رئيس التحرير
عصام كامل

طارق المهدي وجمهورية الإسكندرية !



شاءت الظروف في رمضان الماضي أن أذهب للإفطار في الإسكندرية مرتين..كانتا في المعمورة وبينهما عدة أيام..الأولى انطلقت من الطريق الصحراوي إلى الشاطبي فكورنيش الإسكندرية إلى المعمورة..والثانية من الصحراوي أيضا إلى الطريق الدولي بالإسكندرية ومنه تري الإسكندرية التي لا يرها أحد..مساحة شاسعة جدا وطريق ضيق.. ومن أماكن أقرب إلى الريف إلى أماكن أقرب للمدن..


طريق طويل ممتد على يمينه ملاحات وأراضٍ زراعية وعلي يساره عمران ممتد بعدة كيلو مترات وحتى البحر المتوسط..وكل ذلك يشكل نصف الإسكندرية تقريبا وخصوصا لو امتدت الرحلة إلى "أبو قير".. بينما لو اتجهت يسارا من الطريق الصحراوي -وقد ذهبنا الصيف الماضي أيضا مرتين- ستذهب إلى مسار شبيه ولكن إلى العجمي وما بعد العجمي من قرية النخيل وباقي مدن الساحل الشمالي..

أكثر من 2800 كيلو متر تقريبا مساحة الإسكندرية تصل إلى ثلاثة أضعاف دولة مثل البحرين وثلث دولة مثل لبنان !! بما يعني أن المسئولية ثقيلة جدا..صحيح أن من لا يقدر على تحمل المسئولية عليه أن يرحل..ونعم هناك محافظات أكبر من الإسكندرية وحالها ربما يكون أفضل رغم أنها لا تستقبل زوارا بقدر سكانها كالإسكندرية..لكن لم نر حملة على محافظ مثل التي نراها على اللواء طارق المهدي..وبالمناسبة فالرجل لا نعرفه ولا تربطنا به أي صلة..بل لو كنا نعرفه لكان انتقادنا له حتميا..

ولكن أي منصف سيضع يده على الظروف التي تولي فيها المهدي الإسكندرية سيلتمس الكثير له رغم أن الكثيرين يشيدون به كالكثيرون الذين يرفضون أداءه تماما.. المهدي هو المحافظ الخامس لعروس البحر المتوسط منذ ثورة يناير 2011 وهو ما يعني أن العاصمة الثانية تعرضت للتخبط ولعشوائية الإدارة وهو ما يضع عبئا للمحافظ الذي عليه مسئولية تصحيح ذلك.. فضلا عن أننا رأينا الإسكندرية بالفعل أفضل مما كانت عليه وقت الإخوان وقد هاجمنا محافظها وقتئذ وكانت في أسوأ ما يكون رغم تنطيط الأخ "حسن البرنس" !

الخلاصة: التجارب تقول إن أي محافظ يقترب من إمبراطوريات كبيرة يتعرض لهجوم كاسح وغير برىء على مستويات مختلفة..وقد اشتكي لنا - مثلا - محافظ الفيوم من مثل ذلك مع أصحاب الثروة والنفوذ وفاسدون كبار..بل وفي الإسكندرية نفسها حاربت قوي الفساد محافظا سابقا حتى استبعدوه بالفعل..فضلا عن أن عاما في الإسكندرية لا يكفي لتظهر نتائج جذرية لأي تجربة في الإدارة وفي ظل يد مغلولة عن الحسم كحال مصر كلها منذ 25 يناير وحيث إرضاء كل الناس يكاد يكون مستحيلا وحيث شغب وإرهاب لم يتوقف..

مصير طارق المهدي - اللواء المهذب المحترم - في علم الغيب ولا يعرفه إلا الله والقيادة السياسية..لكنها شهادة حق فيما رأيناه ونعرفه..ونلتمس العذر فيما لم نره ولم نعرفه!
الجريدة الرسمية