رئيس التحرير
عصام كامل

"أطفال الشوارع" أزمة تواجه بورسعيد والقطار وراء انتشارهم


"أطفال الشوارع" أزمةُ حقيقة تواجه محافظة بورسعيد، وذلك بسبب إلقاء عربات القطار يوميا بعشرات الأطفال إلى المدينة باعتبارها المحطة الأخيرة في خط قطارات "القاهرة والشرقية والإسماعيلية"، ويساهم في ذلك وجود واحدة من أكبر الحدائق في المدينة "الفرما" بوسط المحافظة والتي يستوطنها الأطفال، وينطلقون منها لممارسة أعمالهم الإجرامية، بالإضافة إلى تواجدهم بالمحال المهجورة بمنطقة القنال الداخلى الموجودة بجوار سجن بورسعيد.


رصدت عدسة "فيتو" هذه الظاهرة بأحياء بورسعيد المختلفة، والتي انشغل عنها الكثير من المسئولين، إلا أن الرئيس عبدالتفاح السيسي أعلن في حديث تليفزيوني أجراه مساء أمس الأحد عن تخصيص 100 مليون جنيه للعمل على حماية أطفال الشوارع من التشرد، وأجرت وزارة الشئون الاجتماعية ببورسعيد في نهاية العام الماضي حصرا فعليا لجميع أطفال الشوارع بمشاركة 50 باحثا و170 أخصائيا ومساعد أخصائى وأعلنت أن هناك 67 طفل شارع ببورسعيد، و16 ألف طفل على مستوي الجمهورية، بينما أعلنت النتائج غير الرسمية "المركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية" عن 200 طفل على مستوي المحافظة.

يقول محمد إبراهيم (14) عاما من الشرقية: "والدى ووالدتى متوفين وجئت بالقطار لمحافظة بورسعيد من أجل العمل وأنام على رصيف الجامع المقابل لمحطة القطار وأقوم بمسح السيارات الملاكى من أجل أن أجد قوت يومى وفى نهاية الأسبوع أسافر إلى بلبيس بالشرقية لقضاء بعض الوقت مع أصدقائى لأن عمى لا يسأل عنى وإخواتى البنات متزوجين في الفيوم ولم أرهم نهائيا منذ وفاة الأب والأم وكنت قد سمعت أن رئيس الجمهورية هايجمعنا في مؤسسة ويعلمنا فأنا أسأله أن يجعلنا من أولى الأولويات له قبل أن تأكلنا أرصفة الشوارع كما قضت على غيرنا من قبل".

وتشير أم محمد، الموجودة بأحد محال القنال الداخلى، قائلة: "الأولاد كتيرة بتيجي هنا ويقودهم راجل كبير يسرحهم بالنهار ويمارس معهم ممارسات غير مشروعة ليلا".

ويؤكد السيد صابر محمود مدير عام هيئة تنشيط السياحة بمحطة السكة الحديد ببورسعيد، أن أطفال الشوارع الذين "يحدفهم" القطار يوميا إلى بورسعيد منهم الوجوه الثابتة ومنهم المتغيرة، يتواجدون من الساعة الثامنة صباحا وكأنهم مخدرون يصعب استيقاظهم وكانوا يقومون بكسر الأبواب الزجاجية من أجل اللجوء إلى النوم بداخل المحطة ولكننا قمنا بتركيب أبواب حديدية فلجأوا إلى النوم في محال القنال الداخلى المهجورة، حيث يتم استغلالهم في بيع المخدرات والسرقة والتسول ويتم استغلالهم فى الأشياء المخلة بالآداب، ويأتى يوميا بعض الآباء من محافظات مختلفة ويقومون بنشر صور أبنائهم الهاربين منهم على الأعمدة الموجود داخل محطة القطار.

وأكد المسئولون بمديرية الشئون الاجتماعية ببورسعيد أن تلك الظاهرة بدأت في بورسعيد مع بداية المنطقة الحرة ومن خلال عملية الرصد التي حاولت المديرية القيام بها في المحافظة تلاحظ أن معظم أطفال الشوارع من الوافدين عن طريق محطة القطار، ولكن عملية الحصر باءت بالفشل نتيجة سرعة تنقل طفل الشارع من حى إلى آخر وبالتالى كانت الأسماء تتكرر، ويوجد ببورسعيد مؤسسة واحدة في حى المناخ للفتيات القاصرات تخدم النطاق الجغرافى ومدن القناة وشمال سيناء ودمياط وبها 26 فتاة معظمهن تم التعدى عليهن جنسيا.

