رئيس التحرير
عصام كامل

احتجاجات في النيجر ضد الرسوم المسيئة للرسول



خيّم الدخان على بلدة زندر التي يبلغ عدد سكانها مائتي ألف نسمة، والواقعة جنوبي النيجر والقريبة من نيجيريا، وتصاعد الدخان بعد حرق إطارات السيارات من طرف بعض المواطنين الغاضبين من الرسوم الكاريكاتورية للرسول محمد، والتي نُشرت في العدد الأول من الصحيفة الفرنسية الساخرة "شارلي إيبدو" بعد الهجوم الإرهابي على مكتبها في باريس.

أحد المتظاهرين اعتبر في حديث مع مراسل DW في عين المكان أن مثل ذلك غير مسموح به في القرآن.

النيجير شهدت تلك المظاهرات بداية الأسبوع الجاري، ولا يعرف في أي اتجاه ستتطور الأمور مستقبلا، فعلى المستوى الوطني لقي أكثر من عشرة أشخاص حتفهم خلال تلك الاحتجاجات حتى الآن، كما تم إضرام النيران ونهبت ست كنائس على الأقل، وفي أحد المطاعم توفيت امرأة كانت بداخله جراء إضرام النار فيه من قبل المتظاهرين.

دولة النيجر التي كانت مسرحًا لتلك الاحتجاجات محاطة ببؤر توتر عديدة في المنطقة. حيث تشهد ثلاث دول مجاورة أزمات سياسية خطيرة.

ففي الجنوب تتعرض نيجيريا لهجمات الميليشيات الإرهاببية التابعة لبوكو حرام، والتي حولت شمال البلاد إلى منطقة خارجة عن سيطرة الدولة، أما في الغرب فحكومة مالي تقاتل "تنظيم القاعدة في بلاد المغرب". وبخصوص ليبيا فهي تعيش على وقع أعمال العنف بين الجماعات المتنافسة التي يمكن أن تؤدي بالبلاد إلى هاوية سياسية. فالأسلحة المنتشرة في ليبيا تجد طريقها إلى جارتها الجنوبية النيجر.

في عام 2013 دعمت حكومة النيجر التدخل العسكري الفرنسي ضد الانفصاليين والإسلاميين في مالي، ما دفع بالجماعات الإرهابية الجهادية لإعلان بدء "الانتقام" من النيجر، وهو ما أسفر عن مقتل عدة أشخاص.

أمام هذه الهجمات لا تستطيع دولة النيجير الدفاع عن أمنها إلا بصعوبة، فهي تعتبر واحدة من بين أفقر دول العالم، ويصل فيها معدل الدخل السنوي لسكانها الذين يبلغ عددهم 17 مليون نسمة إلى 517 دولارا، في الوقت الذي تسجل فيه الكثافة السكانية تزايدًا مستمرًا.

يضاف إلى ذلك أن نحو 15 بالمائة من الأراضي غير صالحة للزراعة إطلاقًا بسبب أراضيها الصحراوية. ولذلك تجد الدولة صعوبات كبيرة لتمويل القطاعات الأساسية كالتعليم مثلا، كما تصل نسبة الأمية في النيجير إلى 90 بالمائة.

يستغل الإسلاميون المتطرفون نقط ضعف دولة النيجير، حيث تحولت الآن إلى جزء من من الحزام الإرهابي، الذي يمتد على طول منطقة الساحل الأفريقي، وتمول هذه الميليشيات نفسها من عمليات تهريب المخدرات والأسلحة. وتسعى أولا وقبل كل شيء، لاستقطاب السكان ولاعتناق إيديولوجياتها.

في النيجر يسود مذهب إسلامي تقليدي معتدل ومتسامح. وقد شهدت البلاد لفترة طويلة تمازجا بين الديانات الأفريقية والمعتقدات التقليدية، التي أثبتت قدرة كبيرة على التكيف فيما بينها، غير أن وجود جماعات جهادية في المناطق الحدودية، فضلا عن البرامج التليفزيونية الدينية التي يتم بثها من الجزيرة العربية على الخصوص، ويمكن استقبالها عبر الأقمار الصناعية، دفعت بالكثير من السكان لنهج مواقف التشدد والإعجاب بالجهاد.

هذا المحتوى من موقع دوتش فيل اضغط هنا لعرض الموضوع بالكامل

الجريدة الرسمية