«التوريث» القشة التي قسمت ظهر مبارك.. «جمال» يختار الوزراء ويسيطر على «الوطني».. تعديل الدستور الخطوة الحقيقية للتوريث.. ملصقات «جمال رئيسا لمصر» تغزو الشوارع..
كان الفساد الاقتصادى والسياسي الذي سيطر على كل مؤسسات الدولة في عهد الرئيس المخلوع محمد حسنى مبارك، سببا مباشرا في اندلاع ثورة 25 يناير.
فمن انتشار الفقر والجهل والمرض، إلى انتشار الفساد السياسي، وتغليب مصالح رجال الأعمال، على حساب بسطاء المصريين، وخاصة خلال الفترة الأخيرة، ظهر مصطلح "مخطط التوريث"، والذي أكد المراقبون والمقربون من أسرة الرئيس المخلوع، أنه يتم الإعداد له على قدم وساق.
بداية المخطط
منذ ظهور جمال مبارك، الابن الأصغر لمبارك، على الساحة السياسية في عام 2000، وانضمامه إلى الحزب الوطني المنحل، بدأت الأحداث تشير إلى إعداد "وريث"، للحكم، وهو المصطلح السياسي الذي انتشر بقوة في مصر، خاصة بعد تردد اسم "مبارك الابن"، في عام 2004، مع تشكيل حكومة أحمد نظيف، الذي قيل إن "جمال"، لعب دورا كبيرا في اختيار وزرائها، وهو ما تأكد في عام عام 2007، وهو العام الذي تولى فيه جمال مبارك منصب الأمين العام المساعد للحزب وأمين لجنة السياسات في الحزب الوطنى المنحل.
إجراءات تمهيدية
وفي هذه الفترة السياسية، بدأ النظام في اتخاذ عدد من الإجراءات، التي فسرها المحللون بأنها التمهيد الحقيقي للتوريث، وكان من أبرز هذه الإجراءات، إعلان الرئيس الأسبق، إجراء تعديلات دستورية في عام 2005، في خطوة فسرها سياسيون ومراقبون أنها تمهيد لإخلاء الساحة السياسية لـ"جمال"، خاصة وأن مظاهرات الاستفتاء على الدستور، قوبلت بإجراءات أمنية مشددة، فضلا عن القبض على عدد كبير من النشطاء، وخاصة أعضاء حركة "كفاية"، التي تعد أول حركة معارضة مصرية، تطالب "مبارك"، بعدم الاستمرار في الحكم.
تعديل المادة 34 مادة من الدستور
وتبع تعديل الدستور، خطوة أخرى في عام 2007، حينما قرر مجلس الشعب، تعديل 34 مادة من الدستور، وهو ما رفضته القوى السياسية، التي أشارت إلى أن تعديل هذه المواد هي استكمال لخطوات مشروع "التوريث"، وهو ما أدي إلى زيادة حدة الغضب في الشارع السياسي.
البلطجة والمال السياسي
ثم أصبح "مخطط التوريث" أمرا واقعا في نهاية عام 2010، حينما تم تزوير انتخابات مجلس الشعب بشكل فج، خاصة بعد استخدام البلطجية والمال السياسي، وهوما أكد اقتراب خطوات استكمال مشروع التوريث، خاصة وأنه كان من المفترض أن تجرى الانتخابات الرئاسية في 2011، مما استدعي إفراغ المجلس من المعارضة.
جمال لكل المصريين
وفي يونيو 2010، ظهرت في الشوارع ملصقات تدعو لترشيح جمال مبارك، تحت شعار "جمال لكل المصريين"، وهي الملصقات التي تواجدت بكثرة في الأحياء الشعبية، والميادين العامة، موقعة باسم "الائتلاف الشعبي لدعم جمال مبارك"، فضلا عن ملصقات "جمال مبارك رئيسا لمصر"، وهو ما اعتبر الانطلاقة الحقيقية لقطار التوريث.
أيمن نور يقاوم
وفي المقابل، وللرد على هذه الملصقات، قاد أيمن نور -مؤسس حزب الغد-، حملة ملصقات مضادة مناهضة للتوريث، تحمل شعار " مصر كبيرة عليك"، و" لا يا جمال.. مصر أكبر منك".
على الجانب الآخر، تمسك أفراد أسرة "مبارك"، بنفي مشروع التوريث، والتأكيد على عدم نية "جمال"، الترشح للانتخابات الرئاسية التي كانت مقررة في سبتمبر 2011، وهو الأمر الذي أكده "مبارك الأب"، في أول حوار رسمي له، منذ تنحيه عن السلطة في أعقاب ثورة 25 يناير.
"مصر مش عزبة"
ففي إجابته عن سؤال يتعلق بمخط التوريث، قال الرئيس الأسبق مبارك:" والله العظيم ما كان فيه حاجة من دى خالص.. إزاى حد يفكر إنى كنت ناوى أورّث الرئاسة لابنى.. ده أنا كنت ناوى ما أرشحش نفسى للرئاسة بعد كده.. كنت تعبت خلاص وعايز أرتاح.. ثم إن «جمال» ابنى كان له دور محدد في الحزب الوطنى.. يعنى لا رئاسة ولا دياوله.. وأنا نفيت الكلام ده كتير.. وما حدش صدّق.. وكمان هي مصر «عزبة» علشان أورّثها لابنى؟".
وأضاف:" كنت أضحك عندما تأتينى تقارير عن الكلام حول «التوريث» وأقول أنا راجل عسكري وجدّ.. مش بتاع لف ولا دوران.. إزاى أفكر إنى أحط ابنى في مشكلة كبيرة.. وإزاى أختم حياتى ومشوارى الطويل في خدمة البلد بمصيبة وكارثة.. أيوه كارثة إنى أكون رئيس جمهورية في دولة كبيرة، وأعملها «ملكية»".