رئيس التحرير
عصام كامل

«الإسلاموفوبيا».. نيران صديقة أصابت دين السماحة


يكفى أن تكتب على محرك البحث الأشهر «جوجل» فوبيا الإسلام، حتى تظهر لك عشرات الأبحاث التي تروع الناس من الدين الإسلامى وتحمل له الكراهية والبغضاء، لكن أصحابها أغفلوا سواء عن عمد أو دون عمد أن رسول الإسلام قال في تعريفه للمسلم الحقيقى هو «المسلم من سلم الناس من لسانه ويده»، وإن كان يمكن التماس قليل من العذر لمن لا يعلم سماحة الإسلام، وهو يرى بأم عينيه أفعالا إرهابية بدعوى أنها بدوافع دينية، يقوم بها بعض من ينتسبون للإسلام ظلما وعدوانا.


وبنظرة عابرة، لا تحتاج إلى تفحص أو تمحص، على نصوص القرآن والسنة، يدرك الجميع أن الإسلام دين سمح لا يحرض على القتل أو العنف، وفى القرآن آيات عديدة تدلل على رحمة الإسلام بالبشرية، بداية من سورة البقرة التي يقول الله عز وجل فيها للمسلمين « وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا».. أمة وسطا لا أمة اعتداء وقتل وتخريب وتدمير وسفك للدماء والأرواح.

«فوبيا الإسلام» بدأ انتشارها بالتحديد عقب هجمات الحادى عشر من سبتمبر التي نالت من برجى مركز التجارة العالمى بالولايات المتحدة الأمريكية، وأسفرت عن مصرع وإصابة المئات، وخلال الفترة الماضية عززت الجماعات الإرهابية بدعم واضح وصريح ومفضوح فكرة الخوف والرعب من الإسلام بحجة أنه دين « ضرب الرقاب» كما تفعل الدولة الإسلامية في العراق والشام حاليا، من إقامة ما يصفونه بـ «تطبيق حدود الله»، معبرين بالخطأ عن تفسيرات لآيات الله تخدم مصالحهم.

باقتراح واقعى، رسم الدكتور سالم عبد الجليل، وكيل وزارة الأوقاف الأسبق، طريق القضاء على « فوبيا الإسلام»، وتمثل في البعثات الأزهرية إلى الدول الغربية لتوضيح حقيقة سماحة الدين الإسلامي، وتبرئة الإسلام مما ناله من اتهامات كيدية، عبر توضيح السيرة النبوية للرسول، والاستشهاد بآيات الرحمة والسكينة في القرآن التي توضح حقيقة سماحة الدين الحنيف.

عبد الجليل طالب أيضا بإصدار عدد من المنشورات والمجلات الأزهرية باللغات الأجنبية لتوزع في مختلف دول العالم من خلال القنصليات المصرية، تكون مهمتها الدفاع عن الإسلام، خاصة مع انتشار ظاهرة «الإسلاموفوبيا» في أوربا وأمريكا بشكل غير مسبوق خلال الفترة الماضية، وهذه الظاهرة عززتها وسائل الإعلام الغربية، في تناولها للأحداث التي تجرى في الفترة الراهنة في سوريا والعراق على وجه التحديد على يد تنظيم «داعش» ومن في عباءته، وسبقها تنظيم القاعدة، فهذه الجماعات التي ترفع شعار المقاومة، ارتكبت آثاما بالجملة، فقتلت الأطفال والأمهات والشيوخ، وسعت إلى نسب أفعالها المشينة إلى الإسلام، ليتمخض عن كل هذا انتشار ظاهرة الإسلاموفوبيا، التي وضعت لها أحداث الحادى عشر من سبتمبر عنوانا.

