فَرضُ اَلجِهَادِ اَلكَاذِبِ
عدو الإسلام الأول في تلك الأيام أصبح ما يسمى بالمجاهدينَ، من جماعات مثل داعش والإخوان وأنصار بيت المقدس وبوكو حرام والسلفية الجهادية والجماعة الإسلامية وحماس والقاعدة وحزب الله وغيرهم، فهؤلاءِ لا يشوهونَ صورة الإسلام أمام العالم فقط، بل يقتلون من المسلمين أكثر بكثير من غيرهم، والسبب في ذلك هم الأوائل من فقهاء ومذاهب الدم والخراب فقهاء الجهاد ومن ساروا على دربهم، الذين أساءوا فهم النصوص وأسبغوا نوازعهم الإجرامية فيها، فأنتجوا لنا هذه الجماعات الجهادية الدموية الإجرامية، لذا سوف نتناول بالشرح والتفصيل معنى الجهاد شرعًا، والمفهوم الخاطئ له عند هؤلاء المجرمين من هؤلاء الفقهاء وقول البعض إن الجهاد هو الفريضة الغائبة كذبًا أو جهلًا.
الجهاد لغةً واصطلاحًا: مأخوذ من الْجَهْد أو الْجُهْد، وهو بذل الوسع، والعمل ببذل الطاقة تنفيذًا لوصايا الشارع الإلهى في إعمار الكون، وقد ذهب بعض الفقهاء إلى تقسيم أنواع الجِهَاد إلى تسعة ومنهم من قال سبعة، ومنهم من قال أربعة – أما الرأى عندنا هو أن أنواع الجِهَاد ثلاثة هي:
1 – جِهاَد النفس والشيطان..
2 – الجهاد ضد الظالمينَ والفاسدينَ والمعتدينَ وضد من تمتلئ قلوبهم بالكراهية والتطرف والإرهاب لبنى البشر.
3 – الجهاد الخاص بالرسول وصحابته لنشر الدعوة.
أولا: جهاد النفس والشيطان، وهو الجهاد الذي يجب أن يبدأ به الإنسان، لأن جهاد النفس هو الحَصَانَةَ الأولى للإنسان من الوقوع في الخطأ، وحماية لإيمانه من الجنوح والسقوط، فمن يُجاهد نَفسه والأفكار الشيطانية، لا يكذب، ولا يسرق، ولا يخون، ولا ينافق، ولا يكره، ولا يستخدم العنف، ولا يقتل، ويمتلئ قلبه بالمحبة ويسعى للسلام، وهذا النوع من الجهاد فرض عين على كل إنسان منذ البلوغ حتى الممات لقوله تعالى ((أتأمرون الناس بالبر وتنسون أنفسكم وأنتم تتلون الكتاب أفلا تعقلون)).. سورة البقرة 44..
وقوله تعالى (( واتقوا يوما لا تجزي نفس عن نفس شيئا ولا يُقبل منها شفاعة ولا يؤخذ منها عدل ولا هُم ينصرون)) سورة البقرة آية 48.. وقوله تعالى (واتقوا يوما ترجعون فيه إلى الله ثم توفى كل نفس ما كسبت وهم لا يظلمون) البقرة آية 281.. وقوله تعالى ((وما كان لنبي أن يَغل ومن يغلُل يات بما غل يوم القيامة ثم توفى كل نفس ما كسبت وهم لا يظلمون )) سورة آل عمران آية 161.. وقوله تعالى ((يا أيها الذين آمنوا عليكم أنفسكم لا يضركم من ضل إذا اهتديتم إلى الله مرجعكم جميعا فينبئكم بما كنتم تعملون)) المائدة آية 105.. وقوله تعالى ((ولا تكسب كل نفس إلا عليها ولا تزر وازرة وزر أخرى ثم إلى ربكم مرجعكم فينبئكم بما كنتم فيه تختلفون)) الأنعام آية 164 وغيرها عشرات الآيات.
أيضا علينا أن نُجاهد الأفكار الشيطانية، التي تدعو للحروب والقتال والكراهية ونبذ الآخر، لقوله تعالى ((يا أيها الذين آمنوا ادخلوا في السلم كافة ولا تتبعوا خطوات الشيطان إنه لكم عدو مبين)) البقرة آية 208 .. وقوله تعالى ((وقل لعبادي يقولوا التي هي أحسن إن الشيطان ينزغ بينهم إن الشيطان كان للإنسان عدوا مبينا)) الإسراء آية 53 .. وغيرها العديد من الآيات.
