رئيس التحرير
عصام كامل

وما الحياة الدنيا إلا متاع الغرور


كم ننظر إلى الحياة من داخل صندوق كبير للنفس من خلال نافذتين يسميان العينين، نحرك بعض أعضائنا ولا نقدر أن نسيطر على الآخر، ونقدر على التعافي من مرض ولا نقدر على التعافي من الآخر.


نسير في دنيا قدر لنا أن نعيش فيها، ووهب الله لنا فيها الحياة وقدر لنا أرزاقنا وجعل لنا ساعة نخرج فيها منها إلى حياة أكبر، نتذكر أننا كنا ترابا يمشي على التراب له وقت معلوم ولا ثروة إلا ولد صالح يدعو وعلم ينتفع به وصدقة جارية.

الحياة تمر سريعا كلمح البصر، فإن سألت نفسك كم مر من عمرك دون علمك، فستعلم أن الوقت منك سلب منك الحياة دون أن تشعر، فكل يوم يمر بك يبعدك عن محطة البداية ويقربك إلى محطة النهاية.

والعاقل من يفكر في زاد الرحلة وعينه على محطة الوصول، ولينام الفرد منا على أمل لقاء الله طاهرا نقيا لا يحمل في قلبه ذرة غل ولا حقد على أحد، فإن أصبح عليه الغد شكر الله أن أعطاه الفرصة ليبدأ من جديد، وإن لم تشرق عليه شمس الغد كان في ذمة الله وزاده معه يؤمن له سلامة الرحلة.

ابتعد عن كل ما يستهلك وقت حياتك فيما لا ينفعك، وارتبط بمن يضيء حياتك ويعينك على صعوباتها، ويحمل معك أحمالها، فالحياة تكافل في كل الأعمال وفي كل الأحوال.

عندما نتذكر كم مرت بنا الأوقات سريعا، تمنينا أن نوقف الساعة أن تسير في الأوقات السعيدة وكم تمنينا أن نسرع الوقت في الأوقات غير السعيدة، ولكن هيهات فكل منا له نصيبه من السعادة والحزن، سعادة بتحقيق الأمنيات وحزن بعدم تحقيقها، وإذا عرفنا أنه في كل الأحوال علينا أن نحمد الله فقد يكون عدم تحقيقها هو أكبر نعمة ينعم الله علينا بها؛ إذ يغلق أمامنا طريقا كان فيه هلاكنا.. طريق ظاهره فيه الرحمة وباطنه من قبله العذاب.

أشكرك ربي على فضلك ونعمك التي تنعم عليَّ بها، وأشهدك وأشهد جميع خلقك وملائكتك وجميع خلقك أنه ما أصبح بي ولا أمسى بي من نعمة ولا بأحد من خلقك من يوم خلقت الدنيا إلى يوم القيامة، إلا فمنك وحدك لا شريك لك فلك الحمد ولك الشكر.
الجريدة الرسمية