بالصور.. حياة «أم محمد» تلخص معنى المأساة.. توفي زوجها وترك لها ولدين.. عملت في خدمة المنازل لتربية أبنائها.. أولادها طردوها في الشارع منذ 13 عامًا.. وتطالب المحافظة بتوفير شقة للسكن
تتحمل الأم المتاعب والآلام من أجل تربية أبنائها، وتضاف فوق هذه المتاعب قسوة الحياة ومرارتها إذا فقدت المرأة زوجها وترملت فتتحمل مهام الأب والأم.
عاشت علية أحمد عبد الرسول والملقبة بـ"أم محمد"، في كنف عشتهما بمنطقة الترب بالسيدة عائشة، بدون «حنفية مياه أو حمام»، وجلست بميدان الألفي، بمنطقة وسط البلد، على أحد جنبات حديقة أمام باب بنك مصر، وأمامها طبق به قطع من الجبن وفي يديها رغيف خبز، وبجوارها حقيبة كبيرة، تعتبر كل ما تملكه في هذه الدنيا بعد قيام أبنائها بطردها من منزلها منذ 13 عامًا قضت أغلبها في الشارع وأمام مسجد الحسين.
وجمعت صور أبنائها الإثنين وشهادة وفات زوجها، وجواز سفر خاص بها وعدد من المحاضر التي حررتها ضد زوجة أحد أبنائها ولا تعلم كيف تستكمل إجراءاتها.
وصية الزوج
أم محمد "86 عامًا"، تزوجت من صبحي محمد مصطفى، وعاشا في عشة بمنطقة ترب السيدة عائشة لمدة 36 عامًا، بدون حمام أو حنفية مياه، وتوفي زوجها منذ ما يقرب من 59 عامًا ليترك لها طفلين أكبرهما محمد، في الصف الثالث الإعدادي، ومصطفى، في الصف الأول الإعدادي، وسط جو ملىء بالمصاعب والمتاعب في تربية أبنائها خاصة في منطقة غابت عنها أبسط وسائل المعيشة، وبناء مواطن صالح.
وتنفيذ وصية زوجها بإتمام مراحل تعليم أبنائها، لتلجأ لأحد أقرباء زوجها لمساعدتها في السفر إلى لدولة الأردن، لتعمل بمهنة نظافة الحمامات لتوفير مصروفات أبنائها.
وأضافت أن نجلها الأصغر«مصطفى» لجأ للعمل بصحبة أخيه الأكبر«محمد» في تركيب السراميك، ومساعدة ولادتهما على توفير مصاريف مدرستهما.
وأشارت إلى أنها لم تتحمل بعدها عن أبنائها لمدة لم تتجاوز الشهر، لتعود لاحتضان أبنائها والعمل في نظافة المنازل وغسيل السجاد والحمامات بمنطقة وسط البلد.
ظروف صعبة
وأوضحت أنها كانت تحب أبناءها حبًا شديدًا، فكانت لا تتحمل فراقهم لتحملهم على أكتافها أثناء رحلتها للعمل كخادمة بالمنازل لإصرارها على تنفيذ وصية زوجها في ظل الظروف الصعبة التي تعاني منها، مما دفع الابن الأكبر«محمد» لترك دراسته بعد حصوله على الشهادة الإعدادية لمساعدة والدته في توفير مصاريف دراسة أخيه الأصغر «مصطفى» لاستكمال دراسته حتى تخرج من كلية التجارة قسم محاسبة وإدارة أعمال.
وقالت «بعد موت أبوهم شفت أيام سودة، لحد ما ربنا كرمني بواحد من قرايب جوزي ساعدني أسافر الأردن، وهناك غسلت حمامات، وكنت ببعت كل إللي ربنا يرزقني بيه لولادي علشان أكلهم ومصاريفهم خصوصًا أني سبيتهم في العشة لوحدهم، كان قلبي بيتقطع عليهم، معرفش كانوا ياكلوا ولا عايشين إزاي، ورجعت بعد شهر واحد من السفر، مقدرتش أتحمل بعدي عنهم، واشتغلت في تنظيف الشقق والسلالم والسجاد زي ما كنت بعمل في الأردن".
وأضافت:" ولادي كانوا غاليين عليا أوي كنت باخدهم معاليا أي مكان أشتغل فيه علشان أبقي مطمنة عليهم، دلعتهم أوي، لحد ما مصطفى الكبير ساب المدرسة علشان يساعدني في مصاريف أخوه الصغير، واشتغل في تركيب السراميك، كان عندي أموت من الشغل وميعملش كده، بس الظروف كانت أقوي مني، لحد ما ربنا كرمنا، ومصطفى دخل الجامعة وخلص".
تعليم الأبناء
وتابعت:" كنت بوديه الجامعة كل يوم وأستني لحد ما يخرج منها علشان ميعاكس حد ولا يصاحب ناس مش كويسين، وخدنا شقة إيجار قديم على الطوب الأحمر في منطقة الطوابق بشارع فيصل، ومصطفى إشتغل في مدينة الشيخ زايد في أكتوبر، ومحمد سافر ليبيا وكان بيبعت إللي يقدر عليا على بنك فيصل، شطبنا الشقة أحسن من أي فيلا، لحد ما محمد رجع واشترا شقا اتجوز فيها، وأنا ساعدته باللي ربنا قدرني عليه".
