السبب الخفي لتعثر ثورة 25 يناير
حدث هام شهدته القاهرة في مارس 2011، مر مرور الكرام، رغم أنه يفسر ما حدث في مصر بعد ثورة 25 يناير، وحتى الآن، بل وما سيحدث في السنوات القادمة، انعقد في فندق ماريوت مؤتمر استمر ثلاثة أيام، تحت عنوان "التجارب المماثلة"، شاركت فيه 11 دولة، شهدت ثورات في فترات مختلفة، بعضها نجح، والبعض الآخر أجهضت ثوراتها بفعل فاعل.
مجموعة من هذه الدول في أمريكا اللاتينية ظروفها تتشابه مع مصر بدرجة كبيرة، ونجحت فيها ثوراتها بفضل وجود نخبة وطنية من السياسيين والإعلاميين، نجحوا في توعية الشعب بأن الثورة قامت من أجله، وتصدوا لمخططات الأنظمة التي أسقطتها هذه الثورات، لتخويف المواطنين من التغيير، وإيهامهم بأنه مؤامرة خارجية، لكن ما حدث في مصر أن النخبة الإعلامية كان معظمها مرتبطا بنظام مبارك، واستفادت منه فتصدت لثورة 25 يناير، ورسمت صورة قاتمة للشعب بأن هذه الثورة مؤامرة وممولة من الخارج وستؤدي للدمار والخراب، و"اللي نعرفه أحسن من اللي مانعرفوش، ومبارك برضه أبونا وعشرة طويلة".
أما النخبة السياسية فكانت بلاءً على الثورة، لتبعية معظمها أيضا لنظام مبارك، وتعودها على لعبة المصالح الخاصة، فرأت أن المجلس العسكري في حقيقة الأمر لا يؤمن بالثورة، ولا يعترف بها من الأساس، بصرف النظر عن التصريحات المعلنة في وسائل الإعلام، وفي الخطب الرسمية، فراحت تمارس لعبة النفاق لمصلحتها، وكررت نفس اللعبة مع الإخوان، عندما تصدروا المشهد السياسي، وعندما ثار الشعب على الإخوان، وأسقط مرسي، يكررون نفس السيناريو مع النظام الحالي.
أما باقي النخبة التي تتمتع بالحس الوطني، وتؤمن حقًا بالثورة، أصبحت لا حول لها ولا قوة، بعد تعرضها لتهم التخوين، والعمالة، وغيرها من التهم سابقة التجهيز، فأصبح الشعب فريسة سهلة لأتباع نظام مبارك وكارهي التغيير، لأنه يهدد مصالحهم فكان من الطبيعي أن تتعثر ثورة 25 يناير، ولكن إلى حين؛ لأنه سيأتي اليوم "وهو قريب" الذي يكتشف فيه الشعب المصري أنه وقع ضحية مطامع هؤلاء، الذين يشوهون ثورة شعب، من أجل ملايينهم، وأراضيهم، ومناصبهم، فقلبوا الحقائق، وجعلوا من الثورة مؤامرة، ومن المؤامرة ثورة لصالح الوطن!