هل لازالت الإجابة تونس ؟!
لماذا لا تكون الإجابة عندهم تونس الآن ؟!
قبل أيام أدى الباجى قائد سبسى اليمين الدستورية رئيسا لتونس. الباجى سبسى كان أحد أعمدة نظام زين العابدين بن على.. لكن فوزه في الانتخابات لا تعنى عودة "النظام القديم" لدى التوانسة. لا يعنى التوانسة الآن بمصطلح النظام القديم، إلا كل من تلوثت يده وسمعته خلال عهد بن على.
لا يطلقون في تونس مصطلح النظام القديم عمّال على بطّال.. لا يتخذونه ذريعا لمصلحة.. لا يستقوى بعضهم به بعد رحيل بن على. في تونس الجديدة يقف التوانسة ضد الإقصاء. علموا أن في الإقصاء ضعف فخفف الله عنهم، بينما الإقصاء حتى الآن كلمة السر لدى الساسة المصريين، وكوادر أحزاب ما بعد يناير.
الأمثلة كثيرة.. والعواقب وخيمة. مثلا رفض الدكتور عبد الجليل مصطفى الانضمام لقائمة الجنزورى احتجاجا على تواجد شخصيات من "النظام السابق".. استبعد الدكتور الجنزورى بدوره أغلب مرشحى حزب الفريق شفيق خوفا من شبهة "النظام السابق".
قائمة عبد الجليل مصطفى مصّرة على الإقصاء.. يعتب عليها "تيار الجنزورى" هذا، بينما يمارس الجنزورى نفس المنطق مع حزب الفريق شفيق. تمارس بعض "أحزاب يناير" السلوك نفسه مع تحالف الدكتور عبد الجليل.. ومع الجنزورى أيضا..ودوخينى يا لمونة.
خسرت قائمة الدكتور عبد الجليل شخصيات معتبرة لها ثقلها الانتخابى في قائمة الدكتور الجنزورى. خسرت قائمة الجنزورى هي الأخرى قطاعا أكبر من مؤيدى حزب الفريق شفيق في الشارع.
داخل حزب الفريق شفيق كثيرا من الشخصيات المعتبرة في الشارع رغم ظهورهم في عهد مبارك. لو صح ما نقلته الصحف عن خطة الجنزورى استبعاد هؤلاء خوفا من الشبهة.. فالمعنى أن تحالف الجنزورى يمارس إقصاء كان يأمل ألا يصدر من تحالف عبد الجليل مصطفى.. وتحالفات أخرى!
في دول العالم الإقلاع عن التدخين الآن سمة تحضر اجتماعى.. وفى تونس أقلعوا عن الإقصاء. عرفوا أن الإقصاء السياسي معناه أقرب الضرر.. وأوسع الإثم.
تيقن الناخب التونسى للفخ. فطن الساسة هناك أيضا لتلك "الوحلة". التصويت لتيار السبسى دليل. الباجى السبسى ترأس البرلمان في عهد الرئيس زين العابدين بن على، حقق فوزا أكثر من دلالة على المنصف المرزوقى، بينما الأخير كان أحد أهم أقطاب معارضة زين العابدين بن على.
لكن فوز السبسى لا يعنى عودة بن على. صحيح حاول المرزوقى وحركة النهضة تصوير الأمر على أنه كذلك بعد ساعات من ظهور نتيجة التصويت..لكن الرأى العام التونسى لم يستجب، لذلك نسى المرزوقى الأمر.. واضطرت حركة النهضة الإسلامية القبول بقواعد اللعبة.
في تقرير نشرته واشنطن بوست قال كثيرا من التوانسة إن المرزوقى لم يقدم شيئا في فترة رئاسية سدد خلالها شعارات كثيرة لم يحسب منها الشارع "هدفا واحدا". قالوا إن المراد في تونس الجديدة إعادة مفهوم الدولة، لا اللهاث وراء شعارات تداولها جناح المرزوقى.. ثم سرعان ما تقرب إلى "النهضة"..بينما التوانسة لا يؤيدون النهضة.
في تونس أفلتوا من فخ غرق فيه ساستنا حتى الثمالة. بعد سنوات من علو تيار الشعارات وكلام حق يراد به باطل عن حقوق الشهداء.. وإنقاذ الفقراء لم يتحقق خلال رئاسة المرزوقى أقر الناخب التونسى أهم المبادئ: لا إقصاء على الهوية.. لا استبعاد على "شبهات مصطنعة".
لذلك لم يؤجج فوز السبسى توقعات بعودة نظام بن على، لأن بن على لن يعود في تونس.. كما لن يعود مبارك أو مرسي في مصر.
عقل الساسة هو الذي يحكم الآن في تونس الجديدة.. وهو الذي يجب أن يعود في مصر الجديدة أيضا.
Twitter: @wtoughan
wtoughan@hotmail.com