رئيس التحرير
عصام كامل

وقفة مع د.عصام حجى


الدكتور عصام حجى المستشار العلمى للرئيس عدلي منصور سابقا عالم مصرى يعمل الآن في وكالة ناسا الأمريكية وهو واحد من كوكبة علماء يعملون في الخارج نفخر بالتأكيد بهم.. لكن ليس معنى ذلك أنه وغيره من هؤلاء العلماء قد امتلك الحكمة أو أنه دون غيره من هؤلاء العلماء قد امتلك الحكمة أو أنه دون غيره الذي يرى ما هو صحيح وما هو خطأ.


لذلك فإن ما قاله الدكتور عصام مؤخرا في حديث صحفى له نشرته صحيفة مصر اليوم بخصوص ترتيب أولويات الخطر الذي تواجهه مصر يستحق وقفة للمناقشة، فهو يرى أن معركة مصر ليست مع الإرهاب الآن، وإنما مع الفقر والجهل.

ولا يجادل أحد بالطبع أن أخطر المشاكل الاجتماعية التي تعانيها مصر هي الفقر الممزوج أو المقترن بالجهل، خاصة وأن الذين الذين يقبعون تحت خط الفقر يتزايدون سنة بعد الأخرى في السنوات الأخيرة منذ عام 2008.. وأنا شخصيا أفكاري ورؤياي وانحيازاتي الأيدلوجية من كتيبة أعداء الفقر والجهل والتخلف، وقد دفعت ثمنا باهظا في هذا الشأن من حريتى ورزقى حيث تعرضت للسجن لفترات والملاحقة والاختفاء لفترة أخرى تجاوزت الثلاث سنوات والثلاثة شهور، ولكني مع ذلك لا أشارك د. عصام حجى رأيه وأراه جانبه الصواب، لأنه ينظر إلى بلده بعيون الخواجات الأجانب الذين تعميهم عن روية حقيقة الأوضاع على الأرض.

يا عزيزى العالم الشاب كيف نتصدى للجهل والفقر دون أن نتصدى لإرهاب يقتل يوميا ويفجر كل ساعة في الشوارع والميادين والأتوبيسات العامة والقطارات التي يستخدمها البسطاء من الناس، ويحرق المنشآت ويكلف خسائر بشرية ومادية، ألا يعطل ذلك جهودنا في مواجهة الفقر مثلما يعطل مسيرتنا الديمقراطية؟.

ثم أسألك سؤالا آخر، أيها العالم الذي نعتز به، ما هو إسهامك الشخصى في مساعدة بلدك للتخلص من الفقر والجهل غير الأحاديث والتصريحات الصحفية التي تعايرنا فيها بما تخظى به وتعيشه الآن من تقدم تكنولوجى مبهر... أنا شخصيا تفاءلت كثيرا عندما اختارك الرئيس السابق عدلي منصور مستشارا علميا له وراهنت عليك في تحقيق حلم قديم لى بإنشاء وكالة فضاء مصرية كافحت صحفيا منذ عام 2007 لإنشائها ويشهد على ذلك ما كتبته في مجلة المصور ومناقشاتى التي سجلتها فيما كتبت مع كل المسئولين المصريين وقتها بدءا بالرئيس الأسبق حسنى مبارك ومرورا بوزير التعليم العالى د هانى هلال وانتهاء بالمسئولين عن برنامج الفضاء المصري ورئيس هيئة اللاستشعار عن بعد.. ولكنى صدمت حينما هربت - أكرر هربت - وتركت موقعك بعد انتقادك من الخارج المشروع الذي تسميه اختراع الكفتة.. فإن غيرك من العلماء المصريين الذين انتقدوا هاجموا هذا الاختراع لم يهربوا مثلك وإنما بقوا في بلدهم وانضم إليهم اخرون من العلماء الأجلاء في الخارج ليشاركوا في النهوض ببلدهم علميا.

يا دكتور عصام لا تنسى أن ما حصلت عليه من علم داخل مصر التي تتحدث عن تخلفها العلمى وشيوع الجهل فيها هو الذي أهلك لعملك الذي تتباهى به وتتفاخر به الآن.. ومن يريد أن يساعد بلده حقا لا يكفى أن يلعن الظروف ويعايرنا بأنه لم يتقاض مليما وكان يقيم على نفقته الخاصة في أحد فنادق القاهرة.. لقد أسس عالم جليل مثل الدكتور مجدى يعقوب مستشفى لعلاج المرضى الفقراء في أقصى صعيد مصر.

أما التقليل من شأن الإرهاب فلن يستفيد منه سوى الإرهابيين ومن لا يريدون خيرا لمصر ومنهم الولايات المتحدة التي تعمل فيها وتتباهى بتقدمها التكنولوجى.. وأرجو أن تراجع معلوماتك عن الإرهاب سواء في مصر أو العالم لأن كل قادته ليسوا فقراء وإنما من الأغنياء..أي أن الفقر ليس هو السبب الرئيسى للظاهرة الإرهابية وإنما هو الفكر الدينى المتطرف والمتخلف.. وأرجو ألا تفهم كلامى هذا على أننى أقلل من محاربة الفقر والجهل ولكنى أقول إنه كتب علينا محاربة الإرهاب والفقر والجهل والتخلف في وقت واحد.
الجريدة الرسمية