سيادة الرئيس.. أرحنا بثورتك
دعوتنا فاستجبنا أيام الحسم، فلماذا نشعر بأن هناك من يحول بين أصواتنا وأذنيك، وبين ما نكتبه وعينيك، على الرغم من ثقتنا بأنك تحب أن تسمع الحقيقة وتقرأها، وتحب أن تستجيب للشعب الذي عاهدته على الأمن والأمان؟
سيادة الرئيس، نشعر بأن هناك من يجيد العرض غير الآمن عليك، فملخص ما يأتيك من تقارير صحفية، ومشاهد إعلامية مصورة، لا يعكس الحقيقة، بدليل أننا نرى ظهر السفينة يُحَمّل يوميا بالتوافه، ولا تزال الدرر تغوص في القاع قسرا.
لم نكن نتخيل أن تؤول ثورتانا المجيدتان لرئيس حكومة، يحرص وهو في أعالي الهرم السلطوي الحكومي، على تسوية ملفاته القديمة، حتى لا تطوله يدا المساءلة حين يبلغ الراحة على مقهى المعاشات، ولذلك يسبح وسط جوقة الجهاز الإعلامي المنتمي سابقا إلى إدارة علاقات "المقاولون العرب".
مؤكد أن شهداء 25 يناير وما بعدها لم يكونوا يعرفون أن دماءهم ستصبح مادة لمزايدة عصابة الإعلاميين، التي يعيث أعضاؤها في الشاشة إفسادا وإكراها، فيشعلون نار الفرقة والجهل بخسة ودناءة لم تضارعهما سوى أفعالهم أيام مبارك.
هؤلاء تنعدم مروءتهم، فلا يشعرون بالمسئولية الحقيقية، وهم يمارسون التحريض بصياحهم، لمجرد أنهم يزاحمونك في الصور، ويرافقونك في جولاتك الخارجية، كأنهم يقولون لعموم الناس إنهم فقط حماة ظهرك، على الرغم من أن الكثيرين من أبناء مصر يرون أنهم "سُبّة" في عهدك، كما كانوا "رويبضاء" في العهود السابقة.
لم نكن نتخيل أن تتحول ساحاتنا الإعلامية إلى فصول تأديب من حناجر يتمترس أصحابها خلف رجال أعمال، ينفقون الملايين تباعا كي يملكوا البرلمان المقبل، وباتت طريقتهم في النباح تغري "صبيانا جددا" يدفعونهم بحنكة إلى المشهد، كامتداد سافر لهم، لممارسة التأديب العلني على الهواء، فيقع الرعب في قلوب المشاهدين، وتسود الكآبة وجوه المصريين، أهالي الشهداء والمحزونين.
سيادة الرئيس: لا نزال نؤمن بأن وراء كتم أنفاسك وصبرك، ثورة خاصة بك، سوف يؤمّن "الغلابة" من المصريين فيها ظهرك مرة أخرى، فهم الذين تحمّلوا خصم 51 مليار جنيه من دعمهم، وهم الذين مولوا النسبة العظمى من سندات مشروع قناة السويس الجديدة، وهم أهالي شهداء الجيش والشرطة.
لذا: ننتظر تغييرا وزاريا سريعا، ينقذ الزراعة المصرية من التدمير اليومي، والتجارة من السير في اتجاه الاستيراد فقط. ننتظر وزير زراعة ينقذ الفلاح والمزارع المصرييْن من الانهيار العصبي الحاد، بسبب انهيار أسعار البطاطس لما دون تكلفة الإنتاج، وتخليع أشجار البرتقال بمحصولها، والتعنت في استلام مصانع السكر محصول القصب في الصعيد، وتراجع سمعة الحاصلات البستانية والحقلية في الخارج، بسبب عدم تحري الدقة في استيراد تقاو خالية من مسببات الأمراض، والاستخدام غير الآمن للمبيدات والأسمدة.
ننتظر فصلا وزاريا بين التجارة والصناعة، فيتفرغ الأول لفتح الأسواق أمام فائض الإنتاج الزراعي من الفواكه والأرز والقطن، بدلا من الكذب المتعمد بأن القطن المصري لم تعد له نافذة تسويق، وبناء قنوات جديدة لتصدير كنوزنا التعدينية مصنّعة.
ننتظر وزير صناعة يصل إلى حصر حقيقي لعدد المصانع المتعطلة، ونوعية المصانع التي نحتاجها لتصنيع خاماتنا، والأسباب الحقيقية التي تحول دون التصنيع، وأهمها: حماية مصالح مصدّري المواد الخام، ومستوردي السلع الرديئة.
ننتظر وزير سياحة يعرف أن تنظيف الأثر من الغبار ونزح مقالب الزبالة من أمامه، لا ينفي عنه صفته الأثرية.
ننتظر وزير تعليم يعيد إحياء التربية في روح المعلم، كي يزرعها في نفس التلميذ، فتكون المخرجات سليمة خالية من مسببات فساد الذمم.
سيادة الرئيس.. أنت تعرف أنه لا أمان لجائع، فكيف يتحقق الشبع وشبح ارتفاع الأسعار يخيم على كل مصري؟ حتى ساد الهلع من إمكانية احتفال دائرة الفقر في مصر بنسبة جديدة من المستورين لا تقل عن 20%، فتصبح غالبية الشعب لا تقوى على الوقوف معك في حرب مصر ضد الإرهاب؟
سيادة الرئيس.. دعوتنا فاستجبنا، ولا نزال نؤمن باصطفافنا إلى جوارك، فصل لربك وطهّر جراحنا.