رئيس التحرير
عصام كامل

«الرابحون والخاسرون» من قانون «الخدمة المدنية».. مميزات جديدة لذوى الاحتياجات الخاصة.. إلغاء عمل الموظف تحت الإشراف المباشر لأحد الأقارب.. و3 سنوات للترقية بدلا من 8 أعوام


لسنوات طويلة ظل الجهاز الإدارى للدولة مرتعا للفساد وبابا من أبواب المحسوبية يستغله أصحاب المناصب في تعيين ذويهم ومنحهم كل المزايا دون أي دور رقابى من الدولة، خاصة أن قانون الخدمة المدنية عفى عليه الزمن ويتضمن بنودا من عهود بائدة، ولأن التغيير والتطوير سنة من سنن الحياة طرحت الحكومة مؤخرا مشروعا جديدا للعاملين بالجهاز الإدارى للدولة للقضاء على ثغرات القانون القديم وسد الطريق أمام الفاسدين.


ويعد مشروع قانون الخدمة المدنية الجديد جزءا من منظومة الإصلاح الإدارى بالدولة والتي اعتمدها رئيس مجلس الوزراء المهندس إبراهيم محلب، وهو أيضا حلقة من حلقات برنامج الإصلاح الشامل في كافة المجالات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية الهادفة إلى تطوير الدولة المصرية لتصبح دولة عصرية قادرة على مواجهة التحديات العاتية دوليا وإقليميا.

ويضم القانون عددا من المميزات للعاملين بالجهاز الإدارى للدولة مشتملا على زيادة مدة الإجازة الاعتيادية لذوى الاحتياجات الخاصة 15 يوما بالإضافة إلى رصيد الإجازة الاعتيادية الحالية، ويأتى ذلك في إطار تقدير الدولة لتلك الفئة من متحدى الإعاقة كما أن القانون أوصى بزيادة إجازة الوضع للموظفة ليصبح 4 شهور بدلا من 3 شهور بأجر كامل بحد أقصى 3 مرات خلال مدة عملها.

وطبقا للقانون الجديد سيتم فتح الترقيات لترقية الموظفين بالكفاءات دون التقيد بالأقدميات وذلك بنسبة 20 % من وظائف المستوى العاشر ثم 25 % من المستوى التاسع و30 % من المستوى الثامن و40 من وظائف المستوى السابع و50% من وظائف المستوى السادس ثم نسبة 100% لباقى المستويات، بالإضافة إلى تخفيض المدد البينية للترقية 3 سنوات بدلا من 8 سنوات للترقية من الدرجة الثالثة إلى الثانية وبدلا من 6 سنوات للترقية من الدرجة الثانية إلى الأولى وهو ما يضاعف عدد علاوات الترقية للموظفين، وكذلك إنشاء وظيفة واحدة لكل وكيل وزارة دائم للوزارة بالمستوى الأول بما يحقق الاستقرار المؤسسي.

رفع العلاوة
ومن مزايا القانون رفع العلاوة الدورية حتى تتناسب مع معدل التضخم ويحددها مجلس الوزراء سنويا بحد أدنى 5% من الأجر الأساسى الجديد وذلك بدلا من الوضع الحالى والذي تتراوح فيه قيمة العلاوة بين 1.5 جنيه 6 جنيهات، بالإضافة إلى منع تضارب المصالح حيث لا يجوز عمل الموظف تحت الإشراف المباشر لأحد الأقارب من الدرجة الأولى في نفس الجهة كما يحظر القانون على الموظف ممارسة العمل السياسي داخل الجهة الإدارية أو جمع تبرعات لصالح حزب معين أو الدعاية له كما كان يحدث سابقا مع الزام جميع الموظفين بالدولة باستهلاك ثلثى الإجازة الخاصة بكل سنة مالية حيث يسمح بترحيل ثلث رصيد الإجازات فقط إلى العام المقبل وذلك لمدة 3 سنوات فقط على أن يقوم باستهلاك الرصيد أو حصول الموظف على مقابل نقدى لهذا الثلث المرحل كل 3 سنوات.

