رئيس التحرير
عصام كامل

"جرذان" أينعت وتأخر قطافها


ما أن أعلنت السعودية وفاة المغفور له بإذن الله خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز، حتى خرجت "الجرذان" من جحورها كاشفة عن رءوسها التي أخفتها رعبا منذ أكثر من عام.


رحيل "حكيم العرب" والمدافع الأول عن مصر وشعبها ضد "الإخوان" والمتآمرين مع أمريكا وتركيا وقطر وغيرهم، ترافق مع جملة من الأحداث والمتغيرات، لذا استغل "الإخوان" وفاة الملك وذكرى الاحتجاجات ليفتحوا بالوعة تغريداتهم القذرة، بدءا من المخرف القرضاوي، الذي حرض على مصر والجيش والرئاسة، واتبعته قناة "الحقيرة"، التي عادت بوقا للجماعة الإرهابية ونافذة التدليس والتحريض على مصر.

كما أدلى البرادعي بأول حديث صحفي منذ مغادرته مصر، دافع خلاله عن الإخوان المسلمين ووجه اتهاماته إلى الجيش والرئيس السيسي، أي أنه صام طويلا وأفطر على وليمة الإسلام السياسي، مؤكدا أن الإسلاميين لن يختفوا من المشهد السياسي، وأن دفعهم إلى العمل تحت الأرض سيزيد العنف والتطرف.

تبنى البرادعي رأي "الإخوان"، وهاجم الجيش والدولة، وفي مصر عادت وجوه قبيحة تضم ممثلين فاشلين ولاعبين من بيئة متواضعة وإعلاميين مرتزقة ونشطاء خونة، اتفقوا جميعا على التحريض وإهانة رموز البلد مقابل حفنة دولارات.. لكن لماذا عاد جميع الأراذل بالتحريض ضد الدولة والرئاسة وقت وفاة خادم الحرمين الملك عبد الله ومبايعة الملك سلمان.. وهل يمكن اعتبار التزامن صدفة؟!

واقعيا لا صدفة في السياسة، وكل ما يجرى مخطط له وفق أجندة مصالح وبسط نفوذ في المنطقة، وبما أن المملكة العربية السعودية هي اللاعب الرئيسي في المنطقة، فقد أخضع الملك عبد الله الجميع بحكمة وحنكة لرؤيته المتطابقة مع مصر والإمارات؛ لإبعاد شبح سيطرة الإخوان على حكم الدول العربية وتحويلها إلى دول خلافة تسيطر عليها تركيا وقطر، تحت إشراف الولايات المتحدة الأمريكية..

ولأن ثورة 30 يونيو قضت على الحلم الأمريكي لتقسيم مصر ومن بعدها الخليج، فقد تغيرت الخطط وهادن أقطاب المؤامرة حتى يغيب الملك عبد الله عن الساحة باعتبار أنه في التسعين من عمره ومريض، لذا سعت قطر إلى المراوغة لكسب الوقت حتى لا تلتزم تماما بتنفيذ أوامر خادم الحرمين؛ انتظارا لتغير الظروف وغياب الضغط والتهديد عنها.

استرد الله أمانته ورحل خادم الحرمين، لتطل المؤامرة في أبشع صورها، ويعود "الجرذان" مجددا اعتمادا على معطيات جديدة فرضها الواقع بغياب "حكيم العرب".. من هنا قطع أوباما زيارته إلى الهند، مسرعا إلى السعودية لتعزية الملك سلمان وتعزيز العلاقة الإستراتيجية بين البلدين، وبمعنى أكثر وضوحا احتواء نظام الحكم الجديد وتوحيد الرؤى فيما يخص المنطقة، في أعقاب مجموعة أوامر ملكية أقصت الدائرة القريبة من خادم الحرمين الشريفين الراحل، وتعيين جناح آخر يوافق سياسة الملك الجديد، وهي ربما تتعارض مع نهج سلفه ودائرة حكمه.

اعتمدت السياسة السعودية السابقة على توطيد العلاقة وتوحيد الرؤى مع الإمارات ومصر؛ لمحاربة الإرهاب الذي يقوده الإخوان، وبما أن الحكم الحالي يعارض نهج الجناح القريب من الملك عبد الله، فيرجح أن كفتها ستميل باتجاه قطر وتركيا، ثم الدعوة إلى مصالحة "الإخوان" لمواجهة النفوذ الإيراني المتنامي في المنطقة، خصوصا بعد سقوط اليمن في أيدي الحوثيين الموالين لإيران، فضلا عن أن صراع الحكم في المملكة بدا واضحا مع سلسلة قرارات ملكية لإعفاء البعض وتسكين آخرين بدلا عنهم قبل تشييع جنازة الملك عبد الله، وهذه القرارات لم تلق قبولا تاما ولم تجتمع أسرة آل سعود على البيعة، حتى أن بعض أقطاب الأسرة أعرب عن رأيه صراحة عبر مواقع التواصل الاجتماعي، ما يشير إلى أن أمر ترتيب شئون الحكم داخليا ستشغل الملك سلمان لفترة، بعد صدور المزيد من التغييرات المتوقعة.

لذا علينا في مصر الاعتماد على أنفسنا ومواجهة التحديات بحزم، وبدء محاكمة جدية وعاجلة للمتهمين من الإخوان والمحرضين والمتآمرين والمتطاولين الذين تركتهم الحكومة أربع سنوات كاملة، فاعتقدوا أنهم فوق المحاسبة.. رءوس الخونة أينعت وتأخر قطافها!
الجريدة الرسمية