صاحب التسعين يستعفف
مشهدٌ رأسيُّ، لكنه ليس من ميدان التحرير، هذه المرة من ميدان الحياة، رأيت في عينه شقاءً وجفاءً، فقد شق الزمان عروقا في يده، لم يفكر أن يثور ذات مرة علي فقره وحاجته، كان جالسا وفي جعبته 90 عاما أو يزيد، يفتش في أعين الناس عن بسمة ليس إلا، يمنعه الحياء من السؤال، رغم حاجته.
الآن أكتب ولا أفكر في أحد، كنت أخشي من يقظة الضمير وغفوة المشاعر، ليس عاديا أن تمشي في الشارع_ صباح مساء_ ولا تقابل سوي حفنة من السائلين والشحاذين، ليس منطقيا أن يمتهن هذا وذاك وظيفة «متسول»، لماذا لا تترفع سيدي «المتسول»، لماذا لاتفكر في العمل، هل لأنك وجدتها أسهل وأيسر، أم لأن عادل إمام كان قدوة لك في فيلم «المتسول»، أفكر في حالكم وأعود بنظري إليك سيدي صاحب التسعين، لأجدك مثالا يحتذى به في الأخلاق والرفعة والسمو، عذرا أصبحت أشمئز من أولئك الذين يحملون أطنانا من النشاط واليقظة وربما الصحة، ولا يستخدمونها سوي في أصواتهم التي تزلزل المترو كي يكسبوا تعاطفا مني ومن غيري.
آن لكم أن تقترفوا جرما أكبر من مصيبتكم هذه، جاء وقت الكرامة والعزة فلترفعوا رءوسكم، نريدكم أغنياء من التعفف.