عمليات ذبح الأجانب في سوريا والعراق هي الأخرى، يراها وكيل وزارة الأوقاف الأسبق الصورة التي أظهرت للعالم أن المسلمين دعاة قتل ويجب التصدى لهم بكل قوة وحسم، لتضاعف أعباء تبرئة الإسلام أمام كل متربص، رغم أن الحديث الشربف الذي استشهد به الدكتور عبد الجليل، يقف حائلا أمام كلسهام المغرضين، بدليل أن نصه « لهدم الكعبة حجرا حجرا أهون عند الله من سفك دم مؤمن»، ما يشير إلى عظمة الروح والنفس عند الله عز وجل، وعند نبيه أيضا.

الدكتور عبد الجليل دافع عن آيات القتال في القرآن، بقوله إنها نزلت لرد العدوان، وليس للاعتداء والهجوم، كما اعتبرها لصالح الإسلام ولكن المشكلة الحقيقية هي في تفسير هذه الآيات، ومحاولة الجماعات المسلحة تأويلها بما يخدم مصالحها.

وبلهجة حاسمة، برأ الدكتور محمد الشحات الجندى، الأمين العام للمجلس الأعلى للشئون الإسلامية الأسبق، مؤسسة الأزهر الشريف من انتشار ظاهرة الإسلاموفوبيا، كما يزعم البعض، ولو حتى بالمسئولية السلبية، لتجاهل المؤسسة الدينية الرسمية توضيح الصورة الحقيقية للإسلام في انحاء العالم وتبرئته من هذه الأفعال الإجرامية التي لا تعبر عنه أو عن رسوله الكريم.

انتشار ظاهرة الخوف العالمى من الدين الإسلامى، حمل الجندى مسئوليتها للجماعات الإرهابية وجزءا من تيارات الإسلام السياسي المتواطئ مع الغرب وأمريكا مطالبا بضرورة تحسين صورة الإسلام وتجميلها في الدول الغربية، من خلال السفارات المصرية والعربية، وإقامة ندوات لعلماء الأزهر هناك للرد على الشبهات والمغلوطات التي تعج بها أذهان الغرب عن الإسلام لاسيما من يعتبرونه دين الإرهاب وسفك الدماء.

دراسة فقه المستجدات هو أيضا أمر يراه الأمين العام للمجلس الأعلى للشئون الإسلامية الأسبق، لا غنى عنه لمواكبة التطورات الحياتية للمواطنين، من أجل تسيير أمور دينهم ودنياهم، مستشهدا بحديث الرسول « أنتم أعلم بشئون دنياكم»، والذي يهدم كل طعن يدعى جمود الدين على خلاف الحقيقة، رغم أن الجمود الفكرى موجود لدى بعض الأشخاص وليس في الدين نفسه، فالإسلام دعا إلى العلم والقراءة.

وباعتقاد الدكتور الجندى أنه حال توضيح أن نصوص الدين الإسلامى تتوافق مع التطور العلمى لدول أوربا، يمكن القول إنه تم قطع شوط مهم في تبرئة الإسلام من مسئولية انتشار ظاهرة الإسلاموفوبيا، والصاق هذا الاتهام بالمتشددين الذين يتخذون من الإسلام ستارا لتحقيق أهدافهم.

واتفاقا مع رأى الدكتور سالم عبد الجليل، طالب الجندى بإرسال وفود أزهرية إلى الدول الغربية للقاء الجاليات المختلفة هناك والتعرف على أسباب مخاوفهم من انتشار الإسلام، ودراسة هذه المخاوف بعناية فائقة، قبل وضع ردود شافية لها من القرآن والسنة، تستطيع أن تقلل من حدة نسبة الخوف من الإسلام.

دور مؤسسة الرئاسة لم يكن ببعيد عن الحلول، فطالبها الأمين العام للمجلس الأعلى للشئون الإسلامية الأسبق، أن تتبنى تشكيل اتحاد برئاسة مصر لمواجهة فوبيا الإسلام على أن تكون السعودية والدول العربية والإسلامية أعضاء في هذا الاتحاد، مؤكدا أنه سيكون ذاِ قوة قادرة على دحر فكرة « فوبيا الإسلام».
الجريدة الرسمية