رئيس التحرير
عصام كامل

بالفيديو والصور.. «فيتو» تستشعر روحانية مجمع الأديان.. «أحمد»: «أحس بالارتياح النفسى».. «جرجس»:«أنا دائم التردد عليه منذ الصغر».. و«بيشوى»:


فور الوصول إلي محطة مار جرجس تستشعر الأجواء الروحانية المحملة بعبق التاريخ، وبمجرد أن تخرج من محطة المترو تتملكك حالة من الارتياح النفسى الشديد تأثرا بالأماكن الدينية، الأثرية حيث يستقبلك المتحف القبطى وتلتصق به الكنيسة المعلقة وكنيسة مار جرجس وكنيسة العذراء التى شرفت بتواجد عيسى بن مريم عليه السلام والعذراء خلال رحلتهما فى مصر والمعبد اليهودى الذى شهد عبادة سيدنا موسى لله الواحد الأحد وبجوارها مسجد عمرو بن العاص وهو أول مسجد بنى في مصر وإفريقيا ورابع مسجد بني في الإسلام بعد مساجد المدينة المنورة والبصرة والكوفة، فى مشهد مهيب يدل على تلاحم الأديان السماوية الثلاثة التي تدعو إلى الوحدة الوطنية والسماحة الدينية.


عاشت «فيتو» تلك الأجواء الروحانية لذلك المكان صاحب القيمة الدينية والتاريخة واستطلعت آراء الزائرين حول مكانة المجمع بالنسبة لهم.

كنيسة مار جرجس
داخل كنسية مار جرجس وبقرب موقده للشموع يشعل أحمد المصرى وابنته شموعا كأحد الطقوس الدينية رغم اختلاف ديانتهم لكنه يرى ان جميع الأديان واحدة ولا اختلاف بينها وقال: "أنا معتاد على المجىء كل فترة لزيارة مجمع الأديان بما يشتمله من كنائس ومتاحف ومعابد ومساجد لشعورى بالارتياح النفسى العميق عند زيارة هذه الأماكن المطهرة، وأنا لأول مرة أحضر ابنتى لزيارة المجمع ولكنى حرصت على توعيتها وتشجيعها على فهم وتقبل جميع الديانات السماوية"، مشيرا إلى أنه يقوم بوضع الشموع ليتبارك بها، بالاضافة إلى التبرع بالمال فى صندوق النذور الخاص بالكنيسة، لافتا إلى أنه شعر براحة عند قيامه بذلك مؤكدا أن كافة الأديان تهدف إلى عبادة الله باختلاف الطريقة والأسلوب لكن فى النهاية جميعها طرق لتواصل مع الله عز وجل.

فيما قالت ابنة أحمد المصرى: "إنها لأول مرة تأتى إلى كنيسة مار جرجس وتشعر بحالة من الفرحة السعادة وأحست بحالة روحانية جميلة تعبر عن جمال وقدسية المكان وذلك يجعلها تؤمن بتلاحم الأديان مهما كانت الاختلافات، مشيرة إلى أن الدين لله ولا أحد يستطيع أن يفرض طريقة عبادة معينة لأن أى إنسان من حقه أن يتقرب إلى الله بطريقته".

وعلى بعد أمتار من مدفن القديس مار جرجس يقف "جرجس فوزى" متأملا فى جمال المكان وعينه تملؤها المشاعر الدنية الجياشة وبالحديث معه قال: "إنه دائم التردد على المجمع منذ الصغر تيمنا بما يمثله مجمع الديان حيث إنه يحتوى على سبع كنائس فى نفس الوقت أهمها الكنيسة المعلقة والتى كانت المقر الباباوى فى السابق وكنيسة مار جرجس والتى تتبع طائفة الروم وكنيسة باربارة وكنيسة مار جرجس والتى يتبعها الأرثوذوكس المصريون وكنيسة مدافن مار جرجس والتى تتم فيها صلاة القداس على المتوفى وفيها بئر مياه يقال إن سيدنا عيسى ارتوى منه عند مروره بمصر، مشيرا إلى أنه يأتى إلى الكنيسة بشكل مستمر ليتبارك بها حيث تنتابه حالة من الهدوء والراحة النفسية التى تجعله يشعر بالأمان، مضيفا: أنه يزور جميع الأماكن المقدسة كالمعبد اليهودى ومسجد عمرو بن العاص لأنه يرى أن جميع الأديان تحث على عبادة إله واحد ولكن أسلوب العبادة يختلف من ديانة إلى أخرى".

