رئيس التحرير
عصام كامل

هل ينجح مؤتمر ميونيخ في إيجاد حل للأزمات العالمية؟.. وزيرة الدفاع الألمانية تتهم روسيا بشن «حرب هجينة» في أوكرانيا.. كلمة لـ «ميركل» و«لافروف» اليوم.. «إيشنجر»:


بعض من صناع القرار في العالم يحاولون في ميونيخ إعمال الدبلوماسية والدفع باتجاه حل للأزمات العالمية، ومحاربة الإرهاب والنزاع في أوكرانيا أبرز تلك القضايا التي يناقشها المشاركون في مؤتمر ميونخ للأمن.

على خلفية تفاقم الأزمات الساخنة في كثير من بقاع العالم، جددت وزيرة الدفاع الألمانية أورزولا فون دير لاين عرضها بأن تقوم ألمانيا بدور قيادي أكبر على الصعيد العالمي.

حرب هجينة
وقالت فون دير لاين، أمس الجمعة، في افتتاح مؤتمر الأمن في ميونيخ إن ألمانيا لا تريد انتزاع دور قيادي لها أو أن تقحم نفسها في هذا الشأن.

وأوضحت الوزيرة قائلة: "هل نفهم من مصطلح القيادة مجرد ارتداء خوذة القائد؟ كلا، أم هل نفهم منه أن تنتزع ألمانيا عجلة القيادة بيديها وتحدد الاتجاه؟ كلا! أو أن تقحم ألمانيا نفسها لأنها تعتقد أنها رقم واحد بين الدول الأوروبية؟ مرة أخرى كلا.

إلا أن فون دير لاين ذكرت أن القيادة المعنية هي "القيادة من وسط المجموع"، مبينة أن من مقتضيات تلك القيادة الاستعداد غير المشروط للتحليل المشترك واتخاذ القرار المشترك، مضيفة أنه "ليس هناك أمة وحدها حتى وإن تعاظمت وسائلها - يمكنها أن تحل الصراعات بنجاح حلولا دائمة.

واتهمت وزيرة الدفاع الألمانية أورزولا فون دير لاين روسيا بشن ما أسمته بـ "حرب هجينة" تجمع بين الأنشطة العسكرية والدعاية الإعلامية فى أوكرانيا، مشيرة إلى أن شحنات الأسلحة لن تضع نهاية للنزاع فى أوكرانيا.
 
وقالت الوزيرة "أي تركيز على الأسلحة فقط يمكن أن يكون عاملا مسرعا لاشتعال النيران ويبعدنا بصورة أكبر عن إيجاد حل"، مضيفة أن هذا الأمر يمكن أن يقدم لموسكو ذريعة للتدخل بصورة صريحة فى النزاع.

وأوضحت وزيرة الدفاع الألمانية أن موسكو تستخدم عمليات استخباراتية وعسكرية وتكتيكات لزعزعة الاستقرار السياسي وحملة دعائية هائلة لتقويض النظام الحالي فى أوكرانيا.

وقالت فى مؤتمر الأمن المنعقد حاليا فى ميونيخ "الجديد تماما يتمثل في المزج والتزامن الذي يتم بحرفية عالية لهذه الحرب غير المعلنة التي تنكشف طبيعتها العدوانية فقط إذا ما نظرت اليها ككل". 

يذكر أن الحرب الهجينة هى تلك الحرب التى تجمع بين الأنشطة العسكرية، إضافة إلى العديد من العناصر الأخرى مثل الحملات الإعلامية والعملاء المستترين.

قضايا المؤتمر
وتهيمن ثلاث قضايا أساسية على أعمال مؤتمر الأمن السنوي في ميونيخ، هي: النزاع في أوكرانيا، والحرب على تنظيم "الدولة الإسلامية"، و"انهيار النظام العالمي".

ويضاف إلى تلك القضايا، التي يبحثها المؤتمر خلال اجتماعات تستمر ثلاثة أيام، المباحثات النووية مع إيران، والحرب في سوريا وأزمة اللاجئين الضخمة، والانتشار السريع لفيروس إيبولا في غرب إفريقيا، والإرهاب في المجال الإلكتروني. 

وتشمل لائحة الحضور المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل بالإضافة إلى 20 آخرين من رؤساء الدول والحكومات، فضلا عن 60 وزيرا للخارجية والدفاع، بينهم وزيرا الخارجية الأمريكي جون كيري والروسي سيرغي لافروف.

وكان المؤتمر قد افتتح بعد ظهر الجمعة بكلمة رئيس اللجنة المنظمة ألقاها الدبلوماسي "فولفغانغ إيشينغر"، كما تحدث الأمين العام للناتو الجنرال "ينس ستولتنبيرغ" بكلمة أمام الحضور. 

