الشعب يصلّح غلطته!
هل مُجتمعنا جاهل؟ ناهيك عن الحمير، فهو لفظ معنوى، لا يُقصَد به توجيه السُباب لمَن هُم أقل منا في المعرفة، أو مَن لم ينل حظًا من التعليم، في النهاية النقاش سيكون مُنصبًا فقط على العبارة نفسها بما تحمله من معنى إجمالى، لا من ألفاظ الغرض منها السخرية أو التبسيط لتوصيل الفكرة المقصودة!
عن نفسى لا أستطيع تقديم إجابة تؤكد أن مُجتمعنا جاهل، لا أمتلك ترف تعميم هذه الصفة على أغلبية المُجتمع، كما لا يُمكن قبول فكرة إلغاء الديمقراطية أو نسفها، لمُجرَّد خوفنا من آراء الآخرين، وإلا لماذا طالبنا بوجودها مُنذ البداية؟!
هل تعلم يا عزيزى أن انتظارنا لحين حصول كُل أفراد المُجتمع على شهادات الثانوية العامة أو الدبلومات الفنية، أو حتى الإعدادية، ومن ثم استكمال مسارنا الديمقراطى، لن يجعلنا قادرين على تطبيق الديمقراطية فعلًا قبل عشرات السنين؟!
وهل تعلم أن في بلدنا آلاف من المُتعلمين اللى عايزين الحرق بجاز، لو قررنا المُقارنة بين المُتعلمين والجهلة فعلًا؟ ألم يكُن (محمد مرسي) وجماعته كُلَّها أصحاب تعليم عالى؟ أليس (الظواهرى) الإرهابى طبيبًا؟ الحكاية مش حكاية شهادات، وإلا كان أخواننا النُشطاء السياسيين اللى مُعظمهم متعلمين، وبيتهموا كمان الناس بالجهل، كانوا قدروا يشتغلوا صح، سواء أثناء ثورة يناير أو بعدها، مش ينحرفوا اختياريًا (اللى تآمروا وقبضوا)، أو ينحرفوا مع الموجة (اللى لا طالوا سما ولا قبض)!
لو كانت الثورة قد طالبت بإقامة الديمقراطية، وبعدين رجعنا تانى عاوزين نسحبها بدعوى إن الشعب جاهل، وغير قادر على الاختيار الصحيح، فلماذا قمنا بالثورة على رأى الزعيم (عادل إمام)؟!
وطالما ارتضينا بالديمقراطية، فلم يعُد من المقبول نعت الشعب بأنه جاهل، ليس مؤهلًا لاختيار نوابه في مجلس النواب القادم، وبذلك يُفترض ألا يوجد مُشكلة في ترشيح (سما المصرى) لنفسها، لا انحيازًا لها من جانبى، فلن أمنحها صوتى وأنا حُر، لكن انحيازًا للديمقراطية، ومنح كُل الحُرية نفسها للناس لاختيار مَن يريدون، والشعب قادر على تصحيح أخطائه بنفسه، مثلما قام بتصليح غلطته عندما عصر البعض منه الليمون واختار معتوهًا لرئاسة الجمهورية، أو عندما تم تدبيسنا في برلمان كانت أغلبيته من المجانين والمهفوفين وبتوع تحت الكوبرى، ثم تم خلعهم جميعًا وإلقاؤهم في أقرب وأكبر مقلب زبالة في التاريخ!
والحقيقة إنى بحزن جدًا لما أشوف واحد من نشطاء الغبرة، أو مُدعى الثقافة، وهو يُعلن بُكل أريحية إن الشعب غير مؤهل للاختيار، وإن السواد الأعظم من الناس غرقونا باختياراتهم، أو بسلبيتهم، أو بمُساندتهم لفلان أو علاَّن!
لو كان الأمر كذلك، فلماذا كنا نلوم على نظام (مبارك) وحزبه و(أحمد عز) بسبب تزويرهم للانتخابات، وتغيير اختيارات الشعب في الصناديق، وإيه الفارق بين تفكير الحزب الوطنى قبل ثورة يناير، وتفكير مُثقفى بعد الثورة، ووِش التورتة من النشطاء ونجوم الفضائيات، واللى شايفين إن أصوات الناس في الصناديق ينبغى تصحيحها أو حتى الحَجر عليها؟!
طيب يا أفندم لما الشعب غير مؤهل للاختيار، أومال مين اللى عمل الثورتين، وأطاح بنظامى حُكم أنقح من بعض؟ لو الثورتين حقيقيتين فمش من حقك تفتح بؤك وتزايد على الناس واختياراتها؛ لسبب بسيط هو إنك من غيرهم متسواش تلاتة تعريفة طبعًا، ولو لم تكن الثورتان حقيقيتين، إذن أرجوك متكلمنيش عن الثورية والمهلبية مادام معندناش ثورات، واتفضل روح اقعد على القهوة واضرب بيرة وحشيش، ولف الكوفية نحون رقبتك في عز الحرّ، أو حتى نحون وسطك مش فارقة!