رئيس التحرير
عصام كامل

ننشر نص كلمة السيسي خلال المؤتمر المشترك مع "بوتين"


أكد الرئيس عبد الفتاح السيسي خلال كلمته في المؤتمر الصحفى الذي عقد عصر اليوم الثلاثاء، مع نظيره الروسى فلاديمير بوتين، أن مصر تولى اهتماما كبيرا بتعميق التعاون مع روسيا كخطوة لدعم الاستقرار، مضيفا أن هناك مصلحة مشتركة تربط مصر بروسيا للاستفادة من الثروات المشتركة.


وجاء نص الكلمة:
إنه لمن دواعى سرورى أن أرحب بفخامة الرئيس "فلاديمير بوتين" رئيس روسيا الاتحادية في القاهرة، كضيف عزيز على بلدنا، وأنتهز هذه الفرصة لأنقل له خالص مشاعر الصداقة والتقدير التي يكنها المصريون لفخامته ولدولته ولشعبها الصديق، ارتباطًا بالمواقف الشجاعة والداعمة التي أبدتها بلاده إزاء مصر وشعبها في ظروف دقيقة مرت بها على مدى العامين الماضيين.

وإننى أشعر بسعادة بالغة أن تأتى زيارة الرئيس "فلاديمير بوتين" للقاهرة في هذا التوقيت لتؤكد على موقف روسيا المتضامن مع مصر في حربها ضد الإرهاب، ولتؤكد على التطور الذي تشهده العلاقات بين البلدين منذ قيام ثورة الثلاثين من يونيو، ولتضيف إلى ما شهدته زيارتى لروسيا في شهر أغسطس الماضى من تعزيز للعلاقات المصرية الروسية وتجديد انطلاقها إلى آفاق أكثر رحابة على مختلف الأصعدة.

استعرضت والرئيس "بوتين" مختلف أوجه العلاقات الثنائية بين بلدينا، وأعدنا التأكيد على تمسكنا بثوابت العلاقات الإستراتيجية القائمة بين مصر وروسيا، وعلى استمرار تبادل اللقاءات رفيعة المستوى، وتبادل وجهات النظر بشكل متعمق في كل ما يخص العلاقات الثنائية والقضايا الدولية والإقليمية ذات الاهتمام المشترك، فضلًا عن استمرار التعاون بين البلدين في مختلف المحافل الإقليمية والدولية لدعم مواقفنا المشتركة من القضايا المختلفة، كما أكدت والرئيس "بوتين" على الاستمرار في تعزيز التعاون العسكري بين بلدينا خاصة في ظل الظروف الراهنة.

أعدنا التأكيد كذلك على ضرورة دفع علاقات التعاون الاقتصادى والتجارى بين البلدين، حيث اتفقنا على تيسير حركة التبادل التجارى وإزالة المعوقات أمامها، وعلى التعاون في مجال تخزين الحبوب، كما اتفقنا على تيسير جهود إقامة منطقة التجارة الحرة بين مصر والاتحاد الجمركى الأورآسيوى، بما يوسع آفاق العلاقات التجارية والاقتصادية مع روسيا وسائر دول الاتحاد.

اتفقنا أيضًا على تعزيز التعاون في مجال الطاقة بمختلف أنواعها، بما في ذلك التعاون في مجال الاستخدامات السلمية للطاقة النووية، لاسيما وأن روسيا تتمتع بمزايا نسبية كبيرة وخبرة واسعة في هذا المجال الذي توليه مصر اهتماما خاصا في إطار خططها الطموحة للتنمية وتوفير احتياجاتها من الطاقة.

استعرضت مع الرئيس "بوتين" التحضيرات المصرية الجارية للإعداد لمؤتمر دعم وتنمية الاقتصاد المصرى في شرم الشيخ، حيث أعربت عن تطلعنا لوجود مشاركة روسية فاعلة فيه، وهو ما أكد عليه الرئيس الروسى، كما اتفقنا على دفع العلاقات الاستثمارية بين البلدين، والبدء في إقامة المنطقة الصناعية الروسية، والتي تم تحديد موقعها في شمال "عتاقة" على محور قناة السويس.

اتفقنا كذلك على تعزيز علاقات التعاون في مجال السياحة، حيث أكد الرئيس الروسي دعمه لجهود مصر لاستعادة كامل نشاطها السياحى، فضلًا عن تشجيع السائحين الروس على زيارة مصر.