وشارك في النقاش القائد الأعلى لقوات الناتو في أوروبا الجنرال الأمريكي فيليب بريدلاف في كلمة ألقاها حول "الحرب الهجينة" - وهو مصطلح يصف الصراع في أوكرانيا- حيث تُتهم روسيا بشن حرب سرية بمقاتلين متطوعين وشحنات من الأسلحة.

خطاب ميركل
وستلقي المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل السبت خطابا في المؤتمر، يليها وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، ثم نائب الرئيس الأمريكي جو بايدن، والرئيس الأوكراني بيترو بوروشينكو.

ومن المتوقع أن تتطرق ميركل إلى الأزمة الأوكرانية، بالإضافة إلى رغبة بلادها في لعب دور دبلوماسي أكبر في الساحة الدولية يتناسب مع قوتها الاقتصادية، وذلك بعد عقود من التأثير الباهت في القضايا الدولية، بسبب تداعيات الحرب العالمية الثانية. 

وأرسلت ألمانيا قواتها إلى أفغانستان، كما أنها تساهم في احتواء أزمات عالمية أخرى، رغم تفضيلها إرسال أسلحة أو مساعدات بدلا من جنود.

وقادت ميركل جهودا دبلوماسية، لم تسفر عن نتيجة حتى الآن، لإقناع روسيا بإنهاء الأزمة الأوكرانية التي أودت بحياة حوالي خمسة آلاف شخص، في حين تدرس واشنطن إرسال أسلحة إلى كييف. إلا أن الشعب الألماني لا يبدي حماسة مماثلة، إذ أظهر استطلاع للرأي -أجري لصالح مؤتمر الأمن في ميونيخ- أن 34 في المئة يرحبون بتدخل أكبر، فيما يعتقد 62 في المئة أن على ألمانيا الاستمرار في سياسة التحفظ.

نظام العالم ينهار
وقال منظم المؤتمر الدبلوماسي الألماني السابق فولفغانغ إيشنجر: "إن الاجتماع يبحث الازدياد غير المسبوق في الأزمات العالمية، خلال العام المنصرم، وعدم قدرة المجتمع الدولي على مواجهتها. 

وحذر إيشنجر من أن "النظام العالمي ينهار حاليا"، وأضاف: "نعيش في زمن انهيار النظام، يختبر الجميع في هذا الفراغ إلى أي حد يستطيعون المواصلة: (الرئيس الروسي فلاديمير) بوتين في أوكرانيا، والصين في مواجهة اليابان، وإيران في الملف النووي، والجهاديون في أفعالهم الفظيعة".

وأكد إيشنجر أن "هناك حاجة ضرورية جدا لحوكمة عالمية، يجب على مجلس الأمن الدولي حل أزمة كل أسبوع: (كأزمة) إيران، أو سوريا، ولكن عوضا عن ذلك يبدو المجلس في طريق مسدود"، ولا توجد أي رغبة في الإصلاح.

التنافس الجيوسياسي
وحذرت منظمة مجموعة الأزمات الدولية في المؤتمر الأمني من أنه "على الصعيد العالمي، تبدو الزيادة في التنافس الجيوسياسي، وكأنها تتجه نحو عالم أقل سيطرة"، وتتجه الأمور لتصبح غير قابل بالتنبؤ بها.

وأشارت المجموعة إلى "نقاط إيجابية" حصلت خلال العام الماضي، بينها استمرار المحادثات النووية مع إيران، ومحاولات تشكيل الحكومة الأفغانية، ومحادثات السلام في كولومبيا، فضلا عن التقدم الإيجابي في العلاقات بين الولايات المتحدة وكوبا.

ولكن بشكل عام، "اتسم غالبية العام بالكآبة"، وفق مجموعة الأزمات الدولية، التي أضافت بالقول إن "النزاعات تتصاعد مجددا بعد تراجع كبير إثر انتهاء الحرب الباردة، إن حروب اليوم تقتل وتشرد أشخاصا أكثر وهناك صعوبة في إنهائها مقارنة مع الأعوام الماضية".

تركيا تقاطع المؤتمر
وكان وزير الخارجية التركي مولود شاوشأوغلو قد أعلن الجمعة، أن بلاده تراجعت عن حضور مؤتمر الأمن في ميونيخ، بسبب مشاركة إسرائيل.

ونقلت وكالة الأنباء التركية الرسمية عن شاوشأوغلو قوله: "كان من المفترض أن أشارك في المؤتمر ولكن بسبب الدعوة الموجهة لممثلين، عن إسرائيل للمشاركة في الدائرة المستديرة حول الشرق الأوسط، قررنا عدم المشاركة". 

حيث كان من المفترض أن يشارك وزير الخارجية التركي بمداخلة خلال هذا الاجتماع.
الجريدة الرسمية