الساقية وإخوان الشاطر
كان أكبر خطأ قام به الإخوان، هو تقديم مرشح رئاسي بعد أن تأجل إعداد الدستور في البداية، فهم لم يكونوا على استعداد لتحمل المسئولية بينما أجهزة الدولة لم تزل بعد تدين "للثقافة المدنية" بالولاء، وهي الثقافة التي تتحكم في البلاد منذ عصر الفراعنة، حتى إنه كان لمصر تاريخ خاص بها في ظل "الخلافة" بمختلف الدول التي صنعت تلك الخلافة، لما تتميز به مصر من حضارة منفتحة، تختلف عن غيرها من البلدان في المنطقة العربية برُمتها!!
وهكذا، فان الإخوان وحينما تولوا المنصب بتمثيل مرسي لهم فيه وإدارته من قبل الشاطر (الطموح لدرجة الجنون وصاحب فكرة توليهم المنصب)، أصبحوا مثل "البقرة في ساقية".. مربوطين في السلطة وديناميكياتها "المدنية"، بينما "البدائل" أمامهم ضئيلة جداً كي يتحركوا لتنفيذ مشروعهم "الإخواني" المتطرف غير المدني وغير الديني .. فهم لا يستطيعون الحركة "المرنة"، وكل حركة يقومون بها بعيداً عن "الساقية" تصبح حركة مكشوفة، ما يعيدهم إلى الخط المرسوم "للمدنية" مرة أخرى!!
هم في "فخ" لا يستطيعون الخروج منه إلا بالاعتداء على القانون وعلى القوى المدنية جمعاء، وبالتالي على "الثقافة المصرية"!! وهناك من يظن خطأً، أنهم انتصروا، ولكن "الثقافة المدنية" في مصر أقوى من أن ينتصروا عليها لأنها متغرسة بعمق في وجدان التاريخ المصري منذ الفراعنة، ..وستقتلهم الساقية، .. لأنهم مثل "الناموس" في ذلك أيضاً، يعشقون السلطة مثل الضوء الذي يجذب الناموس، ولكنها ستقتلهم مثل لسعة حرارة الضوء للناموس!!
الساقية أو السلطة في هذا المثال، "تربط أقدامهم في "مسار" لا يريدونه ولا يعرفون كيف يخرجون عنه (رغم شهوتهم في السلطة مجردة وحبهم لها).. وكلما خرجوا عن هذا المسار يعودون له بحكم القانون، وبالتالي فإنهم غير قادرين على فعل ما يريدون بعيداً عن أحكام "ثقافة الساقية" (ثقافة مصر المدنية منذ الفراعنة)، وهي لن تمكنهم من البعد عنها أبداً!!
إنه الفناء الحتمي للإخوان!!
وتبقى مصر أولاً دولة مدنية