أما على صعيد الأوضاع الدولية والإقليمية، فإن لقائى مع الرئيس "بوتين" اكتسب أهميةً خاصة في ضوء التحديات التي تواجهها مصر وروسيا الاتحادية في المرحلة الراهنة، وقد أكدنا في هذا المجال على وقوفنا جنبًا إلى جنب في مواجهة هذه التحديات.

ففى ظل تفشى آفة الإرهاب البغيض الذي أضحى يعانى منه العالم أجمع، فقد اتفقت مع الرئيس الروسى على أن تحدى الإرهاب الذي تواجهه مصر، والذي واجهته روسيا أيضًا، لا يقف عند أي حدود، وأن استشراء تلك الظاهرة بات يحتم تضافر الجهود الدولية لمواجهتها والتعامل معها من خلال منهج شامل، لا يقتصر فقط على التصدى الأمني، وإنما يتضمن محاربة أسسها الفكرية التي توفر بيئة حاضنة تخرج من كنفها التنظيمات الإرهابية، فضلًا عن معالجة الأوضاع الاجتماعية التي تسهم في نمو الإرهاب والتطرف المرتبط به.

وبالنسبة لقضايانا الإقليمية، فقد تناولنا ضرورة أن تؤدى جهود إحياء المفاوضات بين الفلسطينيين والإسرائيليين إلى تنفيذ حل الدولتين، وإقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس الشرقية، وكذلك ضرورة الحفاظ على سيادة ليبيا ووحدة أراضيها، فضلًا عن ضمان وحدة العراق وتحقيق الوفاق بين مختلف مكوناته الوطنية، وكذلك دعم جهود مكافحة خطر الإرهاب الذي يهدده.

كما أعربنا عن ارتياحنا لتنسيق الجهود القائم بيننا فيما يتعلق بتوفير البيئة المناسبة للأطراف السورية للالتقاء في إطار تشاورى، بهدف الخروج بتفاهمات تؤسس لحل سياسي يستند إلى مرجعيات جنيف، وحول الأوضاع في اليمن، أكدت للرئيس "بوتين" اهتمامنا بالتوصل لتسوية عاجلة للأزمة، وضرورة عدم السماح بتهديد وحدة وسلامة أراضى اليمن وأمن واستقرار المنطقة.

وفى ضوء دقة المشهد الدولى، ولاسيما في ظل غياب السلم والاستقرار في العديد من مناطق العالم واندلاع الاضطرابات والصراعات وتزايد نزعات الهيمنة والتدخل في الشئون الداخلية للدول والمساس بالقيم الحضارية للشعوب، فقد اتفقنا في الرؤى بشأن حاجة العالم إلى تطوير نظام دولى أكثر ديمقراطية وعدلًا وأمنًا لكافة الدول، فضلًا عن الحاجة الملحة لإقامة نظام اقتصادى دولى أكثر عدلًا وإنصافًا، واستغلال الفرص الاقتصادية التكاملية المتوفرة بين أطرافه بغض النظر عن حجمها الاقتصادى أو مدى تأثيرها فيه.

وقبل الختام، أود الإشارة إلى أننى حضرت مع فخامة الرئيس بوتين مراسم التوقيع على عدد من الاتفاقيات الثنائية بين البلدين، بما يعزز من مسيرة التعاون المشترك، وذلك في قطاع الطاقة، حيث تم التوقيع على مذكرة للتفاهم من أجل إقامة محطة للطاقة النووية في الضبعة لتوليد الطاقة الكهربائية، فضلا عن مذكرات التفاهم في مجال الاستثمار.

وهنا، يهمنى مرة أخرى التأكيد على أن مصر تستند في علاقاتها مع روسيا الاتحادية على أسس عميقة من التعاون الممتد، والذي لم ينقطع يومًا، وترى في روسيا صديقا إستراتيجيا ورصيدا حقيقيا لعلاقاتها الخارجية المتوازنة، كما أؤكد للجميع أن مصر ما بعد ثورتى يناير 2011 ويونيو 2013، تمد يدها بالصداقة لكافة الدول التي ساندتها ومازالت تساندها في مسيرتها نحو تحقيق ما يصبو إليه شعبها العظيم من تقدم وازدهار ونمو على كافة المسارات السياسية، والاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية.
الجريدة الرسمية