رئيس التحرير
عصام كامل

إذا أردت تحطيم شعب اجعله يتقاتل!..مكتب التحقيقات الفيدرالي قتل 168 مواطنا بتفجير «أوكلاهوما» في 19 أبريل 1995 لتمرير قانون «مكافحة الإرهاب»..ريجان وضع «أمريكا الوسطى» في


«إذا أردت أن تتعرف على منبع الإرهاب فول وجهك شطر الشرق الأوسط»، هذه هي الرسالة التي طالما صدرها الغرب للعالم أجمع، استغلالا للأعمال الدموية التي ارتكبها عدد من الفصائل المنتمية زورا للإسلام، فقد جاءت كمساعدات على طبق من ذهب للأمريكان والأوربيين لخدمة توجههم، ولإبعاد الشبهات عنهم عند حدوث أي أعمال إرهابية في مختلف المناطق بالعالم.


ويبقى أن هناك من يدرك الدور الخفى للغرب في تدبير الكثير من التفجيرات وأعمال العنف حتى ولو كانت بأيد عربية، فقد أجرت الباحثة هبة سعد أبو المجد بحثا في أغسطس 2012 عن إثبات أن الإرهاب صناعة أمريكية وليست عربية، واستهلته قائلة « حينما ينطق لفظ إرهاب أمامنا تنصب أعيننا أمام أصحاب الذقون الطويلة».

وبالوصف الأمريكى كما هو مكتوب في كتيب الجيش الأمريكى عام 1984 «استخدام التهديد باستخدام العنف لتحقيق أهداف سياسية أو دينية أو أيديولوجية» عرفت «أبو المجد» الإرهاب.
1984 كان العام الذي بدأت فيه حكومة رونالد ريجان الحرب على الإرهاب، وبالتحديد ما أطلقوا عليه حينها «الدول الراعية للإرهاب العالمي، وهى الدول المعادية للحضارة والمدنية، والتي تريد العودة بنا مرة أخرى للبربرية في العصر الحديث «، هذه هي كلمات «جورج شولتز» والذي كان أحد أكثر المعتدلين في هذه الحكومة.

وفى البحث سردت الكاتبة أنه في ذات العام كان «ريجان» قد مضى عليه نحو عامين في رئاسة الولايات المتحدة الأمريكية، ووقتها أعلنت حكومته الحرب على الإرهاب فورًا، وحددت منطقتين كمصدر للإرهاب في العالم، أمريكا الوسطى والشرق الأوسط، وعلى الرغم من ذلك كانت المنطقة الأولى تُذكر بالكاد عند الحديث عن الإرهاب، وبالتالى فمن البديهى الإيقان بأن لفظ الإرهاب فُصّل خصيصًا للشرق الأوسط.

وحتى يتسنى لهم أن يكون هذا الإرهاب هو المدخل الشرعى للتحكم في دول الشرق الأوسط، فالإرهاب هو تقنية مستعملة من قِبل الحكومات للتلاعب بالرأى العام لكى تمرر أجندتها.
ولتأكيد بحثها أن الإرهاب صناعة أمريكية، استشهدت هبة أبو المجد ببعض الأحداث بالولايات المتحدة، والتي تقف وكالة المخابرات المركزية الأمريكية وراء معظمها إن لم تكن كلها، مثل الثكنات البحرية وسفارة أمريكا في كينيا، وكان لديهم «بان إم 103»، والبارجة الأمريكية كول، ومدينة أوكلاهوما، ومركز التجارة العالمى في 1993م.

فهم من ساعدوا الإرهابيين لتفجير مركز التجارة العالمى في المرة الأولى، وقاموا بصنع القنبلة، وأصدروا لهم رخصة القيادة، كما تولى المخبر الضابط السابق صاحب الـ 43 عامًا «عماد سليم» مهمة تحضير القنبلة التي كان من المفترض أنها وهمية حتى يستعملها الأمريكيون في تدريب مكافحة الإرهاب على مبنى مركز التجارة العالمي.
وحينما ذهب (عماد سليم) إلى مشرف مكتب التحقيقات الفيدرالي، قال: «نحن سنحضر قنبلة وهمية»، فرد مشرف مكتب التحقيقات الفيدرالي: « لا.. نحن سنحضر قنبلة حقيقية».

فمكتب التحقيقات الفيدرالى هو في الحقيقة المنفذ للهجوم على مركز التجارة العالمى في عام 1993م، لكن لسوء حظهم قتل ستة أشخاص فقط، أي بما لا يكفى لإقرار التشريع؛ لكن أتى تفجير مبنى (الموراه Murrah) في مدينة أوكلاهوما في 19 أبريل 1995م، والذي قُتل على إثره 168 شخصًا، ليعجل بتشريع مكافحة الإرهاب بعد عام واحد فقط.

