مصر في صورة.. وشعب في قائد
رغم أني ضد لعبة اختزال القضايا الكبرى في أشياء بسيطة مخلة، ورغم أني قلت من قبل إنه لا يجوز اختزال الوطن في شارع أو ميدان أو محافظة، ولا يجوز اختزال الشباب المصري كله في شباب الثورة الذين يظهرون في الميديا بأنواعها، ولا يجوز اختزال الإرهاب في تنظيم داعش، فكل الإرهاب خرج من رحم جماعة الإخوان في عشرينات القرن الماضي..
إلا أنني لا أستطيع أن أنكر المشهد الذي جمع الرئيس السيسي في وقت سابق مع كل أطياف المجتمع المصري باستثناء الجماعة الإرهابية ومن يتحالف معها عقب الحادث الإجرامي الذي وقع في العريش والذي راح فيه أكثر من 30 شهيدا و50 جريحا من أبناء قواتنا المسلحة.
المشهد تم تسجيله وتوثيقه في صورة توسطها القائد ووقف حوله الجميع دون حسابات بروتوكولية وبلا أي حساسيات، وبدت الصورة وكأنها مصر تعبر وبشدة عن حالة تضامن مستمر، وعن إعلان صريح برفض الإرهاب وتجاوز آثاره الدامية، وعن تأكيد على ثبات الموقف ضده، وعن عزم قوي على مواصلة المواجهة، وعن ثقة بأن النصر سيأتي لا محالة طالما استمر هذا الجمع متحدا، وعن تفويت فرص يتمناها الإرهاب وكل من يدعمه ويسانده للتأثير في الجبهة الداخلية ونحن في حالة حرب، وعن رسالة في تقديري غاية في الأهمية للرد على كل الترهات التي يسوقها إلينا الغرب نقلا عن أكاذيب وأضاليل وهلاوس الجماعة التي تقول إن المصريين ليسوا على قلب رجل واحد فجمعت الصورة كل الأطياف.. جيشا وشرطة وقضاء وإعلاما ونخبة مثقفة وقادة أحزاب ورجال دين إسلامي ومسيحي وشبابا من الجنسين وحكومة ومعارضة باختلاف درجاتها.
مصر في صورة كانت العنوان الأبرز الذي يعبر عن التضامن والوقوف ليس مع الرئيس فقط لكن مع الدولة الوطنية المصرية التي يراد لها الانكسار والركوع.. مصر في صورة كانت أبلغ من مئات المقالات وآلاف الكلمات، هذه الصورة سكنت عقول ملايين المصريين، وطمأنت قلوب الخائفين على الوطن وأعطتهم الثقة بقادم الأيام.. ومسحت بعض غبار حط ذراته على العقل الجمعي المصري وكاد أن يطفئ بعض لمعانه وبريقه الذي يضيء له الطريق وقت الشدائد والمحن.. هذه الصورة أهالت الركام على من يتقولون على مصر بأنها منقسمة على نفسها فكتمت أنفاسهم وملأت عيونهم بالتراب.
مشهد 3 يوليو يتكرر بعد أن لاذ بالفرار منه بعض من كانوا يريدون تغيير لونه !! من جديد يعود المشهد ليجدد الثقة في المسار الذي اختارته ثورة 30 يونيو ليحافظ على الدولة الوطنية المصرية من خطر الاختطاف من جديد ! وفي الصورة كانت كلمات الرئيس واضحة ومحددة عبرت عن رؤية تجمع شمل كل من يخاف على هذا الوطن بطريقته الخاصة حتى وإن كان فيها بعض الشطط !
قال الرئيس مخاطبا الشعب في شخوص من أمامه: مصر ستنتصر بكم وليس بي وحدي، وأنه لن يقدر على فعل التغيير الحقيقي دون الشعب، وقال: ما ترونه سوف أنفذه، وما تطلبونه سوف يكون أولوية عندي، وعندما يستطيع الرئيس تنفيذ الإرادة الشعبية يكون الشعب قد حقق إرادته وصار هو القائد.
الشعب يريد أن تكون مصر قوية.. قادرة.. فاعلة وليس مفعولا بها.. أن تكون فعلا وليس رد فعل.. الشعب الذي يحمل على كتفيه مسئولية بقاء وطن وصمود أقدم دولة عرفتها الإنسانية يريد لها أن تحتل مكانتها التي تستحق بين الدول. هذه هي صورة مصر، ومن غاب عن الصورة ليس من مصر ولا من شعبها.. في وقت الشدائد تبدو معادن الرجال واضحة جلية.. وفي وقت الشدائد الوطن ليس وجهة نظر، والانتماء ليس وجهة نظر، والوقوف خلف الدولة لا يحتاج نقاشا أو جدلا درءا للخطر.. تحيا مصر.. تحيا مصر.. تحيا مصر.
m.elazizi@hotmail.com