لماذا تدفع أمريكا مصر ولبنان إلى الانفجار؟
فى الوقت الذى كان وزير الخارجية الأمريكى، قد أتم زيارته لمصر بعد أن التقى الرئيس والمعارضة كانت سفيرة الولايات المتحدة إلى لبنان مورا كونيلى قد التقت أمس رئيس مجلس النواب نبيه برى بقصر النواب بلبنان، والهدف من الزيارتين الخارجية لكيرى والداخلية لكونيلى واحد وهو موضوع الانتخابات البرلمانية.
فكيرى حاول إقناع المعارضة بالمشاركة فى الانتخابات رغم اعتراف صحيفة "الكريستيان ساينس مونيتور"، بأن رموزا من المعارضة رفضوا لقاء كيرى وأنه تلقى وفقاً للعديد من المواقع توبيخاً على دفع المعارضة للمشاركة فى الانتخابات البرلمانية ولدعم الولايات المتحدة للرئيس مرسى، رغم سياسته التى أبدى فيها أذنا من طين وأذنا من عجين والتى يتصرف فيها بشكل يخالف قواعد الديمقراطية أو الاستماع لمطالب محقة للمعارضة بعرض قانون الانتخابات بعد تعديله على المحكمة الدستورية، وبتأجيل الانتخابات وبإقالة الحكومة من قبل ذلك وتشكيل حكومة تضمن نزاهة العملية الانتخابية.
وفى الوقت الذى خرج كيرى من لقاء المعارضة، صفرا وصفر اليدين، كانت مورا كونيلى سفيرة الولايات المتحدة إلى لبنان تلقى بياناً تتدخل فيه بشكل فاضح، كما هى العادة فى الشئون الداخلية اللبنانية وتحدد ضرورة إقامة الانتخابات البرلمانية على أساس قانون "الستين" الذى رفضه معظم القوى والأحزاب والتيارات السياسية فى لبنان باستثناء "تيار المستقبل" برئاسة سعد الدين الحريرى وبعض الأصوات المستقلة.
فمعظم القوى السياسية فى لبنان اتفقت على قانون ما يسمى "بالاقتراح الأرثوذكسى" والذى يضمن تمثيل أفضل للطوائف من قانون "الستين"، وإن كان قانون "اقتراح اللقاء الأرذوكسى" يرسخ للطائفية، حيث يقوم القانون على انتخاب كل طائفة لنوابها مع احتفاظ كل طائفة بعدد المقاعد نفسه فى البرلمان. ولكنه فى الوقت نفسه قانون يحرك المياه الانتخابية الراكدة فى لبنان طالما فشل الساسة اللبنانيون فى التوصل لقانون يتغلب فيه على الطائفية السياسية، لأن "قانون اللقاء الأرثوذكسى" يضمن تمثيل أفضل للطوائف ويقلل من فعالية المال السياسى فى الانتخابات.
قانون "اقتراح اللقاء الأرثوذكسى" وافقت عليها اللجنة المسئولة بمجلس النواب ووافق عليه "حزب الله" و"حركة أمل" و"التيار الوطنى الحر" وأحزاب وقوى أخرى، وجميعهم يشكلون القوام الأساسى لحركة "8 آذار"، كما وافق على القانون نفسه الأحزاب التى تضم أغلبية مسيحية مثل حزب "القوات اللبنانية" وحزب "الكتائب" وهما ركيزتان من ركائز حركة "14 آذار" المعارضة للحكومة الحالية برئاسة نجيب ميقاتى المحسوب على حركة "8 آذار". ورغم تأكيد رئيس مجلس النواب اللبنانى "نبيه برى" بأن قانون "الستين" قد تم دفنه وأنه على اللبنانيين إما اعتماد قانون "اللقاء الأرثوذكسى" أو التوصل لقانون جديد أفضل فإن السفيرة الأمريكية طالبت بإقامة الانتخابات وفقاً لقانون ترغب معظم القوى اللبنانية فى تغييره واتخذت خطوات بالفعل لتغييره.
فلماذا بعثت الولايات المتحدة بوزير خارجيتها إلى مصر وبسفيرتها إلى لبنان لدفع المعارضة فى مصر على التراجع ولإجبار لبنان على تكريس ما هو موجود؟ ولماذا لم تخاطب أمريكا الرئيس مرسى بشكل جاد إلى تحقيق لتحقيق مطالب المعارضة والتمسك بالديمقراطية شعارا ومنهجا، وإلى دعوة "تيار المستقبل" فى لبنان إلى مشاركة اللبنانيين فى قانون "اللقاء الأرذثوكسى"؟
أمريكا تعرف أنه من الأفضل أن تستمر حالة الاحتقان فى مصر ولبنان وأن انفجار مصر ولبنان أفضل لإسرائيل. فتأييد الولايات المتحدة للرئيس مرسى يمنحه مزيدا من القوة لانتهاك سياسات غير ديمقراطية وأمريكا لا يعنيها فى الوقت نفسه صعوبة إجراء الانتخابات فى ظل انفلات أمنى، فأمريكا تضغط على المعارضة لكون المعارضة فى مصر تمارس الديمقراطية ولا تضغط على مرسى لأنه يخالف ما وعد المصريين والمعارضة المصرية به.
الوضع فى لبنان أكثر خطورة، فالبيان الخاص بالسفيرة الأمريكية مورا كونيلى يعطى إشارة خضراء "لتيار المستقبل" للتصعيد وتحريك بعض من "متشددى السنة" من أمثال الشيخ أحمد الأسير" فى صيدا والذى يسعى لطرد العائلات الشيعية من صيدا الذى يعرف أنه لم يعد يسيطر على أصوات الطائفة السنية فى لبنان بشكل كامل.
السفيرة الأمريكية تعرف أن وقوفها بجانب "تيار المستقبل"، يدفع بلبنان إلى مزيد من الاحتقان الذى يتم ترجمته إلى أحاديث وأحداث طائفية تدفع بلبنان إلى الانفجار الطائفى. كما أن ترسيخ حكم الإخوان فى مصر مطلوب حالياً لأنهم ضمانة المصالح الأمريكية حتى وإن كان ثمن ذلك استمرار الاحتقان السياسى واستمرار حالة الانفلات الأمنى والغليان فى الشارع.
الإجابة الضمنية على السؤال هنا، أن ازدياد الاحتقان السياسى فى مصر ولبنان يعطى مزيدا من الوقت لإسرائيل للانتهاء من تشكيل الحكومة والتوصل لصيغة ما تتفق على ضرب إيران ولاستمرار حالة الفوضى التى تعم المنطقة.