رئيس التحرير
عصام كامل

ماذا بعد الشجب والإدانة؟!



لم تبخل علينا الدول الكبرى والمنظمات الدولية بإصدار بيانات الشجب والإدانة للتنظيم الإرهابي الذي ذبح ٢١ مواطنا مصريا، كانوا يعملون في ليبيا بحثا عن لقمة العيش في مشهد بشع أعاد المجتمع الدولي إلى العصور الوسطى.


لم يترك المشهد الدامي لدول العالم حتى تلك التي تدعم الإرهاب الفرصة للتهرب من إصدار بيانات تشجب وتدين ولا تغير من الواقع في شيء.. أو تحد من خطورة الجماعات الإرهابية التي أصبحت تعلن إماراتها في أكثر من دولة عربية.

تقدمت مصر وليبيا بطلب لعقد جلسة لمجلس الأمن تناقش الأوضاع المأساوية في ليبيا بسبب تعدد الجماعات الإرهابية التي تفرض سطوتها على الليبيين.. تقتل.. وتدمر بلا عقل أو ضمير، والمطالبة برفع الحصار عن تصدير السلاح إلى الجيش الليبي ليواجه تلك الجماعات الإرهابية التي استولت على مخازن الأسلحة التي كان يحتفظ بها نظام القذافي.. وتمول عملياتها من عوائد تصدير النفط في المناطق التي تم احتلالها.. بالإضافة للدعم غير المحدود الذي يصل إليها من خارج الحدود بما يمكنها من السيطرة على مواقع أخرى سواء في ليبيا أو خارجها، ودول الجوار وفي مقدمتها مصر التي يؤرقها وجود تلك التنظيمات الإرهابية على حدودها بما يؤثر على أمنها واستقرارها.

وعندما طالب وزير الخارجية المصرية أعضاء مجلس الأسماء، بأن تتحول بيانات الشجب والإدانة إلى إجراءات عملية على الأرض، خاصة أن التنظيمات الإرهابية استغلت غياب الدولة في ليبيا وتوسعت في إقامة مواقعها، وكادت تصبح بديلا عن الدولة في المدن الليبية التي احتلتها.

وطالب وزير الخارجية المصرية مجلس الأمن برفع الحظر عن تصدير السلاح للجيش الليبي، ومراقبة الموانئ والمطارات لمنع السلاح الذي يصل الجماعات الإرهابية ويستخدم في تهديد الدول المجاورة، بل والدول الأوربية التي تقع على الجانب الآخر من البحر الأبيض المتوسط.

لقي مطلب الوزير المصري العديد من الانتقادات في الإعلام العربي، بحجة أنه نزل بحجم تطلعات الجماهير العربية التي كانت تنتظر قرارات أكثر حسما للقضاء على داعش ليبيا وتشكيل تحالف دولي لتحرير ليبيا كما حدث مع سوريا والعراق.
والمفاجأة أن مجلس الأمن لم يستجب حتى للمطلب العادل والمتواضع برفع الحصار عن تسليح الجيش.. واكتفى ببيانات الشجب والإدانة!

بينما أمريكا التي شكلت أكبر تحالف دولي وأعلنت الحرب على «داعش» سوريا والعراق، يتخذ رئيسها موقف تحالف من نفس التنظيم الإرهابي في ليبيا.. واكتشف فجأة أن مواجهة تقتضي نشر الديمقراطية ورفع مستوى معيشة الإرهابيين وإجراء الحوار معهم.. والعمل على إقامة حكومة وطنية!

وعندما يتخذ الرئيس الأمريكي موقفا.. يتبعه معظم الدول أعضاء مجلس الأمن. ويتجاهل أوباما أن الجماعة الإرهابية في ليبيا لا تؤمن بالحوار.. وتسعى إلى إقامة دولة الخلافة.. ولا تعترف بالدولة الوطنية.. وتكفر كل من يخالفها.. وتحرق.. وتذبح الآخرين باسم الدين الإسلامي وهو منها براء.

وربما تكون الرسالة التي بعث بها التنظيم الإرهابي إلى مجلس الأمن وهو يناقش قضية ليبيا، بارتكاب جريمة أخرى لا تقل بشاعة عن ذبح المصريين، يقتل ٤٥ مواطنا ليبيا بمدينة الفتنة الليبية.. لتؤكد أن هؤلاء لا يقبلون إلا بلغة واحدة.. القتل.. والذبح.

وتبقى الحقيقة الواضحة.. أن مصر لن تفرط في أمنها القومي.. وستتصدى لكل من يهددها في الداخل والخارج، دون استئذان من منظمات عربية أو أجنبية، وبدعم من الدول الشقيقة والحليفة التي تدرك أن خطر الإرهاب لا يقتصر على دولة دون أخرى.
الجريدة الرسمية