رئيس التحرير
عصام كامل

القديـــــــــــــــس Valentine.. ومن العشق ما قتل


مع قدوم عيد الحب ونزول العشاق لشراء هدايا «الفالنتين» تنتشر في الشوارع والطرقات «دباديب الحبيبة» ذات اللون الأحمر، ورغم عشرات الهدايا الأخرى التي يختارها الأحبة فإن «الدبدوب الأحمر» ظل رمزًا للاحتفال بعيد الحب.. وهناك روايات عديدة حول سر اختيار اللون الأحمر شعارًا للحبيبة والهدايا المتبادلة بينهما.


الرواية الأولى
تبدأ الرواية الأولى في أواخر القرن الثالث، ففى إحدى المقاطعات الرومانية، كان هناك راهب يدعى «فالنتين»، يشجع الشباب على الزواج، مما كان يثير غضب الإمبراطور كلوديوس، الذي كان يعتقد أن المتزوجين غير قادرين على أن يكونوا جنودًا أقوياء، فتراهم يخملون ويفضلون البقاء قرب زوجاتهم وأطفالهم ولا يستبسلون في ساحة الحرب.

قرر الإمبراطور منع الزواج في مقاطعته، ولم يجد «فالنتين» هوى في نفسه لتطبيق هذا القرار، فكان يزوج الفتيات والشباب سرًا. وعندما علم الإمبراطور كلوديوس بأعمال فالنتين الزواجية، ألقى القبض عليه، وتم في يوم 14 فبراير عام 270، رجم فالنتين وقطع رأسه.

أما علاقة كل هذا بالاحتفال بعيد الحب، فربما يفسره اليوم الذي قتل فيه فالنتين، كان ليلة عطلة الربيع الرومانية المسماة بلوبيركاليا.
بعد موته، تم تقديس «فالنتين» وأدخل في سجل المسيحية باسم القديس «فالنتين»، وبما أن روما أصبحت مسيحية فيما بعد، غير الكهنة العطلة الربيعة من 15 فبراير إلى 14 فبراير وسمى «يوم فالنتين».

وتتحدث هذه الرواية أيضًا عن علاقة وطيدة بين فالنتين والحب، هي أنها «هو أول من أرسل بطاقة حب في التاريخ وكانت إلى ابنة السجان العمياء، التي تحدثت الكتب القديمة عن أنه نجح في شفائها من خلال معجزة، وأرسل إليها أول بطاقة كتب فيها «From yours Valentine «، وكان هذا آخر شيء يفعله قبل أن يلقى حتفه قتلًا».

وبقى يوم الرابع عشر من فبراير، مسجلًا في التقويم المسيحى كعطلة كنسية، حتى عام 1969 عندما سحبه البابا بولس السادس من روزنامة عطل الكنيسة، على أنه بقى يومًا يتبادل فيه العشاق الزهور والقبلات، وبانتشار العولمة واختلاط الأجناس، فقد يوم فالنتين رمزه الدينى المسيحى وصار رمزًا جديدًا للحب.

الرواية الثانية
تختلف الرواية الثانية عن الأولى في أسباب منع الزواج من قبل الإمبراطور الوثنى كلوديوس، فالإمبراطور كان يريد التوسع في الحروب في الخارج، بعد أن حدتث بعض الإضرابات وأراد أن يكون جيشًا من الشباب ليرسله إلى الأماكن المضطربة ليعيد إليها الاستقرار، وقرر أن يحبب الشباب في الانضمام إلى جيشه الجديد الذي يؤسسه، وكان يعرض عليهم المال الوفير حتى يأتوا إليه من كل حدب وصوب يعرضون الانضمام إلى الجيش، إلا أن الزواج والارتباط بالأسرة كان يجعل الشباب غير مقبلين على المال الوفير الذي يعرضه عليهم الإمبراطور، وليس كما تقول الرواية الأولى إن الجنود لن يكونوا جيدين إذا كانوا متزوجين.

في هذا العام الذي يعود إلى القرن الثالث الميلادى، قرر الإمبراطور أن تفسخ أي خطبة في مقاطعة روما، وأن يمنع الزواج، حتى لا يكون للشباب هدف بالبقاء داخل روما، وحتى يكون أمامه خيار أفضل هو الحصول على مال الإمبراطور الوفير.

تحدى الكاهن فالنتين، أو فلانتيوس حسب هذه الرواية، الإمبراطور وبدا يزوج كل من يريد أن يتزوج من الشباب مسيحيًا كان أو وثنيًا، وهو ما وصل إلى علم الملك فقرر أن يعدمه بقطع رأسه، لتسيل منها الدماء الحمراء، رمز الشهادة في المسيحية.

أصبح يرمز إلى فلانتينوس باللون الأحمر، وليس بالحب وهذه هي عادة الكنيسة أن تشير إلى شهدائها باللون الأحمر، وهو ما يفسر سر اللون الأحمر الذي يغلب على هذا اليوم في العصر الحديث، فيرتدى المحبون اللون الأحمر، ويتبادلون الورود الحمراء، والهدايا الحمراء أيضًا.

