أزمة الشيخ مخيون!
في لقاء الرئيس عبد الفتاح السيسي مع قيادات الأحزاب، عبر رئيس حزب النور يونس مخيون، عن مخاوفه من أن يفسر «الناس» دعوة الرئيس إلى تجديد الخطاب الديني على أنه تخلي عن ثوابت الشريعة، وقد تصدى الرئيس للرد بأن مصر لا يمكن أن تتخلى عن ثوابت الشريعة.
وما يشغل مخيون حقا ليس تفسير الناس لدعوة تجديد الخطاب الديني، إنما أن يتوافق مع قواعده التي بدأت بتشكك في تراجع مخيون عن الثوابت التي كان يتمسك بها من قبل، مثل عدم ولاية غير المسلم.. ورفض ترشح المرأة.
يسعى رئيس الحزب السلفي إلى امتصاص غضب قواعده وإقناعهم بأن الضرورات تبيح المحظورات، وأنه اضطر للالتزام بقانون الانتخابات البرلمانية ووافق على ترشح الأقباط والمرأة من أجل خوض المعركة الانتخابية.
وقد وجه رئيس الحزب السلفي من قواعده، بالفتاوى التي كانت تصدر عن شيوخ السلفية قبل ثورة ٢٥يناير بأن ترشح غير المسلم والمرأة «مفسدة» واليوم يتراجع الحزب عن ثوابته ويقبل ترشحهم، وقد تقبل بعض قواعد الحزب تفسير قياداته بأن حكم المرأة وغير المسلم ثابت لكن الفتوى متغيرة، وقد يقبلوا التفسير بأن ترشحهم «كأكل الميتة» لأن الضرورات تبيح المحظورات.
ولكن مخيون وقيادات الحزب السلفي يدركون أن من الصعب أن تقبل قواعد الحزب تجديد الخطاب الديني، لأن بضاعتهم تقتصر على كتب التراث، وأي محاولة لتنقيتها تفقدهم القواعد التي لا تفرق بين ثوابت الدين المنزلة من السماء، وبين الاجتهادات البشرية.. لذلك أصر مخيون على أن يثير قضية لم تكن مطروحة للنقاش في لقاء الرئيس بقادة الأحزاب ليحذر من التجديد وليعلن أن حزبه يتمسك بثوابت الشريعة.. وكأن الدولة تتخلى عن تلك الثوابت التي يضمنها الدستور.. ويؤكدها رئيس الدولة، بقوله «الدعوة إلى تجديد الفكر الديني لا تقتصر على الدين كجوهر ثابت.. بل تجديد الفكر الديني المحدود المتغير.. أو ما يفهمه الناس عن الدين».
والدعوة إلى تجديد الخطاب الديني تجد شبه إجماع من علماء الأزهر الأجلاء الذين أعلنوا أن التراث يحتاج إلى إعادة قراءة لتنقيته مما علق به من اجتهادات لا تتفق مع قيم العصر ولا تعبر عن صحيح الدين.. إنما هي اجتهادات بشر تقبل المراجعة.. كما أنها ليست منزلة من السماء بحيث لا تقبل النقاش.
وبين الادعاء بأن حزبه مدني.. والمبادئ التي تعارض كل ما هو مدني.. تكمن أزمة الشيخ مخيون.