رئيس التحرير
عصام كامل

انتشار كتب التكفير في مساجد "الأوقاف".. "ملة إبراهيم" بـ "المراغي" في حلوان".. غلق مسجد الحق بالشرقية بعد العثور على كتاب "أمة عاقة".. ومؤلفات الإخوان بـ "نور الإسلام" في أسيوط


لا يترك وزير الأوقاف الدكتور محمد مختار جمعة، مناسبة إلا ويؤكد حرص وزارته على محاربة الأفكار التكفيرية ومواجهة الجماعة المتطرفة التي تسعى لتجنيد الشباب في خدمة مشروعها المحرض على العنف وقتل الناس إلا أن واقع المساجد الخاضعة لسلطة الوزارة يكشف قصورًا هائلا في مراقبة ومتابعة ما يتم نشره من أفكار ومبادئ لجمهور المصلين المترددين على المساجد.


"مكتبات المساجد" واحدة من أهم الثغرات التي استغلتها جماعات العنف والإرهاب لنشر مبادئها وأفكارها البعيدة عن وسطية الإسلام والمشجعة على تكفير المجتمع والتحريض على مؤسسات الدولة في غفلة من مفتشى الأوقاف.

وزير الأوقاف
ولم يلتفت الدكتور محمد مختار جمعة، وزير الأوقاف، إلى خطورة ما يتم ترويجه من كتب داخل بيوت الله خاصة من طيور الظلام من الجماعات المتشددة التي تعرف قيمة وأهمية المسجد في نشر مبادئها وأفكارها في الوقت الذي يملأ فيه الدنيا تصريحات عن جهوده المشكورة ومساعيه الدءوبة في تجديد الخطاب الديني.

ولعل ذلك ما دفع قيادات جماعة الإخوان الإرهابية إلى إصدار عدد من القوانين في عهد رئيسهم للسيطرة على المساجد وكان القرار الأخطر بحل مجالس إدارات المساجد.

ونص القرار على أن تتضمن لائحة انتخاب مجلس إدارات المساجد، رئيس مجلس إدارة يتم انتخابه عن طريق رواد المسجد، وبعضوية إمام وخطيب المسجد، ووكيل المديرية التابع لها ويكون مجلس الإدارة معنيًا بنظافة المسجد وصيانته وتنظيم موائد الرحمن وذلك من أموال التبرعات وهو ما سمح للجماعة خلال تلك الفترة بالسيطرة على ما يتم ترويجه داخل مكتبات المساجد من كتب تتبنى الفكر الإخوانى.

القاهرة وأسيوط والشرقية
وفى جولة ميدانية على عدد من أشهر مكتبات المساجد الكبرى بمحافظات القاهرة وأسيوط والشرقية، تم العثور على عدد من الكتب التي تحرض على العنف والتطرف والاقتتال، ونشر مفاهيم ومصطلحات تثير الفتن والمشاكل في مجتمع ضعف نسيجه من جراء الأزمات المتعاقبة التي حلت به.

وشملت الجولة مكتبات مساجد النور بالعباسية، والمراغى في حلوان ونور الإسلام في أسيوط والحق في الشرقية، ففى مسجد الإمام المراغى بمنطقة حلوان، ضمت المكتبة كتابًا من أخطر كتب التطرف في مصر والعالم العربى والإسلامى وهو "ملة إبراهيم"، لمحمد المقدسى، الذي يصنف كأحد أهم مراجع الفكر المتطرف والإرهاب ومؤلفه أحد أقطاب التطرف في العالم، والقيادى بتنظيم القاعدة.

ويستهل المؤلف مقدمة الكتاب برسالة إلى من وصفهم بـ "الطواغيت في كل زمان ومكان"، قائلا: "إلى الطواغيت حكامًا وأمراءً وقياصرة وأكاسرة وفراعنة وملوكًا، إلى سدنتهم وعلمائهم المضلين، إلى أوليائهم وجيوشهم وشرطتهم وأجهزة مخابراتهم وحرسهم.. إلى هؤلاء جميعًا.. نقول: إنا براء منكم ومما تعبدون من دون الله".

