رمسيس الثاني كان يطمع في إعادة الإمبراطورية المصرية كما كانت في عهد تحتمس الثالث، ومن ثم فقد قاد في السنة الرابعة من حكمه حملة لإخضاع الساحل الفينيقي ليتخذه قاعدة لتوسعاته المقبلة ووصل إلى نهر الكلب على مقربة من بيروت، ونقش على صخرة هناك ما يدل على وصوله إلى هذا المكان، وكان في هذا نقض للمعاهدة التي كانت معقودة بين سيتي الأول والده وملك خيتا، وأضمر رمسيس الثاني متابعة التوسع شمالًا، وفي العام التالي، أي العام الخامس من حكمه، قاد حملة ثانية وهي الحملة التي وقعت فيها معركة قادش الشهيرة وكان ملك خيتا من جانبه قد توجس خيفة من رمسيس الثاني ولعله علم نواياه فاستعد لذلك وأعد جيشًا قويًا انخرط في سلكه كثير من المرتزقة، كما استمال إله أمراء الشام حتى لا يقوموا بطعنه من الخلف أثناء حربه مع المصريين.

غزوة "قادش"

في موسوعة "مصر القديمة" قال المؤرخ سليم حسن في وصف معركة "قادش"، "كان الحوثيون يقفون كآمنين خلف مدينة قادش ثم خرجوا من الجهة الجنوبية في قادش واخترقوا قلب فيلق رع الذي كان يتابع السير ولم يكونوا مستعدين للحرب عندئذ تخاذل مشاة جلالته وفرسانه أمامهم، وكان جلالته قد عسكر شمالي قادش وفي هذه اللحظة جاء رجل وأخبر جلالته بذلك وظهر جلالته آنئذ مثل ( منتو) (إله الحرب) فأخذ عدة الحرب ولبس درعه فكان مثل ( بعل ) وركب جلالته مسرعًا، واندس في أعماق الأعداء، وكان وحده ولم يكن معه إنسان آخر ولما نظر خلفه وجد أن طريق مخرجه قد أحيطت بألفين وخمسمائة عربة من كل نوع من حاربي خيتا، ثم يستمر الكلام على لسان رمسيس الثاني فيقول، ولم يكن معي رئيس ولا قائد عربة ولا ضابط مشاة ولا حامل درع، ومشاتي وخيالتي قد تركوني فريسة أمامهم، وعندئذ قال جلالته: ماذا جرى يا والدي (آمون)؟ هل من عمل الوالد أن يهمل الابن؟ أم هل عملت شيئًا بغير علم منك ؟ هل مشيت أو وقفت إلا على حسب قولك ؟ هل تعديت الخطط التي أمرت بها من فمك، ألم أقم لك آثارًا عدة لأملأ معبدك بأسلابي، ووهبت لك كل أملاكي بوصية، وعملتُ على أن تعطى عشرات الآلاف من الثيران مع كل أنواع النبات الزكية؟

"رمسيس الثالث"

وذكر سليم حسن في موسوعته الجزء السابع أنه لم يكد رمسيس الثاني يواري التراب، حتى قام "اللوبيون" بغزوة شاملة على أرض الدلتا، غير أن مرنبتاح أوقف الغزوة خارج حدود مصر. وفي عهد رمسيس الثالث "الفترة من 1200 حتى 1168 قبل الميلاد"، الذي كان يعد بمثابة صحوة الموت في تاريخ مصر، وتمكن من إعداد جيش عظيم قوي الأركان، حسن النظام، استطاع بقوة الجيش المنظم أن يعيد لمصر جزءًا كبيرًا من إمبراطوريتها في آسيا.

وأكد سليم حسن أن أهل لوبيا قاموا في عهد رمسيس الثالث بالزحف على مصر تساعدهم قبائل المشوش، فأخذ رمسيس الأمر على أهبته، وتقابل معهم في مواقع طاحنة، انتهت بفوز مصر، وكان أقوام البحار يتأهبون للزحف على مصر بحرًا وبرًا من جهة فلسطين، وعلم رمسيس الثالث بذلك، فاستعد لملاقاتهم في بلاد "كنعان" وهزمهم هزيمة نكراء.

وبعد هذه الانتصارات على قبائل "لوبيا" وأقوام البحار لم يبق أمام رمسيس الثالث إلا غزوات قام بها على الخارجين من أهل سوريا العليا، والولايات المتاخمة لها، وقد أحرز النصر المبين عليهم، وأصبحت الولايات الآسيوية تدين له بالطاعة، كما كانت تخضع له بلاد لوبيا وقبائلها المختلفة، حسب موسوعة "مصر القديمة" لسليم حسن. 

وأكد المؤرخ سليم حسن أن رمسيس الثالث غزا بلاد "كوش" في بداية حكمه، حسبما تدل النقوش، ومن ثم بقيت موالية له تؤدي الجزية.
الجريدة الرسمية