رئيس التحرير
عصام كامل

بالفيديو والصور.. مأساة «الفقيرة» ببني سويف.. الأهالي: اسم القرية يعبر عن حالنا.. مواجهة الموت في ليبيا أرحم من الفقر في بلادنا.. والمسئولون نسوا وجودنا


رصدت كاميرا «فيتو» معاناة أكثر من 1500 أسرة يعيشون بقرية «الفقيرة» التابعة لمجلس قروى «سدس» بمركز ببا، جنوب محافظة بني سويف، حيث يعيشون في عُزلة خلف الجبال الشرقية المحاذية لنهر النيل، وسط حالة من التجاهل التام من قبل مسئولي المحافظة.


يعيش أهل القرية في حالة اقتصادية تتناسب تمامًا مع اسم قريتهم، وإذا وطأت قدماك القرية تجد الأطفال حفاة بملابس رثة، يلعبون وسط المقابر التي تستقبل زائري القرية، إذ لا يوجد مكان للعب أو التسلية في القرية سوي أمام المنازل المواجهه لمقابر الموتي.

في البداية ألتقينا حسن محمد علي (عامل) من قاطني القرية، وقال: نعيش في عُزلة في الجانب الشرقي لنهر النيل خلف الجبال، التي تبدو كأنها عائق أمام مسئولي المحافظة للوصول لنا، والتعرف على عيشتنا البدائية، فالوسيلة الوحيدة للوصول إلينا هي إما بسيارة خاصة عبر الطريق الصحراوي الشرقي القديم، وإما عبر المعدية أو المراكب الشراعية الصغيرة والتي كثيرا ما نتعرض بسببها للغرق، مطالبًا محافظ بني سويف، بالعمل على سرعة إنشاء كوبري الفشن العلوى على النيل، لافتًا إلى أنه سيخدم جميع القرى الشرقية لمركزي ببا والفشن.

معاش المعزول
وأضاف ناجح محمد أحمد (مزارع) "الفقيرة" ليس اسم قريتنا فقط، بل وصف أيضا لما تحمله أحرف كلماتها من معاناة وتجاهل من المسئولين، فضلًا عن الحالة الاقتصادية المتدنية لغالبية أهالي القرية، نظرًا لحالة البطالة التي انتشرت بالقرية خاصة بعد توقف العمل بالمحاجر منذ 3 سنوات، مما دفع العشرات من مواطني القرية للتقدم للتضامن الاجتماعي للحصول على المعاش الذي تم تطبيقه إبان فترة حكم الرئيس المعزول محمد مرسي، لافتا إلى أن مديرية الشئون الاجتماعية بالمحافظة توقفت عن صرفها منذ سنة تقريبًا، مطالبا المحافظ التدخل لإعادة صرفها، خاصة أنه يعاني من أمراض صدرية تقف حائلًا دون الحصول على فرصة عمل شاق بالأماكن الجبلية.

وقال صابر محمد علي (صياد): قريتنا محرومة من أقل حقوقها، خاصة ما يتعلق بالصحة، حيث لا يوجد وحدة صحية بالقرية، على الرغم من تعرض الكثير من أبناء القرية إلى لدغ العقارب والثعابين وعض الكلاب، لافتًا إلى أن أطفال القرية محرومون من التطعيمات الوقائية لصعوبة الحصول عليها، خاصة أن أقرب مكان لنا هو الوحدة الصحية بقرية سدس، ولفت إلى أنه منذ 6 سنوات وقد تم تخصيص قطعة أرص للوحدة الصحية، ولكن ما زالت كما هي (قطعة أرض) رغم ما مر على مصر من أحداث خلال السنوات الأخيرة.

طريق الموت
وقال ناجح محمود أحمد (عامل): البطالة أجبرتنا على أن نسلك طريق الموت، بالتسلل إلى ليبيا عبر الطرق الجبلية غير الشرعية، ونترك أهلنا وأسرنا للبحث عن عمل بأجر مرتفع في المدن الليبية رغم الصراع الدائر هناك، ورغم كل ذلك فاضطررت للسفر حتى أتمكن من سداد رسوم توصيل مياه الشرب لمنزلى، فهي تتجاوز الـ12 ألف جنيه، لبعد المسافة من الخط العمومي، «اشتغلت 6 شهور ورجعت كنت بشتغل أي حاجة تجيب فلوس» وفى النهاية مقدرتش.

وأشار جمعة عثمان أنور (فلاح) كنت أعمل أجيرًا في الأرض الزراعية القليلة بالقرية، قبل أن أقرر السفر للخارج، بسبب ضيق الرزق، وعدم وجود عمل بالقرية، مما دفعني للتفكير في السفر، وأثناء وجودي في ليبيا تعرض للكثير من المضايقات سواء من الميليشيات المسلحة في مدينة «الشحات»، أو من شرطة الدولة الليبية التي تتبع القادمين لأراضيها عبر عمليات التهريب ودون إقامة، فقررت العودة والهروب عائدًا إلى الفقيرة، وبمجرد الخروج من بوابة المدينة شاهدت السنة اللهب تتصاعد من البوابة بعدما فجرها الثوار، لتكون آخر ما أشاهده قبل رحيلي: «شفت نار جهنم بس عندي أحسن من العيشة في الفقر هنا».

مساعدات لغير المستحقين
وشكا نميري صالح قطب (عامل) من الجمعية الأهلية الوحيدة بالقرية، حيث قال: يقومون بتوزيع الإعانات المادية والعينية التي ترد للجمعية من المؤسسات الخيرية الكبرى بدون عدل، فالقائمون على العمل بالجمعية يفضلون أقاربهم، حتى ولو كانوا لا يستحقون المساعدة.

من جانبه أكد محمود المغربي، رئيس مركز ومدينة ببا، أن عدد سكان قرية الفقيرة يبلغ 3000 نسمة، وعدد المنازل 450 منزلا تقريبا، موضحًا أنه يربطها طريق مرصوف من الطريق الصحراوي إلى القرية الأم (سدس)، وكذلك الطرق المجاورة، كما توجد عَبَّارة تعمل على نهر النيل بين قرية الشراهنة بمركز الفشن وقرية عقبة وتخدم العزبة بواسطة طريق مرصوف من العبارة إلى قرية الفقيرة.

وأضاف المغربي، أن المستشار مجدي البتيتي محافظ بني سويف، اعتمد منذ فترة مسار كوبري الفشن العلوي على النيل شمال مدينة الفشن والذي يمثل محورا عرضيا يربط الطريق الصحراوي الشرقي بالصحراوي الغربي، والذي سيقضي نهائيا على مشكلة المعديات، ويؤدي لفتح فرص عمل عديدة للشباب بقرى شرق النيل بمركزي الفشن وببا، لافتا إلى أن عملية البدء في الإنشاء ستتم بعد انتهاء الدراسات والتصميمات الهندسية للكوبري.
الجريدة الرسمية