رئيس التحرير
عصام كامل

بالصور.. صناعة «البردي» تنهار في «القراموص» بالشرقية.. 80% من سكانها يعتمدون على تراث الأجداد.. «الشوادفي»: «صاحب البزار بيغير كل سنة عربية وأنا مش عارف أجيب الحمار&


يعيش سكان قرية «القراموص» أو ما يٌطلق عليها قرية الفراعنة، التابعة لمركز أبوكبير بمحافظة الشرقية، علي زراعة نبات البردي وتصنيعه وبيعه للبازارات السياحية، وهي القرية الوحيدة في مصر التي يعتمد حوالي 80% من سكانها في رزقهم علي تراث وتاريخ الأجداد، إلا أن هذه الميزة مهددة بالضياع لعزوف أكثر من 60% من العاملين بصناعة وزراعة ورق البردي عن العمل بها.


مش عارف أغير الحمار
قال الشوادفي منصور، أحد المزارعين بقرية القراموص، والذي يعمل في زراعة وصناعة ورق البردي: "صاحب البازار كل سنة يغير عربية وأنا مش عارف أغير الحمار"، مؤكدا أن قرية قراموص من القرى الوحيدة على مستوى العالم وليس علي مستوى جمهورية مصر العربية التي يعمل الأهالي بها في زراعة وصناعة ورق البردي والرسم والتخطيط الفرعوني.

وأضاف الشوادفي، أن المزارعين يواجهون الكثير من العقبات في زراعة وصناعة ورق البردي ما أجبر المئات من الأهالي عن العزوف عن زراعة وصناعة الورق وتحويل أراضيهم لزراعة المحاصيل العادية أو بناء منازل عليها، بسبب ارتفاع أسعار المواد الخام الخاصة بصناعة ورق البردي، وارتفاع أسعار الأسمدة، وعدم توافر المياه كالسابق حيث أن ورق البردي يحتاج إلي وجود مياه دائمة ويٌروي كل 3 أيام.

وأشار إلي أن أصحاب البازارات يشترون المنتجات بأسعار رخيصة جدا، ويبيعونها للسائحين بأغلي الأسعار، لدرجة أن صاحب بازار يستطيع تغيير سيارته كل عام في حين أننا كصانعين لورق البردي لا نستطيع تغيير الحمار الذي يساعدنا في الزراعة.

ارتفاع أسعار المواد الخام
وأضاف عبدالرحمن السيد: "منذ عشرات السنين كان أهالي القرية يعملون بزراعة ورق البردي ولم نكن نعلم كيف نصنعه أو نرسم عليه، ولكن بعد ذلك تعلمنا جميعا كيفية التنسيق بين الألوان وبعضها وكيفية رسم الأشكال والوجود الفرعونية وكل شئ علي ورق البردي"، ولكن قبل ثورة يناير أدى ارتفاع أسعار المواد الخام من ألوان وزيوت، ومستلزمات التلوين، إلي عزوف أكثر من 60% من العاملين في هذا المجال عن العمل، وتحويل الأرض لزراعة المحاصيل الأخري".

وقال سعيد طرخان، أحد أكبر منتجي ورق البردي، "منذ كنت شابا وأنا أعمل في إنتاج ورق البردي والرسم عليه، ويعود ذلك لأيام السبعينات عندما أتي لنا الدكتور أنس مصطفي بن القرية، وعلمنا كيفية زراعة ورق البردي، وبالفعل مع الوقت تحول أكثر من 500 فدان من محاصيل عادية إلي زراعة ورق البردي"، ومع انتشار زراعة ورق البردي، أحضر الدكتور أنس أساتذة من كليات الفنون الجميلة لتعليمنا كيفية الرسم والتمييز بين الألوان.

وأضاف: "بالفعل ازدهرت صناعة ورق البردي وعمل آلاف الشباب بهذه الصناعة التي عملت علي شهرة قرية القراموص، وكان يأتي لنا أصحاب البازارات لشراء صناعتنا وبيعها للسائحين وخاصة المثقفين من بينهم، ولكن منذ سنوات توقف العمل بصناعة ورق البردي لعدم وجود مشتريين، فضلا عن انخفاض أسعار البيع الذي لا يُغطي التكلفة، ما أدى إلي عزوف الكثير عن زراعة ورق البردي، وبعد أن كنا نزرع 500 فدان بقرية قراموص و12 تابع لها، أصبحت الأرض المنزرعة بورق البردي لا تصل إلي 10 أفدنة، ما أدى إلي انتشار البطالة بين الشباب، بعد أن كانت قرية منتجة.

إهمال المسئولين
وتابع طرخان: "أن السبب في ما وصلت إليه القرية وانحدار صناعة ورق البردي بهذا الشكل هم المسئولين، فأين الملحق الثقافي الخاص بكل وزارة وسفارة؟، وما هو عملهم إذا لم يروجوا للسياحة بالدول المختلفة، وإنشاء معارض بالدول العربية والأجنبية، يعرض بها ورق بردي وتماثيل تٌعرف الجميع بالحضارة المصرية ؟، ماذا ينتظرون من فلاح غلبان لا يعلم كيف يسافر إلي القاهرة كل ما تعلمه في حياته هو صناعة ورق البردي الفرعوني والرسم عليه؟، لماذا لا يساعدونه في نشر أعماله؟، وتوفير كافة السُبل التي تجذب السائحين لشراء هذه الصناعات ونقلها داخل بلادهم.

وناشد طرخان، محافظ الشرقية الدكتور رضا عبدالسلام إبراهيم، بسرعة التدخل للعمل علي ازدهار صناعة ورق البردي مرة أخري، وجعل محافظة الشرقية المورد الأول والوحيد لهذه الصناعة النادرة من زرع وصناعة وتخطيط.
الجريدة الرسمية