وأشارت إلى أنها عاشت برفقة ابنها الأصغر بشقة فيصل ثلاث سنوات بعد الانتهاء من تجهيزها منذ عام 2007 حتى زواجه في عام 2010.
واستطردت قائلة « بني الكبير مراته طردتني من البيت، علشان سما بنته علية على اسمي، وهو ضربني قدماها، بقالي 13 سنة مدخلتش شقته، وابني الصغير بعد ما جوزته بـ 10 أيام مراته قالته يا أنا يا أمك في البيت، وابني قالي بعديها: ياتسبيني البيت والا هولع فيكي أو أرميكي من البلكونة وأخلص".
وأضاف:"مراته خدت مني كارت الفيزا بتاع المعاش والرقم السري، بقالي خمس سنين ببيع مناديل ونايمة في الشارع وأحيانًا بروح عند حد من قرايبي، وناس بتوع الخير بيبعتولي معاش شهري زي الفنان مصطفى شعبان إللي بيبعتلي 400 جنيه شهريًا والحمد لله ماشي الحال".
وتابعت: «في رمضان إللي فات ابني الصغير مات في حادث أتوبيس وهو راجع من الشغل، وناس من قرايبنا وقف جنبا في الجنازة ومصاريف الدفنة، وبعديها واحد من المحامين اسمة خالد عبد العليم قلي اعمليلي توكيل علشان ارفع قضية على السواق، علشان تاخدي حق ابنك، وبعد ما خد التوكيل إللي قالي عليه، اختفي ومعرفش راح فين، وأنا معرفش عنه حاجة خالص إلا اسمه، موت ابني خالاني مش عارف اية إللي بيحصل حوليا، ومرات ابني استغلت الظروف وباعت الشقة إللي ضيعنا فيها شقا عمرنا وخدت17 ألف جنيه من صاحب البيت».
تحرير محضر
وتابعت:" أنها لجأت لتحرير محضر تحت رقم 17828 تتهم فيه زوجة نجلها الأصغر «مصطفى» بسرقة الشقة ومحتوياتها لكن دون جدوي".
وأشارت إلى أن مسئولي حي غرب القاهرة رفضوا تدوين اسمها في كشوف الحاصلين على شقق المحافظة بسبب عدم وجود وصل عداد كهرباء أو مياه تابع للشقة القديمة التي تتبع لها، خاصة أنها تقيم داخل عشة بترب السيدة عائشة ولا يوجد ما يثبت وجود مياه أو كهرباء أو مرافق لهما.
وأضافت:«ابني مات وخد كل حاجة حلوة معاه، على قد ما أنا زعلت منه بعد إللي عمله معايا بسبب مراته، بس أنا لمت نفسي ملمتوش على إللي عمله دلعي فيه هو إللي وصلنا لكده، دي أخرت الدلع، وابني الكبير بعد ما الدنيا وقفت معاه في ليبيا بسبب الحال إللي محدش عارفلة حاجة قعدت في البيت، يوم يشتغل وعشرين لا، كلمني وقالي ياما عايز فلوس مش عارف أودي بنتي المدرسة، كان معايا 4 آلاف جنيه ادتهموله، على الرغم أنو ضربي، ومراتوا طردتني من شقتهم من 13 سنة، بس الضفر مطلعش من اللحم، وهو إللي فاضلي من الدنيا بعد موت أبويا وأخويا مصطفى».
وتابعت« ربنا رزقني بفلوس تاني اشتريت بيهم كمبيوتر لبنته أصلي أنا بحبها أوي، ودولوقتي ابني الكبير لما عرف أني معايا فلوس بيجيلي كل جمعة ياخد إللي معايا، أول ما يجي بديلوا كل إللي معايا، لدرجة أن بياع الجرايد إللي بنام جنبه قاله خد والدتك نيمها عندك كفاية مرمطة في الشارع مش بتيجي تاخد كل إللي معاها، رد عليه وقاله:الشقة ضيقة علينا، ومراتي مش بتحبها".
وأضافت « ياريتني ما رجعت من الأردن، ولادي رموني في الشارع ياريتني لا عشت ولا شفت اليوم ده، نسوا كل إللي عملته علشانهم، رحت عملت جواز جديد أسافر بيه، وناويه أول ما اروح هجهز إللي ربنا يقدرني عليه وابعتهم لابني الكبير محمد مقدرش يكون محتاج حاجة وأنا في أيدي أسعدة وأسكت».
وأنهت حديثها«عملت عمليتين واحدة في رجلي والتانية في عيني اليمين مش قادرة أمشي ولا بقدر أسقي نفسي مياه، كفاية التعب اللي شفته في حياتي، وياريت بتوع المحافظة يشوفولي أوضة أقعد فيها مش ببقي قادرة أنام في الشارع الجو بيبقي برد أوي في الليل ده غير الحرامية علشان كده روحت قعدت مع النسوان عند مولانا الحسين، ونفسي حد يساعدني عندي التهاب صدري وعيني الشمال مش بشوف بها، الحمد لله على أي حال».