وقال بيشوى: "إنه معتاد على المجىء خصيصا لزيارة كنيسة مار جرجس التى يأتى لها زوار من كل العالم للمباركة والتشفع بها لتحقيق أمنياتهم وأنه دائم التردد على صندوق الأمنيات والتبرعات ليكتب أمنيته لمار جرجس أملا منه فى تلبيتها، مشيرا إلى أن أغلب أمنياته التى تمناها من القديس مار جرجس لأنه رجل مبروك".

المعبد اليهودى
كان في الأصل معبدا ثم تحول إلى كنيسة حتى عهد أحمد بن طولون وعاد مرة أخرى كمعبد بعد أن اشترته الطائفة اليهودية وزعيمها في ذلك الوقت إبراهيم بن عزرا، ولهذا يطلق على المعبد أيضًا معبد بن عزرا ويتسم المعبد بثلاثة أنواع من النقشات والزخارف فهناك نقوش قبطية وأخرى يهودية وإسلامية لتمتزج جميع الفنون بالمعبد وذلك يرمز إلى تقارب الأديان وتلاحمها.

داخل المعبد اليهودي تجلس مديرة المعبد فى حالة من الهدوء تتابع حركة الزائرين التى تستقبلهم لفتات كتب عليه ممنوع التصوير وبالحديث معها قالت: "إن هذا المعبد كان فى الأصل كنيسة وشيدت منذ 1600 سنة ولكنها تحولت إلى معبد يهودى بسبب كثرة الديون على المسيحيين بسبب فرض الجزية وكان ذلك منذ 1200 سنة فقط، مضيفة: أن المعبد يحتوى على الزخارف الدينية الثلاث اليهودية والمسيحية والإسلامية فى جدرانه وأسقفه.

وأضافت: أن العبد يحتوى على غرفة عبادة خاصة تسمى قدس الأقداس ولم تكن تفتح إلا فى عيد الفصح فقط ومعلق على باب الغرفة "المازورة" وتشبه سعف النخيل ويتم تعليقها على الأبواب لتعم البركة على المكان والشمعدان المحيط بأرجاء المعبد يوحى على عدد الأيام الستة ويوجد ما يسمى بـ "الجنيزة" وهو صندوق يشبه السجل المدنى فى يومنا هذا ويتم وضع صور العقود للأملاك وعقود الزواج.

مسجد عمرو بن العاص
بنى عام 21 هـ، وهو أكبر وأقدم المساجد بأفريقيا، وقد شارك عدد من الصحابة في تصميمه وكان سقفه من الجريد والطين ومحمولاً على أعمدة من جزوع النخيل وارتفاعه منخفضا، أما الحوائط فمن الطوب اللبن وغير مطلية ولم يكن له صحن أما أرضه فكانت مفروشة بالقش، وبه بئر يُعرف بالبستان للوضوء، ولم يكن به مآذن ولا أية نوع من أنواع الزخارف سواء في الداخل أو الخارج وتزين أعمدته بالآيات القرآنية التى تضفى رونقا خلابا على الأعمدة بالإضافة إلى وجود بئر داخل المسجد يتبارك بها بعض الزائرين ويلقون بداخلها أموال كنذر وهو أحد المعتقدات الدينية.

يجلس "أحمد على" متكئا بظهره على إحدى المكتبات التى تحوى العديد من الكتب الدينية بمختلف اللغات داخل مسجد عمرو بالعاص ليقدمها للسائحين ليعرفهم بسماحة وحقيقة الدينى الإسلامى وقال: "إنه يقوم بتوزيع الكتب الدينية بالمجان على الزائرين من جميع أنحاء العالم  فتلك الكتب تشمل شرحا مفصلا عن الدين الإسلامى بكافة اللغات منها الإنجليزية والفرنسية والألمانية وغيرها من اللغات المختلفة.

وأشار إلى أنه يقوم بهذا العمل تطوعا منه كسبيل للدعوة الإسلامية وتصحيح المفاهيم المغلوطة والخاطئة عن الدين التى يروجها بعض المتشددين والمتطرفين لتشويه الفكر الإسلامى الصحيح، موضحا أنه يشعر براحة نفسية عند جلوسه بالمسجد وإقامة الصلاة به لأن مسجد عمرو بن العاص من أوائل المساجد التى بنيت فى مصر لهذا يعتبر ذلك المسجد أحد الأمكن المقربة إلى قلبه، لافتا إلى أنه يزور  مجمع الأديان سواء الكنائس الكائنة داخل المجمع أو المعبد اليهودى لأنها تمثل له قيمة تاريخية عظيمة تظهر ترابط الأديان ودليل على المواطنة والألفة في المجتمع المصرى الأصيل.
الجريدة الرسمية