«يوميات إهدار المال العام في الصعيد الجواني» كشفتها تقارير «المركزي للمحاسبات»..«محلب» يستعين بأحد رجال «حكومة نظيف» لتدمير شركة «أيادي» وتقارير رقابي
«طبقًا للبرنامج الانتخابى للرئيس مبارك» كانت هذه العبارة هي الأشهر في الصحف والقنوات بعد فوز مبارك بانتخابات الرئاسة في 2005، وبالفعل خرج الدكتور محمود محيى الدين، وزير الاستثمار، في حكومة أحمد نظيف، بداية أغسطس 2006 ليعلن تأسيس شركة قابضة جديدة لتنمية الصعيد بتمويل من الشركات القابضة لقطاع الأعمال العام والبنوك المصرية، ومؤسسات التمويل المشتركة، سيكون مقرها أسيوط ولها فروع في المنيا وسوهاج بهدف زيادة معدل الاستثمار والتنمية في محافظات صعيد مصر.
عام واحد مر على تصريح الوزير محيى الدين، ليتم تأسيس شركة الصعيد للاستثمار في سبتمبر 2007 بمساهمات من بنكى الأهلي المصرى ومصر وشركتى القابضة للسياحة والقابضة للتأمين برأسمال مصرح به مليار جنيه، ويتركز نشاطها في الاستثمار في محافظات الصعيد، غير أن رأس المال المدفوع «فعليًا» كان 100 مليون جنيه.
كان هدف الشركة، الالتفات إلى الصعيد «البوابة الجنوبية المنسية»، وأعلن عن تضمنها نشاطًا تجاريًا لتسويق السلع داخل وخارج الصعيد ونشاط التأجير التمويلى ونشاط نقل وتخزين السلع والتصنيع الغذائى المجفف ونشاط الفندقة والاستثمار العقارى والنقل المبرد.
لا يختلف اثنان على أهمية وجود مثل هذه الشركة لمحافظات الصعيد، خصوصًا بعد دفعها ثمن «تطنيش الحكومات» لها لسنوات طويلة، ولحاجة ما في نفس د. نظيف أصبح الدكتور زياد بهاء الدين، رئيس الهيئة العامة للاستثمار (آنذاك) رئيسًا لشركة الصعيد للاستثمار، وعمرو حسني، العضو المنتدب لشركة الصعيد للاستثمار (آنذاك)، ومدير المشروعات بشركة "أيادى" (حاليا)، إحدى الشركات التي يعتمد عليها الرئيس عبد الفتاح السيسي كليًا لمواجهة البطالة وتوظيف الشباب.
لماذا كل ما سبق؟.. الإجابة تمكن تقارير الجهاز المركزى للمحسابات، الموجهة إلى مجلس إدارة الشركة، وتكشف خسائر بـ«ملايين الجنيهات»، أظهرها مراقب الحسابات عن مراجعة القوائم المالية المجمعة لشركة الصعيد للاستثمار.
قبل عرض الوضع المالى للشركة، يجدر الإشارة إلى أن «الصعيد للاستثمار»، تضمت 4 شركات بتخصصات مختلفة، هي: «شركة الصعيد لصناعة المواد الغذائية، شركة الصعيد لصناعة المركزات والعصائر، شركة الصعيد للخدمات التعليمية، وشركة الصعيد للتنمية السياحية والعقارية»، بالإضافة إلى شركة الصعيد للتأجير والتمويل والتي تم بيعها لكونها محققة للأرباح.
إنقاذ «أيادي»
كل ما سبق «كوم» والقادم «كوم تاني»، فإذا كانت خسائر المال العام في شركة الصعيد للاستثمار تقدر بالملايين، فإن التخوف الأكبر الآن من امتداد قطار الخسائر إلى محطة شركة "أيادي"، خصوصًا أن مدير المشروعات بها الآن هو «عمرو حسني»، العضو المنتدب لـ«الصعيد للاستثمار» خلال السنوات التي حققت فيها خسائر بملايين الجنيهات، ورئيس مجلس إدارة الشركات التابعة لها، وهى الصعيد لصناعة المواد الغذائية والصعيد للمركزات والعصائر، والصعيد للتنمية السياحية والعقارية.
إذا كان الفشل حليف «حسني»، فلماذا يتم وضعه في موقع مميز بشركة "أيادي"، التي يعقد عليها الرئيس عبد الفتاح السيسي، ومن خلفه حكومة محلب، آمالًا واسعة في توفير نصف مليون وظيفة للشباب والقضاء على البطالة، لم لا ورأسمالها 10 مليارات جنيه، بمشاركة 20% للحكومة و80% للقطاع الخاص؟
تقرير الجهاز المركزى للمحاسبات، الصادر في 8 أبريل 2013، أشار إلى وجود شبهة فساد فيما يتعلق بخسائر شركة الصعيد للاستثمار، خلال العام المالى 2012، وتحديدًا في مصروفات الشركة التي بلغت قيمتها 5 ملايين ونصف المليون جنيه، حصل العضو المنتدب آنذاك «عمرو حسني» منها على 940 ألف جنيه بنسبة 26% من جملة الرواتب والمنح والحوافز والبالغة 3 ملايين و645 ألف جنيه.