وتحتفل الكنيسة بيوم فلانتنيوس في يوم آخر غير 14 فبراير، وهو السادس من يوليو من كل عام، وهذا التقليد تابع للكنائس الشرقية فقط، واعتبرت الكنيسة الكاهن فلانتنيوس قديسًا من عام 476 م، تخليدًا لذكراه.

الرواية الثالثة
تنفى الرواية الثالثة أي علاقة بين الراهب فالنتين وعيد الحب، الذي يحتفل به العالم بأسره، ويؤكد كتاب «History of Valentine›s day»، أن فالنتين كان اسم عدد من الشهداء المسيحيين الأوائل، وهناك قديسان مسيحيان يحملان اسم فالنتين ويتم تكريمهما في الرابع عشر من شهر فبراير، الأول هو القديس فالنتين الذي كان يعيش في روما، وكذلك القديس فالنتين الذي كان يعيش في مدينة تورني.

القديس فالنتين الذي كان يعيش في روما كان قسيسًا في تلك المدينة، وقتل نحو عام 269 بعد الميلاد وتم دفنه بالقرب من طريق «فيا فلأمينا»، وتم دفن جزء من رفاته في كنيسة «سانت براكسيد» في روما.

والجزء الآخر في كنيسة «الكرمليت» الموجودة في شارع وايتفراير في دبلن في أيرلندا، أما القديس فالنتين الذي كان يعيش في تورنى فقد أصبح أسقفًا لمدينة «إنترامنا» الاسم الحديث لمدينة «تورني» في عام 197 بعد الميلاد، وقُتل أثناء فترة الاضطهاد التي تعرض لها المسيحيون أثناء عهد الإمبراطور أوريليان، ودفن أيضًا بالقرب من طريق «فيا فلأمينا»، ولكن في مكان مختلف عن المكان الذي تم فيه دفن القديس فالنتين الذي كان يعيش في روما، أما رفاته، فقد تم دفنها في باسيليكا «كنيسة» القديس فالنتين في تورني.

وقام كتاب «الأسطورة الذهبية» لمؤلفه «بيد»، واقتبس أجزاء من السجلات التاريخية التي أرّخت لحياة كلا القديسين اللذين كانا يحملان اسم «فالنتين»، وتعرّض لذلك بالشرح الموجز في كتاب «الأسطورة الذهبية»، ووفقًا لرؤية بيد، فقد تم اضطهاد القديس فالنتين بسبب إيمانه بالمسيحية وقام الإمبراطور الرومانى كلوديس الثانى باستجوابه بنفسه.

ونال القديس فالنتين إعجاب كلوديس الذي دخل معه في مناقشة حاول فيها أن يقنعه بالتحول إلى الوثنية التي كان يؤمن بها الرومان لينجو بحياته، ولكن القديس فالنتين رفض، وحاول بدلًا من ذلك أن يقنع كلوديس باعتناق المسيحية، ولهذا السبب تم تنفيذ حكم الإعدام فيه، وقبل تنفيذ حكم الإعدام، قيل إنه قام بمعجزة شفاء ابنة سجانه الكفيفة.

ولم يذكر كتاب الأسطورة الذهبية أي صلة لهذه القصة بالحب بمعناه العاطفي، ويذهب مؤلف الكتاب إلى أنه في العصر الحديث تم تجميل المعتقدات التقليدية الشائعة عن فالنتين برسمها صورة له كقسيس رفض قانونًا لم يتم التصديق عليه رسميًا يقال إنه صدر عن الإمبراطور الرومانى كلوديس الثاني، وهو قانون كان يمنع الرجال في سن الشباب من الزواج.

وافترضت هذه الروايات أن الإمبراطور قد قام بإصدار هذا القانون لزيادة عدد أفراد جيشه لأنه كان يعتقد أن الرجال المتزوجين لا يمكن أن يكونوا جنودًا أكفاء، وعلى الرغم من ذلك كان فالنتين بوصفه قسيسًا، يقوم بإتمام مراسم الزواج للشباب.. وعندما اكتشف كلوديس ما كان فالنتين يقوم به في الخفاء، أمر بإلقاء القبض عليه وأودعه السجن.

وخضعت قصة فالنتين التي وردت في الأسطورة الذهبية لبعض التعديلات، وتناقلت الروايات أن فالنتين قام بكتابة أول «بطاقة عيد حب» بنفسه في الليلة التي سبقت تنفيذ حكم الإعدام فيه مخاطبًا فيها الفتاة، التي كان يشير إليها بأكثر من صفة، تارة كمحبوبته، وتارة كابنة سجانه التي منحها الشفاء وحصل على صداقتها، وتارة ثالثة بالصفتين معًا، وقد أرسل «فالنتين» لها رسالة قصيرة وقعها قائلًا: «من المخلص لك فالنتين».

وهكذا لم تكن هناك علاقة بين قتل القس فالنتين، أو فلانتينوس وبين الاحتفال بعيد الحب، ولكن العلاقة كانت بين بطاقة الحب التي عبر بها عن حبه لمحبوبته في يوم وفاته فكان هذا هو الـ«فالنتين».
الجريدة الرسمية