رئيس التحرير
عصام كامل

التوقعات والصدمات‏


من يلاحظ المنشورات على مواقع التواصل الاجتماعي يلاحظ كثيرا من الصدمات التي تلقى بظلالها على الناس..صدمات فيمن وضعوا ثقتهم فيهم، فمنهم من كان ينتظر رد جميل صنعه، ومنهم من ضاقت الدنيا في نظره بخسارة إنسان خسر معه كل ثقته في الآخرين وبدون استثناء.


العلاقات بين الناس عقد من عقود التوقعات، كل فرد يتوقع أن يجنى من الآخر ثمرة العلاقة، وأكثر التوقعات هي التوقع بجنى الطرفين أرباحًا مشتركة، وهى العلاقات التي تستمر لوجود الحافز على استمرارها، فالعلاقات التي تتمثل في وجود فرد عالة على الآخر يتوقع أن تنتهى في غير الصالح لأن هناك منافع تتحقق نتيجة خسائر إنسان آخر، وهو بالطبع مالا يقبله أي طرف لنفسه.

ومن خسر إنسانا لا يعمم الحادثة التي تعرض لها على كل الناس بحجة انهيار المبادئ والأخلاق وأن الدنيا أصبحت غابة لا نقدر أن نعيش فيها، فعلينا أن نخفض من توقعاتنا كلما انحدرت البيئة المحيطة وذلك بناءً على دراسة القيم التي يتبناها الأفراد، فمجتمع يحمل القيم كفيل بوجود الثقة بدون ترتيب، فمعايير القيم تحكم سلوك الأفراد بما يضمن عدم تعدى الناس حدودهم المفروضة عرفا اجتماعيا، وذلك عن مجتمع آخر لا يملك من القيم شيئا حيث لا يمكن أن تضع الثقة في أحد، ولا شك أن هذا سيؤثر بالفعل على سلوك الإنسان فعندما تغيب الثقة ننتظر سلوكًا عدوانيًا.

حين تنعدم ثقة الفرد في الآخرين لابد أن يؤثر ذلك على استقراره النفسي ومن يهتز استقراره النفسي توقع منه ردود أفعال تزيد عن المقدر من الفعل نفسه وفي النهاية يصبح تغيير البيئة المحيطة هو الحل لعودة الإنسان إلى وضعه المستقر.

ومن يقدم الخير ينتظر المقابل على أساس أن الحياة كما يقولون "هات وخد"، فالعطاء لا يقتصر على انتظار الوقت المناسب لرده، وتوقع أن يجنى الإنسان منه مصالح خفية تبنى على رد فعل يحقق منه الفرد فائدة ما، ولكن العطاء إن أردت أن تقدمه فقدمه بدون أن تنتظر ردًا، فإن أتى فذلك خير وإن لم يأتِ فالجزاء عند الله.

التوقعات أساس كل المشكلات فالواثق إلى درجة الخيال يتحمل جزاء ثقته في الآخرين فالإنسان فيه الخير والشر ومع أن هناك انهيارًا أخلاقيا نعترف به، فإن الحذر واجب وعند خيانة الثقة لا نلوم إلا أنفسنا فنحن من نعطى ونحن من نمنع الثقة.
الجريدة الرسمية