رئيس التحرير
عصام كامل

ومن الوهم ما قتل !!



يقول سورين كيركجارد (1813-1855) الفيلسوف والشاعر الهولندي "توجد طريقتان لخداع الذات، أولهما أن تصدق ما ليس حقيقيا، والثانية أن ترفض أن تصدق ما هو حقيقي".


و ينطبق ما يقوله سورين على معظم السياسات التي تنتهج في العالم العربي. فلو نظرنا لدولة قطر سوف نجد وهم القيام بدور إقليمي يسيطر على عقول من يقوم بإدارة تلك الدولة الصغيرة حجمًا وإسهامًا. فإقحام قطر لنفسها بدور دولي في كافة مشاكل المنطقة لن يجعل منها دولة كبرى. الدول الكبري في العالم كله تقيم بحجم الإسهام الدولي على مستوي عدة أصعدة، منها الصناعي، التكنولوجي، الثقافي والفني ومما هو واضح للعيان أن قطر حتى الآن لم تقدم نموذجا ناجحا نتيجة فكر وجهد قطري خالص.

قطر تقوم بدور سكرتير تنفيذي للولايات المتحدة، وهذا الدور لن يجعلها في مصاف الكبار، ولابد وأن يظل في ذاكرة قطر والقطريين ما قاله مندوب روسيا في مجلس الأمن إثر تحذير مندوب قطر له من استخدام الفيتو ضد أي عقابات لسوريا، وكان رد المندوب الروسي واضح وحازم "عد لمكانك، أنا لم أخاطبك، أنا فقط أخاطب الكبار، ولو تحدثت بهذه الطريقة مرة أخرى سوف تمحى قطر من على الخريطة".

لكن قطر تجافي الحقيقة ولا تريد أن تعترف بحجمها الحقيقي، الجلوس بجانب الملك لا يجعل منك ملكًا، والعمل كسكرتير ينفذ الرغبات الأمريكية لن يجعل قطر في مصاف الدول الكبري. فهذا الوهم تعيش به قطر، فيدعوا أنهم يساندون الديمقراطية وهم بالأساس دولة لا توجد بها معارضة، ومعظم المعارضين يعيشون خارج قطر خوفًا من بطش السلطة، ولا يستطيع أي قطري أن ينتقد الأمير أو قراراته غير المبررة.

القرار الأمريكي ينبع من فكر المصالح الأمريكية، كما تراها أمريكا كقوي عظمي، ولكن غير المفهوم ما تقوم به قطر، فلماذا تقوم بما تقوم به؟، لا توجد مصالح قطرية مباشرة لتدخلها السافر وغير المفهوم في سوريا وليبيا ومصر، ففكرة المصلحة القطرية على المستوي الاقتصادي ليست موجودة في تلك المعادلة، وهذا ما يثير الدهشة عن مستوي جدية أو منطقية الدور القطري، إذ يبدو وكأن قطر لا يحركها فكر، بل يحركها وهم أن تصبح لهم قيمة ما، وها هم يحصدون كراهية على المستوي الشعبي في مصر وسوريا وكثير من البدان بنسب مختلفة.

و على نفس السياق تتوهم الجماعات الدينية السلفية أو الإخوان المسلمين أن لديهم ما يقدموه، فهم يصدقون أن لديهم خطة عظيمة، وهذا غير حقيقي، كل ما لديهم بعض الكلام التعميمي شديد السطحية، ليس له علاقة بإدارة الدولة أو تغيير الواقع نحو الأفضل، ليس لديهم خطط حقيقية، فقط كلام، وتاريخهم في مجلس النواب منذ التسعينيات حتى الآن كان مجرد جدال حول منع بعض الأفلام والكتب، فهل هذا دور حقيقي أو وهم وغياب عن الواقع.

و مازال مؤيدو الإخوان في مراحل الهذيان، ومن الواضح في كافة تعليقاتهم عن ما يقوم به الجيش المصري كم الخسة والحقارة، وقبل ذلك وهم عودتهم يومًا ما للواقع السياسي والاجتماعي المصري، وقد صاروا مرفضين حتى على المستوي الشعبي بنسبة كبيرة.

حين يحارب الجيش المصري، وهي حرب عادلة ولم يدخلها الجيش المصري لاستعراض القوة، فعلي كل وطني أن يساند، الحياد هنا هو الخيانة، وقد تدني مستوي كثير من الإخوان لمستوي أدنى من الخيانة، فهم يتمنون الشماتة، ولكننا على يقين أنهم في الوهم غارقون. يحيا الجيش المصري.
sherifaq@gmail.com
الجريدة الرسمية