وفى الصفحة 23 يقول المؤلف "فالذين يصدّرون أنفسهم للدعوة في هذا الزمان بحاجة إلى تدبر هذا الأمر جيدًا ومحاسبة أنفسهم عليه كثيرًا، لأن دعوة تسعى لنصرة دين الله ثم تلقى بهذا الأصل الأصيل وراءها ظهريًا لا يمكن أن تكون على منهج الأنبياء والمرسلين.. وها نحن نعايش في هذا الزمان انتشار شرك التحاكم إلى الدساتير والقوانين الوضعية بين ظهرانينا، فيلزم هذه الدعوات ولا بد من التأسى بنبيها في اتباع ملة إبراهيم بتسفيه قدر هذه الدساتير وتلك القوانين وذكر نقائصها للناس وإبداء الكفر بها وإظهار وإعلان العداوة لها ودعوة الناس إلى ذلك".

التطرف
وفى صفحة 30 من الكتاب أشار المؤلف إلى وجوب قيام الدولة الإسلامية وقال نصًا: "أهى (الدولة الإسلامية)؟ إن إظهار توحيد الله الحق للناس وإخراجهم من ظلمات الشرك إلى أنوار التوحيد هي الغاية العظمى والمقصود الأهم وإن نكّل بالدعوات وإن ابتلى الدعاة".

وأضاف المؤلف: "وهل يظهر الدين إلا بالمدافعة والبلاء: {ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لفسدت الأرض} [البقرة: 251]، فبذلك يكون إعلاء دين الله وإنقاذ الناس وإخراجهم من الشرك باختلاف صوره، وهذه هي الغاية التي يكون من أجلها البلاء وتنحر على عتباتها التضحيات.. وما الدولة الإسلامية أصلًا إلا وسيلة من وسائل هذه الغاية العظمى".

وفى محافظة الشرقية أغلقت وزارة الأوقاف مكتبة مسجد الحق بعد ثبوت وجود عدد من الكتب التي تحرض على العنف مثل كتاب "أمة عاقة" للدكتور عائض القرنى، واعتبر الكتاب من أشد وأخطر الكتب التي تحرض على العنف والتخريب، وكتاب "تحذير المؤمنين من فتنة السياسيين والديمقراطيين الضالين" بالإضافة إلى كتاب "الصاعقة الأزهرية"، والذي يدافع عما يصفه بـ "الحراك الطلابى بجامعة الأزهر"، وتصديهم لما يصفه الكتاب بــ"الانقلاب العسكري".

وشددت المصادر بالأوقاف على أن قياديًا بالأوقاف تلقى تهديدًا بالذبح من عناصر منسوبة لتنظيم "داعش" الإرهابى لو أبلغ الديوان العام للوزارة أو حرر محاضر شرطية.

أسيوط
وفى مسجد "نور الإسلام" بمحافظة أسيوط تم العثور عدد من الكتب التي تدعو للعنف، وعلى رأس هذه الكتب كتاب "نشأة جماعة الإخوان" وكتاب "دور الإخوان في حرب 48" وعدد من مقالات قيادات الجماعة على رأسهم مرشدا الإخوان السابق مهدى عاكف والحالى محمد بديع.

وأكد الشيخ محمد عبد الرازق، وكيل وزارة الأوقاف، رئيس القطاع الدينى، والمشرف العام على قطاع المكتبات بالوزارة، أن "الأوقاف" بصدد بدء حملة تنقيح لمكتبات المساجد، خاصة أن جماعة الإخوان سعت خلال فترة حكمها إلى إغراق مؤسسات الدولة بالفكر الذي يخدم مصالحها، وخلال فترة حكم الجماعة، امتلكت فرصة ثمينة للسيطرة على المساجد، ولم تسلم مكتبات المساجد من الكتب المحرضة على الفوضى.

وأعرب رئيس القطاع الدينى بالأوقاف، عن إشراف الوزارة على نحو 120 ألف مسجد على مستوى الجمهورية، مشيرًا إلى أنه من الوارد أن يوجد في مسجد أو أكثر كتاب يدعو للعنف أو إلى مفاهيم مغلوطة، محذرًا في الوقت نفسه من قيام أعضاء الجماعة الإرهابية بالزج بالأوقاف في معارك خاسرة، في إشارة إلى وضع كتب لا تمثل المنهج الوسطى لوزارة الأوقاف، والأزهر الشريف.
الجريدة الرسمية