الجزاءات التأديبية
وفيما يتعلق بالجزاءات التأديبية فإن القانون الجديد يسمح ببقاء الجزاء داخل ملف الموظف دون التأثير على الموظف كاسترشاد للجان التقييم أثناء الترقية وغيرها من المهام الأخرى التي تخص الموظف، وقصر التعيين عن طريق مسابقة مركزية لمنع الواسطة والمحسوبية وذلك بالشروط التي تضعها كل جهة إدارية بالدولة.

ورغم المزايا التي يتيحها القانون للعاملين بالجهاز الإدارى للدولة هناك من هاجم القانون واعتبروه يضر بمصالحهم وعلى رأس المهاجمين أعضاء النيابة الإدارية وحملة الماجستير والدكتوراه وأوائل الخريجين بالجامعات الحكومية الذين وجهوا انتقادات لاذعة لتجاهل القانون حقوق أوائل الجامعات في التعيين، وقصر دور النيابة الإدارية على المخالفات المالية التي يترتب عليها ضرر مالى، بل وإلغاء كافة الضمانات التأديبية لموظفى الدولة، وهو الدور الذي أنشأت النيابة الإدارية لأجله.

إجازة الوضع
فيما اختلفت الآراء حول زيادة مدة إجازة الوضع للموظفة إلى أربعة أشهر بدلًا من ثلاثة أشهر بأجر كامل بحد أقصى ثلاث مرات طوال عملها بالخدمة المدنية، فهناك من اعتبر ذلك حقا من حقوق المرأة العاملة، وهناك من رأى زيادة المدة مبالغة، خاصة وأن المرأة كانت تحصل فيما سبق على إجازة شهرين فقط وتم مدها لثلاثة أشهر، أما رفعها لأربعة أشهر فهو أمر يضغط على الدولة وفقا لآراء الرافضين للقانون.

هجوم على القانون
المستشارة نجوى صادق نائب رئيس هيئة النيابة الإدارية شنت هجوما حادا على القانون واستنكرت دور هيئة قضائية مستقلة مثل النيابة الإدارية، ومنعها من ممارسة حقوقها في التحقيق في الشكاوى والبلاغات، وإحالتها للجهة الإدارية المعنية، بالإضافة لمنعها من ممارسة دورها في توقيع الجزاءات التأديبية، معتبرة القانون بيئة خصبة للفساد الإدارى وإهدارا المال العام للدولة.

وأضافت صادق أن اتجاه قانون الخدمة المدنية لتهميش دور النيابة الإدارية يضرب العدالة في مقتل، إذ أن النيابة الإدارية كانت أحد أهم عناصر تحقيق المساواة بين الموظفين، والتصدى للمخالفات التي يرتكبها شاغلو الوظائف العليا، وفى الوقت ذاته حماية أموال الدولة من أي مخالفات سواء كانت خفية أو ظاهرة.

وانتقد الدكتور عبد المطلب عبد الحميد، أستاذ الاقتصاد بأكاديمية السادات للعلوم الإدارية، إشارة قانون الخدمة المدنية لإجازة حصول الموظف على هدايا رمزية، لا تتجاوز قيمتها 300 جنيه، معتبرا ذلك إهانة للموظف العام، منوها أن الدولة قد تكون اضطرت للتطرق لذلك بعد ما أحدثه نظام مبارك من تشوه بسبب انتشار الفساد، والذي جعل قبول الهدايا باهظة الثمن أمرا طبيعيا.

وطالب بضرورة إيضاح شروط التعيين في الوظيفة العامة، بشكل تفصيلي، إذ أن الاكتفاء باشتراط ألا يكون المتقدم للوظيفة قد سبق الحكم عليه بعقوبة جنائية، أو عقوبة مقيدة للحرية في جريمة مخلة بالشرف والأمانة، غير كاف بالإضافة لضرورة استعراض واجبات الموظف، والعقوبات التأديبية التي توقع عليه في حالات التقصير، خاصة وأن تلك النقاط لم تتضح بعد بالقانون.

"نقلا عن العدد الورقي.."
الجريدة الرسمية