4 شركات.. خسائر بالملايين
في 16 ديسمبر 2014، صدر تقرير عن الجهاز المركزى للمحاسبات عن مراجعة القوائم المالية المجمعة لشركة الصعيد للاستثمار في 31 ديسمبر 2013، تحدث فيه عن إجمالى استثمارات بشركة بلغ 222 مليون جنيه، لتظهر هذه القوائم 49 مليونًا و501 ألف جنيه إجمالى الخسائر الشاملة، وبنسبة 23% من إجمالى المال المستثمر، وهذه القوائم المالية مسئولية إدارة الشركة.
تقرير الجهاز الرقابى أشار إلى أن القوائم المالية المجمعة لشركة الصعيد للاستثمار شملت تجميعًا للقوائم المالية للشركات الأربع التابعة والشقيقة لها، والمتمثلة في كل من: «الصعيد للصناعات الغذائية بنسبة 57.50%، الصعيد للمركزات والعصائر بنسبة 59.99%، والصعيد للخدمات التعليمية بنسبة 40%، والصعيد للتنمية السياحية بـ28.82%».
المراقبون أظهروا أنه بمراجعة الوضع المالى لشركة الصعيد للتنمية السياحية تبين أن 25 مليونًا و986 ألفًا و714 جنيهًا هي صافى استثمارات الشركة الأم فيها، وذلك بعد خصم (7 ملايين و159 ألفًا و286 جنيهًا) تمثل خسائر «الصعيد للاستثمار» أي بنسبة 21.6% من قيمة رأس المال المستثمر في تلك الشركة (السياحية).
وفيما يتعلق برصيد المشروعات تحت التنفيذ، ظهر رصيدها في 31 ديسمبر 2014 بنحو 35 مليونًا و679 ألف جنيه، منها 29 مليونًا و334 ألفًا بشركة الصعيد لصناعة المركزات والعصائر تمثل قيمة آلات ومعدات جديدة للمصنع، ولم يتبين إذا كانت إضافة جديدة لما هو موجود بالمصنع بحساب الأصول بقيمة 21 مليون جنيه أو إحلال وتجديد لهذا المصنع.
وطالب تقرير «المركزى للمحاسبات» مجلس الإدارة بإفادته بدراسة الجدوى التي تم على أساسها شراء تلك الآلات والمعدات، خصوصًا مع وجود 14 مليون جنيه خسائر، فضلا عما ترتب على الشركة من التزامات قروض وضرائب بـ58 مليون جنيه، ومدى اتفاق كل ما سبق مع الدراسة الأساسية للشركة.
أما تقرير الجهاز المركزى للمحاسبات، الصادر عن السنة المالية المنتهية في 31 ديسمبر 2013، الخاص بشركة الصعيد للخدمات التعليمية، فتحدثت قائمة الدخل عن صافى خسائر بعد الضرائب بمليون و404 آلاف و144 جنيهًا مرتفعة عن السنة المالية السابقة لها (2012) والتي مثلت الخسائر بها مليونًا و291 ألفًا و961 جنيهًا.
التقرير وزع هذه الخسائر بين: «النشاط- وإجمالى خسائرها للعام 2013 تقدر بـ902 ألف و292 جنيهًا»، وكذلك «المصروفات شاملة المصروفات الإدارية والعمومية وبدلات حضور وانتقال أعضاء مجلس الإدارة) - سجلت مليونًا و180 ألفًا و616 جنيهًا خسائر»، ثم «المصروفات التمويلية – خسائرها 242 ألفا و933 جنيهًا».
شركة «الصعيد لصناعة المواد الغذائية» نالت من الخسائر جانبًا أيضًا، وفقًا للتقرير الصادر عن «المركزى للمحاسبات» عن السنة المالية المنتهية في 31 ديسمبر 2013، وتبين من قائمة الدخل أن صافى الخسائر بعد الضرائب مليونين و892 ألفًا و112 جنيهًا، والكارثة أن خسائرها في العام السابق (2012)، وصلت إلى 19 مليونًا و869 ألفًا و794 جنيهًا.
الغريب أن صافى مبيعات الشركة بنهاية 2013 كان 60 مليونًا وتكلفة المبيعات 46 مليونًا أي أن هامش الربح كان 13.4 مليون جنيه، غير أن المصروفات التسويقية والإدارية وإهلاك الأصول الثابتة وبدلات حضور وانتقال أعضاء مجلس الإدارة وفوائد دائنة وغيرها، كانت سببًا في الخسائر المذكورة.
"نقلا عن العدد الورقي..."