رئيس التحرير
عصام كامل

وفي الأزهر دواعش أيضا!!


مشايخنا هم الذين صنعوا أفكار داعش.. بعض أزهريينا دواعش.. أيضا.. لكننا مازلنا مجتمع "نعام".. ندفن أنفسنا في الرمال، ونظن أن لن يرانا أحد.. نبحث عن حريتنا في السياسة، وفي الانتخابات.. ثم نطرب، بلا اعتراض، لتداول مشايخنا في المساجد، قصصا عن "تحريف الإنجيل".. وحرمانية مصافحة المسيحي، أو تهنئة غير المسلمين بأعيادهم.


لماذا نحن مجتمع "نعام"؟
لأن الكتابة عندنا عن المشايخ، مازالت أشبه بالنقش على جلد الغزال.. تشم بعدها فورا، روائح شياط، وتوصيف، وتكفير وشك في سمعة الكُتَّاب، ووصم إما بالخروج على الدين.. أو بسوء النية.. والعلمانية!.. أغلبنا لا يعرف العلمانية.. كما لا يعرف الدين.

داعش أيضا لا تعرف الدين، هكذا يقول الأزهر.. يقول مشايخ الأزهر أيضا إنهم هم الوسطية.. وإنهم هم الإسلام السمح، وإن أئمة الأوقاف هم حماة الإسلام الصحيح.. وإنهم القائمون على الدين القيم.. لكن كل هذا ليس صحيحا كما تقول الوقائع، وكما تشير خطب الجمعة في مساجدنا من السبعينيات.. للآن.

قبل شهرين، طالب الرئيس السيسي رجال الدين والمشايخ، بإقامة الدين الصحيح، والبحث عن طريق لإعادة نشر الوسطية بين الشباب.. رد وقتها الأزهريون ومشايخ الأوقاف بأنهم أهل لذلك.
 
سألت أحد مشايخ الأوقاف الكبار وقتها: ماذا تعني وسطية الإسلام؟.. قال الرجل إنهم شكلوا في الأزهر والأوقاف لجانا لبحث الوسطية، وأساسياتها!

المعنى أن مشايخنا لا يعرفون الوسطية.. ما لديهم هو ما لديهم.. ما في كتب الأزهر من تراث، وما يتداوله أئمة الأوقاف في المعاهد الأزهرية من أفكار تقترب من الخرافة في تفسير الأحكام، وإعادة تأويل المستخرجات الشرعية.. لن تتغير.. لن يغيروها، لأنهم لا يعرفون أنه لابد لها من إعادة تأهيل وتدوير.. لذلك لم تنتهِ لجان البحث عن الوسطية إلى شيء.. بعض أزهريينا، وأغلب مشايخنا أشبه بجماعة الفروريين الفرنسية.

"الفروريين" هم تلاميذ الفيلسوف الفرنسي شارل فورييه.. كان شارل فورييه اشتراكيا، يدعم العمال.. وينادي بحريات الطبقات الفقيرة، وحقوقها في التخلص من توحش الرأسمالية.. وسطوة أصحاب أدوات الإنتاج.. لكن شُهر عن فورييه في الوقت نفسه أنه كان يترك كرسيا شاغرا في حلقته النقاشية بأحد مقاهي باريس؛ انتظارا لرجل رأسمالي ربما يأتي لينفق على مشروعه.. بإعدام رأس المال ومصادرة أموال أصحاب أدوات الإنتاج!!.. مثل شارل فورييه مثل رجال الدين تبعنا.

حتى الآن يتداول مشايخ وأئمة الأوقاف من على المنابر، مصطلحات عن بلاد المسلمين باعتبارها دار إسلام.. ويتناولون إثباتات شرعية في الغرب باعتباره دار حرب.

على منابر المساجد، للآن، نسمع يوم الجمعة أحاديث عن الأقباط باعتبارهم مستأمنين، لا مواطنين، ويتناقل مشايخنا أحاديث نبوية، قفزت من زمان إلى كتب التعليم الابتدائي عن تحريف الكتاب المقدس.. وتفاصيل عديدة عن وهم عقيدي لدى المذاهب المسيحية كلها، وأن الدين عند الله هو الإسلام!

في مدارسنا، يدرس أطفالنا أن الدين عند الله الإسلام، بحق يراد به باطل، وأن من يبتغي غير الإسلام دينا لن يقبل منه.. بغير فطنة، وفي غير محله.. ويدرسون أيضا كلاما عن علامات يوم القيامة، عندما يكون المسلم القابض على دينه، كالقابض على الجمر.. وأنه حتى يخرج المسيح الدجال، سيكون الإسلام مستضعفا، وأن أمة الإسلام "الضعيفة" سيخرج منها من يستقوون بالله، فيقاتلون الطاغوت.. ويقتلون الخنزير!! 

لماذا يقول الأزهر إن داعش خارجة على الإسلام، وإن ذبحهم لأقباطنا ليس من الدين؟..  ما الذي فعلته داعش؟

الذي فعلوه أنهم قتلوا الأقباط؛ ردا على المحاربين في الغرب.. توعدوا الطاغوت بمزيد من القتلى.. قالوا إنهم الأمة الباقية الممسكة على الدين في آخر الزمان، وإنهم يظلون على تمسكهم، حتى ينزل المسيح عيسى ابن مريم، وينقذهم من فتنة المسيح الدجال، ويقتل اليهودي، ويقتل الجنزير!!

تتكلم داعش بنفس "النبرة السلفية"، التي تكلم بها المشايخ أبو يعقوب، وأبو إسلام، والشيخ الحويني في مساجد فاقوس، والإسكندرية وشارع طومان باي في الزيتون.

هو نفسه الاستئناس بلهجة المسلمين الأوائل، رغبة بالعودة إلى عصر الصحابة، وهي نفسها نبرة الفكر السلفي الجهادي بسلوكيات موحية عن استماتة في استعادة زمن الجيلين الأول والثاني من أجيال الإسلام الأولى.

Twitter: @wtoughan
wtoughan@hotmail.com
الجريدة الرسمية