وتابع: كما توجد مؤسسة دار الملاحظة الخاصة بالبنين ومتواجد بها طفل واحد وهى تحت تصرف النيابة بمعنى عندما يتم القبض على الطفل نتيجة تصرف خطأ ما يقوم به في الشارع فبدلا من إيداعه بالحبس بقسم شرطة مع الكبار يتم إيداعه بتلك المؤسسة لحين صدور حكم قضائى ضده يقابلها مؤسسة الرعاية الشاملة للذكور بالإسماعيلية بحيث إذا تم التعرف على المحافظة التي جاء منها الطفل يتم إيداعه بها بدلا من أن يكون عبئا على محافظة بورسعيد (عملية تبادل بين المحافظتين) ولا توجد مؤسسات تابعة للقرى والمراكز بالمحافظة، وطفل الشارع لا يحب البقاء داخل المؤسسات لأنه يعتبرها نوعا من تكبيل الحرية وازدادت هذه الأيام نتيجة وجود حارس العمارة الذي يأتى من محافظات أخرى للعمل ببورسعيد ويطلق أبناءه في الشوارع للعمل.

وأضاف المصدر أن طفل الشارع لا نستطيع تصنيفه هل هو الذي يقضى يومه في الشارع ويعود لأسرته آخر اليوم أم هو الذي خرج هاربا من الأسرة ولن يعود إليها أو خرج لمدة زمنية ويعود بعد فترة أو خارج بدافع من الأسرة نتيجة الحالة الاقتصادية لها ففى كل الأحوال هو يصنف تحت مسمى طفل الشارع نتيجة الحالة الاجتماعية للأسرة كخلافات بين الزوجين تؤدى إلى الانفصال، أو الاقتصادية وهو يتعرض للاستغلال من قبل من يتولى مسئوليته بالشارع ويتعرض أيضا للتحرش الجنسى وتجارة الأعضاء وتجارة البشر، وبورسعيد يوجد بها لجنة لحماية الطفل يتفرع منها لجنة عليا يرأسها المحافظ ومعه مدير الشئون الصحية والاجتماعية والتعليمية وإحدى الجمعيات الأهلية ولجان فرعية على مستوى الأحياء كل حى يتبعه قسم الشرطة الخاص به.

وأشار إلى أن أغرب الحالات التي مرت على الإدارة هي حالة لطفلة تدعى صابرين (6 سنوات) مقيمة بالقطار وهى من الإسماعيلية وأمها كانت أيضا من أطفال الشوارع وتحكى عن جميع أخواتها ولكن لا تعرف من والدها وتقول إن والدتها متزوجة من أكثر من شخص وتم ترحيلها إلى محافظة الإسماعيلية عن طريق قسم الشرطة.

تؤكد الدكتورة سعاد حسين مدير جمعية التثقيف الفكرى وعضو باللجنة العليا لحماية أطفال الشوارع أن التعامل مع طفل الشارع لا يجب أن يكون تحت مبدأ أنه من أهل المحافظة أو وافد من محافظة أخرى فجميعهم أولادنا وكان هناك فكرة تم عرضها على لجنة حماية الطفل ببورسعيد من أجل تكملة بناء طابق ثان بالوحدة التابعة لأطفال الشوارع من أجل أن يسع الجميع خاصة أنه بعد ترحيل الطفل من قبل قسم الشرطة لمحافظته يتكرر عودته لبورسعيد مرة أخرى فهناك أطفال يعانون من أمراض نفسية نتيجة الخلافات بالأسرة وبالتالى يلجأون إلى الشارع، وهنا لابد من الدور النفسى الذي يجب أن تقوم به الوحدة أو المؤسسة التي يقيم بها الطفل إذا خرج الطفل من كبوته ربما يصبح إنسانا سويا، وهناك حالات كثيرة حققت نجاحا في مجالات معينة وهناك حالات ازدادت سوءا بسبب تقصير المسئولين بالمؤسسة.
الجريدة الرسمية