ولأن أحد الأمريكان تحدث في فيلم سينمائى قائلا: « إذا أردت تحطيم أي منطقة فعليك بطريقتين ؛ الأولى أن تذهب إلى المكان وتقصفه وهلم جرا، والثانية أن تجعل شعب تلك المنطقة يقتلون بعضهم البعض»، فأكدت أن الطريقة الثانية هي التي اتبعتها أمريكا في منطقة الشرق الأوسط؛ فلكى تحطم معارضًا عليك أن تجعله يحطم نفسه، بتقسيم صفوفه أحدها ضد الآخر، ولديك عملاء يلهبون كلا الجانبين ليقتلا بعضهم البعض.

وبسؤال يحمل الاستنكار اختتمت أبو المجد بحثها، قائلة «كيف تعتقد أن دولة لا تهتم بقيمة أرواح مواطنيها بل تقدم بعض هذه الأرواح كقرابين لمصالحها الشخصية، أن تكون مهتمة بأرواح العرب ؟!».

أيضا كتاب «الإرهاب صناعة غربية لا عربية ولا إسلامية «للكاتب مصطفى محمد عطيفى يرصد في طياته مقاربة أخرى تبحث عن حقيقة منبع الإرهاب ومن يتولى صناعته.
ويتضمن المؤلف الجديد للكاتب المصري، مجموعة من التقارير المعلوماتية والوثائق، التي يقول عنها إنها تؤكد الإدانة الغربية في زرع الإرهاب واستثماره عبر عدة محاور، مقسمًا الكتاب إلى أربعة محاور، الأول بعنوان «تعريف الإرهاب وجذوره في الفكر السياسي الغربي»، يعرض فيه بدايات الإرهاب الغربى ونموه.

والثانى بعنوان «رصد تطور الإرهاب الغربى الحديث»، والذي يتناول فيه المنظمات الإرهابية الغربية والدور الغربى في مساعدة الإرهابيين وتدريبهم، قبل أن يعرج في الجزء الثالث على «مفهوم الإرهاب غربيًا» الذي يشرح فيه كيف تحققت مصلحة الهيمنة الغربية، تحت ستار مكافحة الإرهاب، ما جعل العالم العربى الضحية، أو ما حاول مقاربته المؤلف بأنه نوع من المكافحة والمساندة في آن واحد للعرب.

المؤلف اختار في الجزء الرابع والأخير من مؤلفه تبرئة الإسلام من الإرهاب « بالاعتماد على مجموعة من الأدلة الشرعية والتاريخية، متعرضًا في الوقت ذاته لبعض المغالطات، قبل أن يختتم البحث من خلال وضعه تصورًا للحل الأمثل لهذه الظاهرة».
عطيفى قدم مؤلفه الجديد على أنه كتاب «يبحث ويحلل أحد الموضوعات المهمة جدا، والتي تهم كل البشرية، من خلال تناول تاريخ المؤسسات والجماعات الإرهابية المختلفة، بل وقادة الإرهاب ورواجهم في العالم، كذلك دور الولايات المتحدة والغرب في ترسيخ الإرهاب والجريمة في حق الإنسانية بعيدًا عن العروبة والإسلام كما يدعى الغرب وأمريكا».

الكاتب انتقل إلى حقيقة انهيار مبنى مركز التجارة العالمى في أحداث 11 سبتمبر عام 2001، فأكد أنه كان عملًا داخليًا، لقد قيل بأن هناك رجلًا عربيًا فوق الجبال موّل الهجوم الأوسع على أمريكا للتلاعب بالإدراك العام ليدعم جدول أعمالهم، لقد كانوا يفعلون ذلك منذ سنين، فقد كان عملًا مخططًا وهى عملية تقليدية قام بها النازيون ويستعملونها مرارًا وتكرارًا.

ولم يفت الكاتب الإشارة إلى أنهم هم من قاموا بدعم الإرهاب وإرساء أركانه في الشرق والغرب على حد سواء، فكان لزاما أن يَكتووا بناره، وصاروا يعانون منه الكثير، والكثير من الخراب والدمار، فليس هناك أكثر من أحداث الحادى عشر من سبتمبر وحرب العراق وجواتيمالا وفيتنام، بل ومختلف الحروب البيولوجية والكيماوية والذرية وغيرها، ما تسبب في كوارث عظمى للبشرية ومختلف الشعوب الغربية والشرقية وغيرها.

مؤلف كتاب» الإرهاب صناعة غربية لا عربية ولا إسلامية « عرج أيضا إلى الكثير من القضايا المتعلقة بالإرهاب، وسعى أمريكا والغرب إلى استغلال الإرهابيين في تطبيق مصالحهم السياسية والاقتصادية وربما الاجتماعية أيضا، وذلك عن طريق دعم الإرهاب لزعزعة استقرار دول منافسة أو تقويض إحدى السلطات أو الأنظمة التي لا تتوافق ومصالحهم. هذا بالإضافة إلى سعيهم الدائم في تحقيق المصالح الإسرائيلية على حساب العدل والسلام.
الجريدة الرسمية