فيها سيخ زيادة صح!
في البداية، لابُد من تقديم واجب الشُكر المتأخر جدًا للباشمهندس (أحمد عز) قائد ثورة يناير، الذي أدى دوره ببراعة في الحراك الشعبي الذي ثار لتخليص البلد وناسها الطهقانين من الحزب الوطني، ولا ينكر إلا جاحد أفضال هذا الرجُل في دفع الناس للخروج بالملايين للقضاء على حزبه وحُكمه معًا!
بعد الشُكر الواجب، علينا التغاضي عن كُل ما نشعر به من دهشة أو ذهول أو اذبهلال، يمُكن أن ينتجوا عن الاستهبال المُتمثل في قيام (عز) بترشيح نفسه نائبًا للبرلمان، وبراءة الأطفال في عينيه، آملًا في العودة لمُمارسة دور سياسي في البلد، وبيني وبينك من الواضح أن البرلمان القادم سيجعلنا نعيش أيام طين بسبب الجهل السياسي لمُعظم المُتهافتين عليه من مُحدثي السياسة والعمل العام، لا أتوقع طبعًا أن يكون برلمانًا مُماثلًا لبرلمان مخابيل الإخوان ومعاتيه التيار الإسلامي إياهم، واللي فاكرين مجلس النواب عبارة عن عربيات مش عارف أيه تحت الكوبري، أو عمليات تجميل في المناخير، أو رفع أذان تحت القبة، لكنه سيقترب في تخلفه من ذلك، وباين كدة أننا بعد ما جرَّبنا التخلُّف الديني، سيكون علينا أن نخوض تجربة التخلف المدني!
نعود لـ (أحمد عز).. ولو كان (عز) بك واعيا سياسيًا، مُحترفا في أمور الحُكم والسيطرة والنفوذ بحق ربنا، ولو حتى كان "قد الكُرسي اللي كان قاعد على مسنده ـ يا دوب ـ قبل ثورة يناير"، لما قام بهذا التزوير الفج والمُستفز لانتخابات مجلس النواب 2010، وهو التزوير غير المسبوق في تاريخ البني آدمين أو حتى البغال على حدٍ سواء، ليتسبب في المزيد من الحُنُق الشعبي، ويندفع الناس للخلاص من نظام كان من أعمدته ماتفهمش إزاي أخونا بتاع الحديد!
لو كان (عز) سياسيًا حقيقيًا، أو حتى "نُص سياسي"، لما أقدم على هذا العمل الأخرق، قصدي الترشُّح للانتخابات المُقبلة طبعًا، فالحديث عن انتخابات 2010 وما شابها من هَطَل سلطوي أصبح أمرًا مفروغًا منه، يعني الراجل ده فشل في أنه يكون سياسي بجد قبل ثورة يناير، وجاي عايز يجرَّب تاني بعد ثورتين اثنتين مش ثورة واحدة، طيب نقول له أيه؟ نقنعه إزاي؟ دي ثورة وقامت عليها ثورة، وحضرتك شغال لسَّه في سلسلة أفلام (إسماعيل ياسين): (عز في الحزب)، (عز في الليمان)، (عز عايز البرلمان)، (عز فوق الشجرة)!
واحد يقول لي إنه لا يوجد قانون يمنع ترشُّح قطب الحزب الوطني السابق في الانتخابات البرلمانية، ويرُد واحد تاني يقول لي إن العزل الشعبي هو المطلوب، ولازم الناس تكون عارفة هي بتصوَّت لمين، وبتحرم مين من التصويت، وبيني وبينك أنا مش عارف ليه بتقولوا لي أنا، وبيني وبينك أنا كمان نفسي لا يصوَّتوا لـ (عز)، ولا يحرموه من التصويت، أنا نفسي يصوَّتوا عليه!
ولو هانتكلم جَد، فالمؤكد أن (أحمد عز) قادر على حصد الأصوات اللازمة في دائرته الانتخابية، الناس غلابة وبتحب اللي يشغل عيالهم، ويعمل لهم مشاريع خاصة بيهم، الناس ـ مُعظمها ـ مش بيفكَّر في مصلحة البلد (مصر) بشكل عام، لكنه مرتبط بالدايرة ومواسيرها وأسفلتها وصرفها الصحي، فمادام حضرته بيعملها وهو مرتاح، وبتنصرف عنه بريحتها وقرفها من غير ما يتعِب نفسه، فهو هاينتخب النائب اللي يشيلها عنه، ولا بيفكَّر سيادته في خطط تنمية، ولا دور رقابي، ولا ثورة تشريعية، ولا الكلام الفارغ بتاع برلمانات العالم ده!
البرلمان عند ولاد بلدنا هو وسيلة للرزق وابتزاز المُرشَّح ـ بصراحة ـ يعني تشغل ابني، تجيب لي رخصة مباني، تشوف لي عريس للبِت مفيش مانع، إنما تعمل قانون يجذب الاستثمار، أو تحُط تشريعات تضاعف من عجلة الإنتاج؟ ماأعرفكش، إحييني النهارده وموّتني بُكرة!
طيب لو فلح (أحمد عز) وأصبح عضوًا في البرلمان من جديد؟ ولا حاجة، الراجل لا بيعرف سياسة، ولا له في السياسة، يعني هايبقى مُجرَّد عضو عادي مالهوش أي تأثير، وأرجوك ماتكلمنيش عن وقوفه تحت القبة في الأيام الغابرة، يشتم ويزعَّق ويهدد؛ علشان حضرته وقتها كان محمي بالحزب الوطني الحاكم، وكان المجلس مجلسه، والحكومة حكومته، والنظام نظامه، وولاد الرئيس أناتيمه (جمع أنتيم)، لكن دلوقتي لا هايكون له في الطور ولا في الطحين، يعني لا خوف منه، ولا هايبقى له أي لزوم، وكُل اللي هايعمله أنه ينشغل في خدمة أبناء الدايرة، يلبي طلباتهم في تبوير الأراضي، وتشغيل العيال، وتسليك المجاري!
هكذا سيكون حال (عز) لو دخل البرلمان، وسيكون أيضًا حال رجال الحزب الوطني معه، رابطة الأقلية النايمة تحت القبة، ولما تحب تاخُد منهم التمام هتسألهم السؤال الشهير بتاع الأغنية إياها: والرابطة فيها كام؟، ويجيلك الرد بكُل سعادة: فيها سيخ زيادة صح.. صح.. صح.. صح.. صح!