ثانيًا: الجهاد ضد الظالمين والفاسدين والمعتدين وضد من تمتلئ قلوبهم بالكراهية والتطرف والإرهاب لبنى البشر، وهذا النوع من الجهاد هو أيضا فرض عين على كل إنسان من البلوغ حتى الوفاة، وقد أكدت عليه العديد من الآيات ومنها: قوله تعالى (( فلا عدوان إلا على الظالمين)) البقرة آية 193 .. وقوله في سورة الأنعام 21 (( ومن أظلم ممن افترى على الله كذبًا أو كذب بآياته إنه لا يفلح الظالمون)).. وكذا قوله عن الفاسدين ((الذين ينقضون عهد الله من بعد ميثاقه ويقطعون ما أمر به الله أن يوصل ويفسدون في الأرض أولئك هم الخاسرون )) البقرة آية 27.. وقوله ((ولا تعثوا في الأرض مفسدين)) البقرة آية 60.. وقوله ((وإذا تولى سعى في الأرض ليفسد فيها ويهلك الحرث والنسل والله لا يحب الفساد)) البقرة 205.. وقوله (( من قتل نفسًا بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعًا ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعًا)) المائدة 32.. وقوله ((ويا قوم أوفوا المكيال والميزان بالقسط ولا تبخسوا الناس أشياءهم ولا تعثوا في الأرض مفسدين)) هود آية 85 .. وقوله (( ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين)) البقرة آية 190.. وكذا آل عمران 112،159 والمائدة آية 2، 62، 87 وغيرها الكثير من الآيات التي تدعو للجهاد ضد الظالمينَ والفاسدينَ والمعتدينَ وكل من تَمتلئ قلوبهم بالكراهية والإرهاب لبنى البشر.
ثالثًا: الجهاد الخاص بالرسول وصحابته لنشر الدعوة، وهذا النوع من الجهاد خاص بزمن الرسول وصحابته، وأُبُيح فيه استخدام السلاح لنشر الدعوة وحسب ظروف العصر، ولا يجوز لإنسان أن يقوم مقام الرسول لتطبيق هذا النوع من الجهاد، لأن أحدًا لا يملك وكالةً عن الله، ولأن الدعوة تمت وانتشرت، لذا جاءت الآيات الخاصة بهذا النوع من الجهاد بالسلاح تخاطب الرسول وصحابته فقط مثل سورة التوبة آيات 12، 72، 88 وسورة الفرقان آية 52 وسورة التحريم آية 9.
الخلاصة:
من كل ماسبق؛ نستخلص أن الجهاد المفروض حاليا هو الجهاد باللسان وجهاد النفس والسعى لإعمار الأرض ونشر السلام، لأن زمن الجهاد بالسلاح قد انتهى بغياب الموَكَل فيه وهو الرسول (ع)، لأن الدعوة تمت وانتشرت، والجهاد المفروض حاليا هو الجهاد الأكبر، كما قال الرسول (ع) لصحابته عندما رجع من إحدى الغزوات، فقد قال رجعنا من الجهاد الأصغر إلى الجهاد الأكبر وهو جهاد النفس والسعى للخيرات، وهو ما يعنى أن الجهاد بالسلاح، شرعًا قد انتهى زمنه، ومن يقول إن الجهاد هو الفريضة الغائبة هو قول كاذب، وأن من يسعى لذلك هو إنسان معتدٍ مجرم كافر يَموت موتة جاهلية، لأن الإنسان مُطالب بالدفاع عن نفسه لحظة الهجوم عليه فقط، أما السعى والسفر للجهاد فهو نوع من الاعتداء، من يفعله آثم، وأيضا من يفجر نفسه في المسلم أو غير مسلم، فهو لا يعتد ولا يرقى لمصاف الشهداء الذين ماتوا لحظة دفاع، ولم يكونوا مُعتدين.
وقد يسأل سائل إذًا كيفَ نحرر فلسطين من يد الاحتلال، أقول لهم: افعلوا كما فعلَ غاندى ونيلسون مانديلا، فقد حررا بلادهما بالتظاهر السلمى وكسبا تعاطف العالم، لأن الله مع المُسَالمينَ وضد المعتدين، لذلك أخفقنا نحنُ في قضية فلسطين أكثر من 70 عامًا لأننا سلكنا الطريق الخاطئ الذي يُغضب السماء.
وعلى الله قصد السبيل وابتغاء رضاه...
E - rashed_orbit@yahoo.com
http:||www.ahewar.org|m.asp?i=3699